للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَعَادَ عَلَيْنَا وَعَلَى أَحْبَابِنَا مِنْ بَرَكَاتِهِ وَنَفَعَنَا بِعُلُومِهِ وَجَعَلَنَا مِنْ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَعِتْرَتِهِ آمِينَ تَلْخِيصًا حَسَنًا مُجْتَنِبًا فِيهِ التَّطْوِيلَ الْمُمِلَّ وَالِاخْتِصَارَ الْمُخِلَّ لِيَنْتَفِعَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَخْصُوصَةُ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ كَانَتْ الْخُطْبَةُ مُتَقَدِّمَةً عَلَى التَّأْلِيفِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ أَعْرَاضٌ تَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهَا فَشَبَّهَهَا بِمَحْسُوسٍ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ حَاضِرٍ بِجَامِعِ التَّعَيُّنِ، وَاسْتَعَارَ لَهَا لَفْظَ هَذَا، الْمَوْضُوعُ لِلْمُشَاهِدِ الْمَحْسُوسُ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً.

[قَوْلُهُ: تَعْلِيقٌ] أَيْ مُعَلَّقٌ أَيْ مَوْضُوعٌ، فَالْمَصْدَرُ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَوْ أَنَّ تَعْلِيقَ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْمُؤَلَّفِ. [قَوْلُهُ: لَطِيفٌ] قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ: اللَّطِيفُ رَقِيقُ الْقَوَامِ أَوْ كَوْنُهُ شَفَّافًا لَا يَحْجُبُ الْبَصَرَ عَنْ إدْرَاكِ مَا وَرَاءَهُ اهـ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي قَلِيلِ الْأَلْفَاظِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ سَهْلِ الْمَأْخَذِ عَلَى الثَّانِي عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ التَّبَعِيَّةِ، أَوْ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْكَافِ أَيْ كَاللَّطِيفِ، فَقَدْ شَبَّهَ قِلَّةَ الْأَلْفَاظِ أَوْ سُهُولَةَ الْمَأْخَذِ بِرِقَّةِ الْقَوَامِ أَوْ الشَّفَّافِيَّةِ، وَاسْتُعِيرَ اللُّطْفُ الَّذِي هُوَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ، وَاشْتُقَّ مِنْ اللُّطْفِ بِمَعْنَى قِلَّةِ الْأَلْفَاظِ أَوْ سُهُولَةِ الْمَأْخَذِ لَطِيفٌ بِمَعْنَى قَلِيلِ الْأَلْفَاظِ أَوْ سَهْلِ الْمَأْخَذِ هَذَا عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وَأَمَّا عَلَى التَّشْبِيهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.

[قَوْلُهُ: لَخَّصْتُهُ] أَيْ جَمَعْتُهُ أَيْ أُلَخِّصُهُ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّأْلِيفِ أَوْ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ عَلَى أَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ، وَيُعَيِّنُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ بَعْدُ، وَاَللَّهَ أَسْأَلُهُ الْمَعُونَةَ عَلَى ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: مِنْ شَرْحَيْ الْوَسَطِ وَالْكَبِيرِ] اعْلَمْ أَنَّ لِلشَّارِحِ شُرُوحًا سِتَّةً عَلَى هَذَا الْكِتَابِ بَيَّنَهَا الْفِيشِيُّ بِقَوْلِهِ: الْأَوَّلُ غَايَةُ الْأَمَانِيِّ.

وَالثَّانِي تَحْقِيقُ الْمَبَانِي.

وَالثَّالِثُ تَوْضِيحُ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي.

وَالرَّابِعُ تَلْخِيصُ التَّحْقِيقِ.

وَالْخَامِسُ الْفَيْضُ الرَّحْمَانِيُّ.

وَالسَّادِسُ كِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ وَالْكَبِيرُ هُوَ غَايَةُ الْأَمَانِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَسَطِ تَحْقِيقَ الْمَبَانِي كَمَا وَجَدَتْ تَقْيِيدًا يُقَيِّدُهُ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَهُ تَأْلِيفٌ عَلَى الْعَقِيدَةِ مُسْتَقِلٌّ وَتَآلِيفُ شَتَّى، وَقَوْلُهُ: عَلَى رِسَالَةِ حَالٌ إمَّا مِنْ شَرْحَيْ أَوْ مِنْ الْوَسَطِ وَالْكَبِيرِ.

