للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِي خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ) أَوْ غَيْرِهِ (فِي) عِيدِ (الْفِطْرِ وَ) فِي عِيدِ (الْأَضْحَى) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ دَلِيلُنَا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى» وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَوَاءٌ خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَصُحِّحَ.

وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ: لَا يُكَبِّرُ إذَا خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَفَهِمَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ الْمُدَوَّنَةَ وَشَهَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤْتَى بِهِ قَبْلُ وَقْتِهَا قِيَاسًا عَلَى الْأَذَانِ، وَهَذَا الذِّكْرُ غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ تَكْبِيرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَسَيَأْتِي وَالتَّكْبِيرُ الْمَذْكُورِ يَكُونُ (جَهَرًا) عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمِنْ يَلِيهِ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا قَالَ الْقَرَافِيُّ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ» وَهُوَ عَمَلُ السَّلَفِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ: (حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى الْإِمَامُ) غَايَةٌ لِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ دَلِيلُهُ حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيِّ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَالنَّاسُ كَذَلِكَ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ مِثْلُ الْإِمَامِ فِي ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَصِفَتِهِ، وَأَمَّا فِي الِانْتِهَاءِ فَيُخَالِفُونَهُ فِيهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَإِذَا دَخَلَ الْإِمَامُ لِلصَّلَاةِ) أَيْ لِمَحَلِّهَا وَيُرْوَى فِي الصَّلَاةِ (قَطَعُوا ذَلِكَ) التَّكْبِيرَ.

(وَ) السَّامِعُونَ لِلْخُطْبَةِ (يُكَبِّرُونَ) سِرًّا (بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِفِعْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

تَحَرِّي أَهْلَ بِلَادِهِ كُلِّهَا لِذَبْحِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَيْسَ حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ اللَّخْمِيُّ قَالَ الْخَلِيفَةُ: أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ لِلصَّلَاةِ وَصَاحِبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَقُولُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَهُوَ إمَامُ الصَّلَاةِ عَلَى تَقْدِيرِ اخْتِلَافِهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ الزَّرْقَانِيِّ.

[قَوْلُهُ: وَلْيَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى فِي خُرُوجِهِ] يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ قَبْلَ الْخُرُوجِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: يَدْخُلُ زَمَنُ التَّكْبِيرِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَعَلَيْهِ فَعَلَ أَهْلُ الْأَرْيَافِ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ] بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مِنْ انْصِرَافِ صَلَاةِ الصُّبْحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَوَّلُ لَا سِيَّمَا فِي الْأَضْحَى تَحْقِيقًا لِلشَّبَهِ بِأَهْلِ الْمَشْعَرِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ذَكَرَ إلَخْ] قَالَ عَجَّ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ قَبْلَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَمَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا الذِّكْرُ] أَيْ التَّكْبِيرُ [قَوْلُهُ: غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ مَالِكٍ] أَيْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَدْ سَأَلَ سَحْنُونٌ ابْنَ قَاسِمٍ هَلْ عَيَّنَ مَالِكٌ التَّكْبِيرَ، فَقَالَ: لَا اهـ.

أَيْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ [قَوْلُهُ: وَاسْتُحِبَّ إلَخْ] مُقَابِلُ قَوْلِهِ: غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ مَالِكٍ [قَوْلُهُ: تَكْبِيرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ] أَيْ يَذْكُرُ فِي خُرُوجِهِ التَّكْبِيرَ الَّذِي يُفْعَلُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ دُبْرَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهُ، وَقَدْ بَيَّنَهُ مَيَّارَةُ بِقَوْلِهِ: وَاخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا هُدَانَا اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَك مِنْ الشَّاكِرِينَ اهـ.

[قَوْلُهُ: يَكُونُ جَهْرًا] أَيْ نَدْبًا كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْخُرُوجِ النَّدْبُ وَحِكْمَةُ الْجَهْرِيَّةِ إيقَاظُ الْغَافِلِ وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ.

[قَوْلُهُ: فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ مِثْلُ الْإِمَامِ إلَخْ] وَيُكَبِّرُ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ فِي الطَّرِيقِ وَفِي الْمُصَلَّى وَلَا يُكَبِّرُونَ جَمَاعَةً؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ قَالَ ابْنُ نَاجِي: افْتَرَقَ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِمَحْضَرِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَإِذَا فَرَغَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ التَّكْبِيرِ وَسَكَتَتْ أَجَابَتْ الْأُخْرَى فَسُئِلَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا: إنَّهُ لَحَسَنٌ. ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ النَّاسِ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ بِأَفْرِيقِيَّةِ بِمَحْضَرِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَكَابِرِ الشُّيُوخِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ لِمَحَلِّهَا] وَيُرْوَى فِي الصَّلَاةِ إلَخْ. أَيْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي انْتِهَاءِ تَكْبِيرِهِمْ فَقِيلَ: دُخُولُ الْإِمَامِ فِي الْمُصَلَّى وَقِيلَ فِي الصَّلَاةِ كَذَا ذَكَرَ عَجَّ. [قَوْلُهُ: يُكَبِّرُونَ بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ] الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُخَلِّلَ الْخُطْبَتَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ كَمَا أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ لَا فِي الِاسْتِفْتَاحِ، وَلَا فِي التَّخْلِيلِ وَيُنْدَبُ لِلْمُسْتَمِعِينَ التَّكْبِيرُ بِتَكْبِيرِهِ.

وَقَوْلُهُ: سِرٌّ مَنْدُوبٌ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] وَقِيلَ: لَا يُكَبِّرُونَ حَكَاهُ تت وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ الْغَمِيرَةِ، وَوَجْهُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَتَّصِلَ ذَلِكَ فَيَمْنَعُ النَّاسُ الْإِنْصَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>