للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْمَ الْأَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا» ، وَأَمَّا إنْ أَوْقَعَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ وَلَا لِلْمَأْمُومِينَ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يَرْجِعَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ) الطَّرِيقِ (الَّتِي أَتَى مِنْهَا) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَالنَّاسُ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ الْإِمَامِ فِي اسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَتَوْا مِنْهَا خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً (وَإِنْ كَانَ) خُرُوجُ الْإِمَامِ لِلْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدِ (فِي) يَوْمِ (الْأَضْحَى خَرَجَ) مَعَهُ (بِأُضْحِيَّتِهِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (إلَى الْمُصَلَّى فَذَبَحَهَا) إنْ كَانَ مِمَّا تُذَبَّحُ (أَوْ نَحَرَهَا) إنْ كَانَتْ مِمَّا تُنْحَرُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ (لِ) أَجْلِ أَنْ (يَعْلَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَيَذْبَحُونَ) أَوْ يَنْحَرُونَ (بَعْدَهُ) لِأَنَّهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الذَّبْحُ قَبْلَهُ، فَإِنْ ذَبَحَ أَحَدٌ قَبْلَهُ أَعَادَ اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَتَحَرَّوْا، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ تَحَرَّوْا، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى فَلِيَتَحَرَّ النَّاسُ ذَبَحَهُ بَعْدَ مَا يَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهِ وَيَذْبَحُونَ، وَتُجْزِئُهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فِي تَحَرِّيهِمْ بِأَنْ ذَبَحُوا قَبْلَهُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ إمَامُ الصَّلَاةِ أَوْ إمَامُ الطَّاعَةِ؟ قَوْلَانِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْأَوَّلُ.

(وَلْيَذْكُرْ) أَيْ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ (اللَّهَ) تَعَالَى عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ

ــ

[حاشية العدوي]

طُلُوعِ الْفَجْرِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَكَمَا لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْفَجْرِ نَافِلَةَ غَيْرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَذَا لَا يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ نَافِلَةً غَيْرَهَا، هَذَا وَجْهُ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بِالْمُصَلَّى قَبْلَهَا.

وَأَمَّا وَجْهُ كَرَاهَتِهِ فِيهَا بَعْدَهَا فَخَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ لَهَا الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا كَغَيْرِهَا خَلْفِ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمَعْصُومِ، وَلَا يُقَالُ: كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ يَجْرِي فِي التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ إذْ الْمَسْجِدُ يَطْلُبُ تَحِيَّتَهُ وَلَوْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ عِنْدَ جَمْعٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا جَوَازُهُ بَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَلِأَنَّهُ يَنْدُرُ حُضُورُ أَهْلِ الْبِدَعِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَتَأَمَّلْهُ.

[قَوْلُهُ: لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ] هَذَا الدَّلِيلُ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الْكَرَاهَةِ [قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ] أَيْ بَلْ يُنْدَبُ [قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُكْرَهُ كَالْمُصَلَّى، وَرَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ يَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا، وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ التَّنَفُّلَ يَوْمَ الْعِيدِ جُمْلَةً إلَى الزَّوَالِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

[قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ] اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ ذَلِكَ، فَقِيلَ: لِأَجْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ، وَقِيلَ: لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ [قَوْلُهُ: خَرَجَ مَعَهُ] أَيْ مَعَ نَفْسِهِ هَذَا إذَا كَانَ بَلَدُهُ كَبِيرَةً، وَكَانَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ احْتِرَازًا عَلَى الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ إخْرَاجُ ضَحِيَّةٍ لِعِلْمِهِمْ غَالِبًا بِذَبْحِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ أُضْحِيَّتَهُ.

[قَوْلُهُ: فَيَذْبَحُونَ بَعْدَهُ] أَيْ إذَا عَلِمُوا فَيَذْبَحُونَ فَهُوَ جَوَابُ شَرْطٍ غَيْرِ جَازِمٍ فَلَمْ يَحْذِفْ النُّونَ [قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَبَحَ أَحَدٌ قَبْلَهُ] لَا مَفْهُومَ لَهُ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ مَعَهُ.

قَالَ بَعْضٌ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا الصُّوَرُ التِّسْعُ الَّتِي فِي الْإِحْرَامِ، فَمَتَى ابْتَدَأَ بِالذَّبْحِ قَبْلَهُ لَمْ تَجْزِهِ ضَحِيَّةُ خَتَمَ الْأَوْدَاجَ وَالْحَلْقَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ، كَذَا إذَا ابْتَدَأَ مَعَهُ مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ احْتِيَاطًا لَا إنْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَتُجْزِئُ ضَحِيَّةً.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ] أَيْ بَلْ يَرْجِعُ لِيَذْبَحَهَا بِبَيْتِهِ مُرْتَكِبًا الْمَكْرُوهَ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ. [قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فِي تَحْرِيمِهِمْ] وَمَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ لَا إمَامَ لَهُ، وَيَتَحَرَّى مِنْ الْأَئِمَّةِ أَقْرَبَ إمَامٍ إلَيْهِ أَيْ لِكَوْنِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحَرِّي أَقْرَبَ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِ فَذَبَحَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَجْزِيه، وَحَدَّ بَعْضُهُمْ الْقُرْبَ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَأْتِي لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْهُ، أَيْ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْبَلَدِ الَّذِي بِهَا خَطِيبٌ فَقَطْ.

وَأَمَّا فِي مِثْلِ مِصْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى أَقْرَبَ إمَامٍ مِنْ أَقْرَبَ الْحَارَاتِ إلَى حَارَتِهِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا إمَامٌ يُضَحِّي؛ لِأَنَّ كُلَّ حَارَةٍ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ بَلَدٍ [قَوْلُهُ: إمَامُ الصَّلَاةِ] لِلْعِيدِ الْمُسْتَخْلَفِ عَلَيْهَا أَيْ الَّذِي يُصَلَّى خَلْفَهُ الْعِيدُ، وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ إمَامِ حَارَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا أَوْ فِيهَا كَمَجِيءِ نَائِبٍ عَنْهُ بِهَا؛ لِأَنَّ إمَامَ الْحَارَةِ مُسْتَخْلَفٌ بِالْفَتْحِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ [قَوْلُهُ: أَوْ إمَامُ الطَّاعَةِ] وَهُوَ الْعَبَّاسِيُّ فَيَلْزَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>