قَالَ (عج) : وَسُمِّيَتْ رِسَالَةً لِلسُّلُوكِ بِهَا مَسْلَكَ الرَّسَائِلِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ عَادَةً. [قَوْلُهُ: رَحِمَهُ اللَّهُ إلَخْ] جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى أَيْ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَيْ أَنْعِمْ عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: وَأَعَادَ] أَيْ أَوْصَلَ. [قَوْلُهُ: وَعَلَى أَحْبَابِنَا] جَمْعُ حِبٍّ بِمَعْنَى مَحْبُوبٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَلَا يَشْمَلُ مَنْ يُحِبُّ الشَّارِحُ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَحْبُوبًا لَهُ لِكَوْنِهِ أَتَى بَعْدَهُ مَثَلًا.

[قَوْلُهُ: مِنْ بَرَكَاتِهِ] أَيْ شَيْءٌ مِنْ بَرَكَاتِهِ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَوْ بَعْضُ بَرَكَاتِهِ فَالْمَفْعُولُ مِنْ بِمَعْنَى بَعْضٍ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَا أَسْرَارَهُ وَمَعَارِفَهُ، فَالْعِبَارَةُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مِنْ مُمَاثِلِ أَسْرَارِهِ وَمَعَارِفِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَا خَيْرَاتٍ تَصِلُ لِلشَّارِحِ وَأَحْبَابِهِ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ وَاسِطَةً فِيهَا، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى وَأَعَادَ عَلَيْنَا شَيْئًا نَافِعًا أَجْلِ بَرَكَاتِهِ أَيْ أَسْرَارِهِ وَمَعَارِفِهِ، أَيْ مِنْ أَجْلِ التَّوَسُّلِ بِهَا فَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ كَمَا قُلْنَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: بِعُلُومِهِ] مُتَعَلِّقٌ بِنَفَعَ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، وَالْمُرَادُ الْعُلُومُ الَّتِي اسْتَفَادَهَا الشَّارِحُ مِنْ كُتُبِهِ لَا مُطْلَقُ الْعُلُومِ، فَيَكُونُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَهُ بِتِلْكَ الْعُلُومِ بِأَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَتَكُونَ سَبَبًا لِلظَّفَرِ بِالْجِنَانِ، أَوْ أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالتَّقْدِيرُ نَفَعَنَا بِمَا عَلَّمْنَاهُ حَالَةَ كَوْنِنَا مُتَوَسِّلِينَ لَهُ بِعُلُومِهِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ عُلُومِهِ مُطْلَقًا. [قَوْلُهُ: فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ] أَيْ بِأَنْ نَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَنَفْعَلَ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاتِّبَاعِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ أَنْ نَعْمَلَ بِمُقْتَضَى أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ.

١ -

[قَوْلُهُ: بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ] مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ تَنَازَعَ فِيهَا الْأَفْعَالُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَيْ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَخْ فِي حَالِ كَوْنِنَا مُتَوَسِّلِينَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ. [قَوْلُهُ: وَآلِهِ] ظَاهِرُهُ وَلَوْ عُصَاةً، وَلَا مَانِعَ مِنْ التَّوَسُّلِ بِآلِهِ وَلَوْ عُصَاةً؛ لِأَنَّهُمْ بَضْعَةٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ أَقَارِبُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَيْنَ الْآلِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى وَالصَّحْبِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ. مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِي سَيِّدِنَا عَلِيٍّ مَثَلًا، وَيَنْفَرِدُ الْآلُ فِي أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْهُ وَالصَّحْبُ فِي أَبِي بَكْرٍ مَثَلًا.

[قَوْلُهُ: وَصَحْبِهِ] جَمْعٌ لِصَاحِبٍ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ لَهُ قَوْلَانِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>