للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى خُسُوفِ الْقَمَرِ فَقَالَ: (وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ جَمَاعَةٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ أَنَّ النَّهْيَ عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا الْجَمْعُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْمَعْ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَاللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ. وَقَوْلُهُ: (وَلْيُصَلِّ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ خُسُوفِ الْقَمَرِ (أَفْذَاذًا) بِذَالَيْنِ مُجْتَمِعَتَيْنِ أَيْ فُرَادَى فِي مَنَازِلِهِمْ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

وَقَوْلُهُ: (وَالْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرًا) تَكْرَارٌ وَرَفَعَ بِقَوْلِهِ: (كَسَائِرِ رُكُوعِ النَّوَافِلِ) مَا يُتَوَهَّم فِي قَوْلِهِ: وَلْيُصَلِّ النَّاسُ إلَخْ. لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَيْئَةِ النَّوَافِلِ رَكْعَتَيْنِ غَيْرِ نِيَّةٍ تَخُصُّهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى صِفَةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ (وَلَيْسَ فِي إثْرِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَيَفْتَحُهُمَا أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ (صَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ وَلَا قَبْلَهَا خُطْبَةٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ (مَرْتَبَةٌ) لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ نَقَلُوا صِفَةَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ فِيهَا، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ» فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَتَى بِكَلَامٍ مَنْظُومٍ فِيهِ حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَاةٌ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوْعِظَةٌ عَلَى سَبِيلِ مَا يُؤْتَى بِهِ فِي الْخُطْبَةِ.

وَظَاهِرُ

ــ

[حاشية العدوي]

بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ. وَظَاهِرُ سَنَدٍ أَنَّ الْفَاتِحَةَ سُنَّةٌ فِي الْأَوَّلِ وَفَرْضٌ فِي الثَّانِي، وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ.

وَابْنُ نَاجِي فَرْضِيَّتُهَا قَطْعًا فِي أَوَّلِ كُلِّ قِيَامٍ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِي فَرْضِيَّتِهَا وَسُنِّيَّتِهَا فِي كُلِّ قِيَامٍ ثَانٍ، وَلَوْ انْجَلَتْ كُلُّهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ هَلْ تُصَلَّى عَلَى هَيْئَتِهَا بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ أَوْ إنَّمَا تُصَلَّى كَالنَّوَافِلِ بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَاحِدٍ وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ؟ قَوْلَانِ، وَأَمَّا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا أَتَمَّهَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا بِاتِّفَاقٍ كَمَا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا انْجَلَتْ بَعْدَ تَمَامِ شَطْرِهَا، وَأَمَّا إذَا انْجَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ الشَّطْرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا كَالنَّوَافِلِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِالْقَطْعِ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ جَمَاعَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ] مُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ابْنِ نَاجِي [قَوْلُهُ: إنَّ النَّهْيَ عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ] أَيْ فَهُوَ حَرَامٌ كَمَا أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجَمْعَ لَهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ [قَوْلُهُ: وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ] مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ تَكْرَارٌ خَبَرٌ [قَوْلُهُ: أَيْ فُرَادَى إلَخْ] وَهُوَ الْأَفْضَلُ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا فِي الْمَسْجِدِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَيْ فُرَادَى فَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ بَيْنَ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ مُعَنْوَنًا فِيهِ بِالْمَشْهُورِ [قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ] أَمَّا الطَّرَفُ الْأَوَّلُ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَلْيُصَلِّ فَمُسَلَّمٌ أَنَّهُ تَكْرَارٌ، وَأَمَّا الطَّرَفُ الثَّانِي أَعْنِي قَوْلَهُ: وَالْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرًا فَلَا تَكْرَارَ، نَعَمْ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا لَيْلِيَّةً أَنْ تَكُونَ جَهْرًا وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ أَعْنِي الْقِرَاءَةَ فِيهَا جَهْرًا مِنْ شُرُوحِ تت، وَلَا مِنْ شُرُوحِ التَّحْقِيقِ وَلَعَلَّ نَصْبَ جَهْرًا عَلَى أَنَّهَا خَبَرٌ لَكَانَ مَحْذُوفَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ: وَالْقِرَاءَةُ تَكُونُ فِيهَا جَهْرًا.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ] أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ وَلْيُصَلِّ إلَخْ مُحْتَمِلٌ لِأَمْرَيْنِ، أَوَّلُهُمَا مُرَادٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ مُرَادٍ، فَأَتَى بِقَوْلِهِ كَسَائِرِ إلَخْ تَنْصِيصًا عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ وَنَفْيًا لِلثَّانِي الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْمُرَادِ [قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ تَخُصُّهَا] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ عَدَمُ افْتِقَارِهَا لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا كَسَائِرِ النَّوَافِلِ بِخِلَافِ خُسُوفِ الشَّمْسِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ النَّدْبِ يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ فَقَطْ وَكَذَا يُنْدَبُ أَنْ تُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى تَنْجَلِيَ. تَتِمَّةٌ:

وَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ فَإِنْ طَلَعَ مَكْسُوفًا بُدِئَ بِالْمَغْرِبِ وَيَفُوتُ فِعْلُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تُفْعَلُ بَعْدَهُ وَلَوْ مَعَ تَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يُخْسَفْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَذَا لَوْ خُسِفَ لَيْلًا وَأَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى غَابَ فَلَا يُصَلِّي.

[قَوْلُهُ: خُطْبَةٌ مُرَتَّبَةٌ] أَيْ بِحَيْثُ يَجْلِسُ فِي أَوَّلِهَا وَفِي وَسَطِهَا [قَوْلُهُ: فَخَطَبَ النَّاسَ] أَيْ لِلنَّاسِ [قَوْلُهُ: بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>