للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَنِهِ (وَيُعْصَرُ بَطْنُهُ) اسْتِحْبَابًا قَبْلَ الْغُسْلِ إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ (عَصْرًا رَفِيقًا) مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ يُلَطِّخُ الْكَفَنَ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ (وَإِنْ وُضِّئَ) الْمَيِّتُ (وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَ) هُوَ (حَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبُّ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهُ فِعْلٌ فِي الْغَيْرِ، وَهَلْ يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ مَعَ تَكْرَارِ الْغُسْلِ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: فَحَسَنٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِ حِينَ أَمَرَ بِغُسْلِ ابْنَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» ، وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ بَعْدَ الْغُسْلِ أُزِيلَتْ وَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ وَلَا وُضُوءُهُ بَلْ يُغْسَلُ الْمَحَلُّ فَقَطْ.

(وَيُقْلَبُ الْمَيِّتُ لِجَنْبِهِ فِي الْغُسْلِ أَحْسَنُ) مِنْ جُلُوسِهِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِنْقَاءِ وَأَرْفَقُ بِالْمَيِّتِ، فَيُجْعَلُ أَوَّلًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيُغْسَلُ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ تَفَاؤُلًا، ثُمَّ يُجْعَلُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيُغْسَلُ شِقُّهُ الْأَيْسَرُ وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنْ ابْتَدَأَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ وَأَنْقَى أَجْزَأَهُ (وَإِنْ أُجْلِسَ) فِي الْغُسْلِ (فَذَلِكَ) الْجُلُوسُ (وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ فِي مُنَاوَلَةِ غُسْلِهِ.

(وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ) وَلَا بَأْسَ هُنَا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا مَاتَ الْحَيُّ مُقَدَّمٌ فِي غُسْلِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ عِنْدَ مُنَازَعَةِ الْأَوْلِيَاءِ لَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْغُسْلِ وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ

ــ

[حاشية العدوي]

تَتِمَّةٌ:

لَوْ قُصَّتْ أَظْفَارُهُ أَوْ حُلِقَ شَعْرُهُ أَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِهِ جُعِلَ مَعَهُ فِي أَكْفَانِهِ. [قَوْلُهُ: إنْ اُحْتِيجَ إلَخْ] بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّ شَيْئًا مُتَهَيِّئٌ لِلْخُرُوجِ.

وَقَوْلُهُ: مَخَافَةَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ وُضِّئَ الْمَيِّتُ] أَيْ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى كَالْجُنُبِ وَيَتَعَهَّدُ أَسْنَانَهُ وَأَنْفَهُ بِخِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ لِإِزَالَةِ مَا يُكْرَهُ رِيحُهُ وَيُمِيلُ رَأْسَهُ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ قَالَ تت: اُخْتُلِفَ هَلْ هُوَ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ يُغْسَلُ كُلُّ عُضْوٍ ثَلَاثًا أَوْ مَرَّةً؟ قَوْلَانِ، وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ وَدَفَعَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ: وُضُوءَ الصَّلَاةِ اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ خَلِيلٍ أَنَّهُ مَرَّةً مَرَّةً فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: وَهَلْ يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ إلَخْ] الرَّاجِحُ عَدَمُ التَّكْرَارِ.

[قَوْلُهُ: تَكْرَارِ] ذَكَرَ تت أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ بِالِاسْتِحْبَابِ وَالْوُجُوبِ، فَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ فَحَسَنٌ وَلِدَفْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَأَيْضًا الْوَاجِبُ حَسَنٌ. [قَوْلُهُ: حِينَ أَمَرَ بِغُسْلِ ابْنَتِهِ] أَيْ أُمِّ كُلْثُومٍ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ بَعْدَ الْغُسْلِ أُزِيلَتْ] وَكَذَا لَوْ وَطِئَ شَخْصٌ مَيِّتَةً بَعْدَ غُسْلِهَا وَوُضُوئِهَا لَا تُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِمَا وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ، فَيُقَالُ: امْرَأَةٌ وُطِئَتْ بَعْدَ وُضُوئِهَا وَغُسْلِهَا وَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَيُقَلِّبُ إلَخْ] أَيْ وَيُحَوَّلُ الْمَيِّتُ لِجَنْبِهِ، وَقَوْلُهُ: أَحْسَنُ خَبَرُ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَهُوَ أَحْسَنُ أَيْ الْقَلْبُ أَحْسَنُ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ أَوَّلًا عَلَى شِقِّهِ] وَلَا يُقَلِّبُهُ عَلَى ظُهْرِهِ وَلَا بَطْنِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ تَشْوِيهٌ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقْلَبُ ظَهْرًا وَبَطْنًا وَلَا يُجْلَسُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْجَنَابَةِ أَنَّهُ يُغَسَّلُ الشِّقُّ الْأَيْمَنُ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلشِّقِّ الْأَيْسَرِ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ يُكْمِلُ الشِّقَّ الْأَيْمَنَ ثُمَّ يُكْمِلُ الْأَيْسَرَ فَلْيَفْعَلْ هُنَا كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجْلَسَ] هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: أَحْسَنُ أَيْ مِنْ إجْلَاسِهِ أَوْ قَلْبِهِ عَلَى ظَهْرِهِ.

وَقَوْلُهُ الشَّارِحِ: أَيْ جَائِزٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الْغَاسِلُ مِنْ وُقُوفِهِ عَلَى الدِّكَّةِ وَيَجْعَلُ الْمَيِّتَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ بَلْ الْمَطْلُوبُ وُقُوفُهُ بِالْأَرْضِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ عَبْدِ الْوَهَّابِ] أَيْ فَعِنْدَهُ الْإِجْلَاسُ أَحْسَنُ.

[قَوْلُهُ: فِي مُنَاوَلَةِ] أَيْ تَحْصِيلِ غُسْلِهِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ إلَخْ] أَيْ فَيُنْدَبُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْأَخْذُ بِحَقِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَيُّ مُحْرِمًا فَيُنْهَى عَنْ التَّغْسِيلِ كَرَاهَةً، فَإِنْ فَعَلَ أَهْدَى إنْ أَمْدَى، وَالْمُرَادُ الزَّوْجَانِ الصَّحِيحَا النِّكَاحِ وَلَوْ بِفَوَاتِ الْفَاسِدِ، وَيَشْمَلُ مَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا بَعْدَهُ وَمَا لَوْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ هِيَ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ يُوجِبُ خِيَارَهُ. [قَوْلُهُ: مُقَدَّمٌ فِي غُسْلِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ] بَلْ وَعَلَى مَنْ أَوْصَاهُ الْمَيِّتُ أَيْضًا وَيُنْدَبُ لَهُ الْأَخْذُ بِحَقِّهِ كَمَا قَرَّرْنَا.

[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْغُسْلِ] أَيْ بِخِلَافِ الْمَوْلَى مِنْهَا وَالْمَظَاهِرُ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>