للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُنْصِتُونَ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (فِيمَا سِوَى ذَلِكَ) التَّكْبِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَمِعُوا لَهُ فَأَشْبَهَتْ الْجُمُعَةَ (فَإِنْ كَانَتْ) الْأَيَّامُ (أَيَّامَ النَّحْرِ) وَيَجُوزُ رَفْعُ أَيَّامٍ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ أَيْ فَإِنْ حَضَرَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ (فَلْيُكَبِّرْ النَّاسُ) اسْتِحْبَابًا (دُبُرَ الصَّلَوَاتِ) الْمَفْرُوضَاتِ الْحَاضِرَةِ قَبْلَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ وَالْفَذَّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَاحْتَرَزْنَا بِالْمَفْرُوضَاتِ مِنْ النَّوَافِلِ وَبِالْحَاضِرَةِ مِنْ الْفَائِتَةِ وَابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ إثْرَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ (مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ) وَانْتِهَاؤُهُ (إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ (وَهُوَ) أَيْ الْيَوْمُ الرَّابِعُ (آخِرُ أَيَّام مِنًى) وَرَفَعَ بِقَوْلِهِ: كَ (يُكَبِّرُ إذَا صَلَّى الصُّبْحَ) الْإِبْهَامَ فِي قَوْلِهِ: إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إلَى فِيهِ لِلْغَايَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ. (ثُمَّ) إذَا فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (يَقْطَعُ وَالتَّكْبِيرُ) الَّذِي يُكَبِّرُهُ النَّاسُ (دُبُرَ الصَّلَوَاتِ) لَهُ صِفَتَانِ إحْدَاهُمَا (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) وَالثَّانِيَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ جَمَعَ مَعَ التَّكْبِيرِ تَهْلِيلًا وَتَحْمِيدًا فَحَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ الْجَمْعِ بِقَوْلِهِ: (يَقُولُ إنْ شَاءَ ذَلِكَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ هَذَا) مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحَبَّهَا ابْنُ الْجَلَّابِ.

(وَ) رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا (الْأَوَّلُ) مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِمَشْهُورِيَّتِهِ (وَالْكُلُّ وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ ع: وَانْظُرْ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ تَفْضِيلُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ وَلِمَ تَقَدَّمَ لَهُ الْأَمْرُ بِالذِّكْرِ فِي خُرُوجِهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَانَ مُرَادُهُ بِهِ الذِّكْرَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨] وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣]

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَيُنْصِتُونَ] أَيْ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِصْغَاءُ لِلْخُطْبَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُهَا [قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَرَوَى أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ الْكَلَامَ فِيهَا لَيْسَ كَالْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ، إذَا عَلِمْت هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فَلَا تَفْهَم أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ حِكَايَتِهِمَا بَلْ هُمَا مُتَّفِقَتَانِ عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ مَنْدُوبٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْأَيَّامُ إلَخْ] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّ فِي كَانَ ضَمِيرًا أَيْ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَيْ الْأَيَّامُ أَيَّامَ النَّحْرِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى تَمَامِ كَانَ وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي أَيْ فَإِنْ حَضَرَتْ اهـ.

[قَوْلُهُ: دُبْرَ الصَّلَوَاتِ] أَيْ أَثْرَ السُّجُودِ الْبَعْدِي، وَإِذَا سَلَّمَ الْمُصَلِّي مِنْ الْفَرِيضَةِ وَنَسِيَ التَّكْبِيرَ أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَعَ الْقُرْبِ، وَالْقُرْبُ هُنَا كَالْقُرْبِ فِي الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ، وَإِذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَالْمَأْمُومُ يُنَبِّهُهُ وَلَوْ بِالْكَلَامِ، فَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْهُ أَوْ لَمْ يَنْتَبِهْ كَبَّرَ وَلَا يَتْرُكْهُ.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: فَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ فِي غَيْرِ دُبْرِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.

[قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّسْبِيحِ] أَيْ وَقَبْلَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ. [قَوْلُهُ: لِلْغَايَةِ] أَيْ وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ [قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ] ثَلَاثًا بِالْإِعْرَابِ إلَّا أَنْ يَقِفَ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ وَالْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ.

[قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِمَشْهُورِيَّتِهِ] أَيْ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: وَالْكُلُّ وَاسِعٌ] قَالَ بَعْضٌ: وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْيِينُ شَيْءٍ مِنْ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ.

[قَوْلُهُ: أَيْ جَائِزٌ] أَيْ مَأْذُونٌ فِيهِ. [قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَلْ يُؤْخَذُ إلَخْ] قُلْت: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَفْضِيلُ الْأُولَى الَّتِي قُلْنَا: إنَّهَا الْمُعْتَمَدَةُ.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ مُرَادُهُ بِهِ الذِّكْرَ] وَمَعْنَى كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّ الذِّكْرَ الَّذِي يُقَالُ فِي الْخُرُوجِ لِلْعِيدِ هُوَ الذِّكْرُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ.

قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي آيَةِ الْحَجِّ. وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ وَقَالَ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَذِكْرُهُ فِيهَا التَّكْبِيرُ إدْبَارَ الصَّلَوَاتِ وَعِنْدَ الْجِمَارِ، وَسُمِّيَتْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِأَنَّ النَّاسَ يُشَرِّقُونَ اللَّحْمَ فِيهَا أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>