بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُبْتَدِي لِقِرَاءَتِهَا وَالْمُنْتَهِي لِمُطَالَعَتِهَا، اقْتَصَرَتْ فِيهِ عَلَى حَلِّ أَلْفَاظِهَا وَذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالصَّحَابِيُّ مَنْ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنًا وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ، سَوَاءٌ طَالَ اجْتِمَاعُهُ بِهِ أَوْ لَمْ يَطُلْ، بِخِلَافِ التَّابِعِيِّ مَعَ الصَّحَابِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ طُولِ اجْتِمَاعِهِ بِالصَّحَابِيِّ حَتَّى يُسَمَّى تَابِعِيًّا. [قَوْلُهُ: وَعِتْرَتِهِ] قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنْ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ الْعِتْرَةَ وَلَدُ الرَّجُلِ وَذُرِّيَّتُهُ وَعَقِبُهُ مِنْ صُلْبِهِ، وَلَا تَعْرِفُ الْعَرَبُ مِنْ الْعِتْرَةِ غَيْرَ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْعِتْرَةُ وَالرَّهْطُ بِمَعْنًى، وَرَهْطُ الرَّجُلِ قَوْمُهُ وَقَبِيلَتُهُ الْأَقْرَبُونَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ الْعِتْرَةُ أَخَصَّ مِنْ الْآلِ، فَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ بِلَصْقِهِ وَعَلَى الثَّانِي أَعَمُّ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: آمِينَ] كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، اسْمُ فِعْلٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ مُتَعَلِّقٌ بِالْجُمَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ. [قَوْلُهُ: تَلْخِيصًا] مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِقَوْلِهِ لَخَّصْته. [قَوْلُهُ: مُجْتَنِبًا] حَالٌ مِنْ فَاعِلِ لَخَّصْته، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ حَسَنًا، أَوْ أَنَّ الْحُسْنَ مِنْ جِهَةِ بَلَاغَةِ نَظْمِهِ.
[قَوْلُهُ: التَّطْوِيلُ إلَخْ] التَّطْوِيلُ كَمَا أَفَادَهُ أَهْلُ الْمَعَانِي الزِّيَادَةُ عَلَى أَصْلِ الْمَعْنَى لَا لِفَائِدَةٍ، وَلَا يَكُونُ الزَّائِدُ مُتَعَيِّنًا كَقَوْلِهِ:
وَأَلْفَى قَوْلَهَا ... كَذِبًا وَمَيْنًا
فَإِنَّ الْمَيْنَ هُوَ الْكَذِبُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ مُتَعَيِّنًا فَهُوَ الْحَشْوُ كَقَوْلِهِ:
وَأَعْلَمُ عِلْمَ ... الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ
فَإِنَّ قَوْلَهُ قَبْلَهُ مُتَعَيِّنٌ لِلزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهِ أَمْسِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّطْوِيلَ لُغَةً وَهُوَ كَثْرَةُ الْعِبَارَاتِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَائِدَةٌ. [قَوْلُهُ: الْمُمِلَّ] أَيْ الْمُورِثَ لِلْمَلَلِ وَالسَّآمَةِ.
[قَوْلُهُ: وَالِاخْتِصَارَ] هُوَ تَقْلِيلُ الْأَلْفَاظِ، [وَقَوْلُهُ: الْمُخِلَّ] أَيْ الَّذِي يَتَعَذَّرُ مَعَهُ فَهْمُ الْمَعْنَى أَوْ يَتَعَسَّرُ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ الْمَنْفِيَّ الْمُقَيَّدَ بِقَيْدٍ يَتَسَلَّطُ النَّفْيُ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ، وَالنَّفْيُ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ لَفْظُ مُجْتَنِبًا أَيْ فَالْمَنْفِيُّ هُنَا الْإِمْلَالُ وَالْخَلَلُ، فَيُفِيدُ ثُبُوتَ أَصْلِ التَّطْوِيلِ وَأَصْلِ الِاخْتِصَارِ، وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ، وَأَمَّا عِنْدَ تَعَدُّدِهِ كَأَنْ يَكُونَ التَّطْوِيلُ فِي مَوْضِعٍ وَالِاخْتِصَارُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَا تَنَافِي فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ] عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ حَسَنًا أَوْ مُجْتَنِبًا. [قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ] أَتَى بِهِ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] [قَوْلُهُ: الْمُبْتَدِي إلَخْ] هُوَ مَنْ حَصَّلَ شَيْئًا مَا مِنْ الْفَنِّ وَالْمُنْتَهِي مَنْ حَصَّلَ أَكْثَرَهُ وَصَلُحَ لِإِفَادَتِهِ.
قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا: وَمُفَادُهُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ لِلشُّرُوعِ أَوْ لَمْ يُحَصِّلْ لَا يُقَالُ فِيهِ مُبْتَدِئٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبْتَدِئَ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي هَذَيْنِ، وَاَلَّذِي حَصَّلَ شَيْئًا أَيْ قَلِيلًا وَقَصَرَ النَّفْعَ عَلَى الْمُبْتَدِئِ وَالْمُنْتَهِي مَعَ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ كَذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ الْمُنْتَهِي بِالْأَوْلَى، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ مَنْ حَصَّلَ نِصْفَهُ أَوْ أَكْثَرَهُ وَلَمْ يَصْلُحْ لِإِفَادَتِهِ، وَإِذَا كَانَ مَنْ حَصَّلَ أَكْثَرَهُ وَصَلُحَ لِإِفَادَتِهِ مُنْتَهِيًا فَلْيَكُنْ مَنْ حَصَّلَ كُلَّهُ وَصَلُحَ لِإِفَادَتِهِ مُنْتَهِيًا بِالْأَوْلَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ حَصَّلَ كُلَّهُ وَلَمْ يَصْلُحْ لِإِفَادَتِهِ يُقَالُ لَهُ مُتَوَسِّطٌ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْصِيلِ الشَّيْءِ الصَّلَاحِيَّةُ لِلْإِفَادَةِ وَفِيهِ مَا فِيهِ.
[قَوْلُهُ: لِقِرَاءَتِهَا] اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي حَالِ قِرَاءَتِهَا، وَالْمَانِعُ مِنْ إبْقَائِهَا عَلَى أَصْلِهَا صِدْقُهُ بِاَلَّذِي حَصَّلَ الْعِلْمَ مِنْ غَيْرِهَا، وَأَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ قِرَاءَتَهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ مُبْتَدِئٌ. [قَوْلُهُ: لِمُطَالَعَتِهَا] أَيْ فِي حَالِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا، فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: طَالَعَهُ طِلَاعًا وَمُطَالَعَةً اطَّلَعَ عَلَيْهِ اهـ.
[قَوْلُهُ: اقْتَصَرْت فِيهِ عَلَى حَلِّ أَلْفَاظِهَا] أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ بَيَانَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَبَيَانَ الْمَعْنَى، وَفِي الْعِبَارَةُ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَتَخْيِيلٌ، فَشَبَّهَ الْأَلْفَاظَ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