للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّمْسِ تُفْعَلُ جَمَاعَةً وَفُرَادَى، أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَلِذَا بَدَأَ بِهِ فَقَالَ: (إذَا خَسَفَتْ الشَّمْسُ) كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا (خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الْمَسْجِدِ فَ) إذَا وَصَلَ إلَيْهِ (افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ عَدَدٌ مَحْصُورٌ كَالْجُمُعَةِ (بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّهَا بِأَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ وَلَا يَقُولُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُهَا وَاسْتَحْسَنَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ.

وَيُكَبِّرُ فِي افْتِتَاحِهِ كَالتَّكْبِيرِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِذَا كَبَّرَ افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ (ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً سِرًّا) عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ كَذَلِكَ وَحَدُّهَا أَنْ تَكُونَ (بِنَحْوِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ) لَفْظَةُ نَحْوِ مَقْحَمَةٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَتِهَا (يَرْكَعُ رُكُوعًا طَوِيلًا نَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي قَرَأَ فِي التَّقْدِيرِ.

وَيَذْكُرُ اللَّهَ فِي رُكُوعِهِ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا يَدْعُو (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يَرْفَعُ رَأْسَهُ) مِنْ الرُّكُوعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ (يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) وَالْمَأْمُومُ يَقُولُ رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يَقْرَأُ) الْفَاتِحَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا قِرَاءَةً (دُونَ قِرَاءَتِهِ الْأُولَى) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بِآلِ عِمْرَانِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ (يَرْكَعُ نَحْوَ) طُولِ (قِرَاءَتِهِ الثَّانِيَةِ) وَيُسَبِّحُ فِي رُكُوعِهِ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا يَدْعُو (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ مَعَ الرُّكُوعِ الْمَذْكُورِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُونَ كَذَلِكَ وَهُوَ (يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) .

وَيَقُولُ الْمَأْمُومُونَ: رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ (ثُمَّ يَسْجُدُ) هُوَ وَالْمَأْمُومُونَ (سَجْدَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ) أَيْ بِطُمَأْنِينَةٍ وَهَلْ يُطَوِّلُهُمَا كَالرُّكُوعِ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ (يَقُومُ فَيَقْرَأُ) الْفَاتِحَةَ وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا قِرَاءَةً (دُونَ قِرَاءَتِهِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ) أَيْ قِرَاءَتِهِ الَّتِي فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَالُوا: يُؤْمَرُ بِهَا كُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ، وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهَا إلَّا مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ إلَخْ] فَالْجَمَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِدِ [قَوْلُهُ: خَرَجَ الْإِمَامُ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: إلَى الْمَسْجِدِ] مَخَافَةَ انْجِلَائِهَا قَبْلَ وُصُولِ الْمُصَلِّي [قَوْلُهُ: فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ إلَخْ] يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْإِمَامِ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَدْرِ مَا إذَا وَصَلَ حَلَّتْ وَوَقْتُهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ، فَلَوْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً اُنْتُظِرَ بِفِعْلِهَا حِلُّ النَّافِلَةِ، وَلَوْ كُسِفَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يُصَلِّهَا [قَوْلُهُ: وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَادَى فِيهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ [قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ عِيَاضٌ] أَيْ عَدَّ قَوْلَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أَمْرًا حَسَنًا أَيْ مُسْتَحَبًّا [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ نَدْبًا إذْ لَا خُطْبَةَ لَهَا.

وَعَنْ مَالِكٍ جَهْرًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَتَأَكَّدُ نَدَبَ الْإِسْرَارِ كَتَأَكُّدِ نَدْبِ الْجَهْرِ فِي الْوِتْرِ [قَوْلُهُ: لَفْظَةُ نَحْوَ مُقْحَمَةٌ] أَيْ زَائِدَةٌ فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي ذِكْرِهَا.

وَالْجَوَابُ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَطْلَقَ النَّحْوَ عَلَى الشَّيْءِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ الْمُخْتَصَرِ وَقِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ إلَخْ يَدُلُّ لِلشَّارِحِ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ مَا أَشَارَ لَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: إنَّمَا قَالَ نَحْوَ إشَارَةً إلَى أَنَّ النَّدْبَ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ السُّورَةِ بَلْ الْمُرَادُ هِيَ أَوْ قَدْرُهَا [قَوْلُهُ: نَحْوَ ذَلِكَ] أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ فِي الطُّولِ لَا أَنَّهُ مُسَاوِيهِ [قَوْلُهُ: يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ] عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا رَكْعَتَانِ وَالرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُكَرَّرُ فِيهَا الْفَاتِحَةُ مَرَّتَيْنِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قِيَامٌ ثَانٍ بَعْدَ رُكُوعٍ اُبْتُدِئَتْ فِيهِ قِرَاءَةٌ، وَكُلُّ قِرَاءَةٍ اُبْتُدِئَتْ فِي قِيَامٍ يَعْقُبُهَا رُكُوعٌ، فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا [قَوْلُهُ: يَرْكَعُ نَحْوَ طُولِ إلَخْ] أَيْ تُقَارِبُ قِرَاءَتَهُ الثَّانِيَةَ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي.

[قَوْلُهُ: وَهَلْ يُطَوِّلُهُمَا كَالرُّكُوعِ] أَيْ الثَّانِي بِحَيْثُ يَقْرَبَانِ مِنْهُ فِي الطُّولِ نَدْبًا لَا أَنَّهُمَا كَهُوَ [قَوْلُهُ: مَشْهُورُهُمَا الْأَوَّلُ] وَتَكُونُ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ أُقْصَرَ مِنْ الْأُولَى [قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ] أَيْ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ أَيْ بَلْ هُوَ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَاكِهَانِيُّ [قَوْلُهُ: دُونَ] أَيْ أَقْصَرُ زَمَنًا مِنْ زَمَنِ قِرَاءَتِهِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ [قَوْلُهُ: أَيْ قِرَاءَتِهِ] تَفْسِيرٌ لِقِرَاءَتِهِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ دُونَ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ مَرْجِعِ اسْمِ الْإِشَارَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعُودُ عَلَى الْقِيَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>