للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَعْظِيمًا لَهَا وَإِنَّمَا أُمِرَ بِمُوَارَاتِهِ لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُهُ فِي تَرْكِهِ بِغَيْرِ دَفْنٍ.

(وَاللَّحْدُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا مَعَ إسْكَانِ الْحَاءِ (أَحَبُّ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ) مِنْ الشَّقِّ بِفَتْحِ الشِّينِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّحْدُ (أَنْ يُحْفَرَ لِلْمَيِّتِ تَحْتَ الْجَرْفِ فِي حَائِطِ قِبْلَةِ الْقَبْرِ وَذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ اللَّحْدِ أَفْضَلَ (إذَا كَانَتْ) حَائِطُ قِبْلَةِ الْقَبْرِ (تُرْبَةً صُلْبَةً لَا تَتَهَيَّلُ) أَيْ لَا تَسِيلُ كَأَرْضِ الرَّمَلِ.

(وَ) لَا (تَتَقَطَّعُ) أَيْ لَا تَسْقُطُ جَذْوَةً جَذْوَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَالشَّقُّ أَفْضَلُ (وَكَذَلِكَ) أَيْ الْإِلْحَادُ الْمَفْهُومُ. وَمِنْ السِّيَاقِ (فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَفَسَّرَ اللَّحْدَ وَلَمْ يُفَسِّرْ الشَّقَّ وَهُوَ أَنْ يُحْفَرَ لَهُ حُفْرَةً كَالنَّهْرِ وَيُبْنَى جَانِبَاهَا بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا شَقٌّ يُوضَعُ الْمَيِّتُ فِيهِ وَيُسَقَّفُ عَلَيْهِ وَيُرْفَعُ السَّقْفُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ، وَيُجْعَلُ فِي شُقُوقِهِ قِطَعُ اللَّبِنِ وَيُوضَعُ عَلَيْهِ التُّرَابُ.

ــ

[حاشية العدوي]

يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا خَافَ الضَّيْعَةَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا تَجِبُ مُوَارَاتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْبِلُ] أَيْ يُحَرَّمُ فِيمَا يَظْهَرُ.

[قَوْلُهُ: أَحَبُّ] أَيْ فَالشَّقُّ مَحْبُوبٌ جَائِزٌ أَيْ خِلَافُ الْأَوْلَى فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ عَلَى بَابِهِ، وَقِيلَ: الشَّقُّ مَكْرُوهٌ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ وَإِنَّمَا كَانَ اللَّحْدُ أَحَبَّ لِخَبَرِ «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَهُ لِنَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ أَقُولُ: وَأَيُّ دَاعٍ إلَى قَوْلِهِ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ.

[قَوْلُهُ: جَذْوَةً جَذْوَةً] أَيْ قِطْعَةً قِطْعَةً. [قَوْلُهُ: فَالشَّقُّ أَفْضَلُ] وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ الْإِلْحَادُ إلَخْ] وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَفُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ فِعْلًا مُمَاثِلًا لِلْإِلْحَادِ السَّابِقِ، وَالْفِعْلُ الْمُمَاثِلُ لِلْإِلْحَادِ السَّابِقِ إلْحَادٌ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى وَأُلْحِدَ بِرَسُولِ اللَّهِ إلْحَادًا مُمَاثِلًا لِلْإِلْحَادِ السَّابِقِ فَالْمُغَايَرَةُ بِالْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُحْفَرُ فِي أَسْفَلِ الْقَبْرِ أَضْيَقَ مِنْ أَعْلَاهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ. [قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا شَقٌّ] لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّقَّ هُوَ عَيْنُ الْحُفْرَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: يُحْفَرُ حُفْرَةً كَالنَّهْرِ، وَالنَّهْرُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا الْمَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>