الصَّالِحِ (وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا فَبِالْفَتْحِ الدُّخُولُ وَمَوْضِعُ الدُّخُولِ، وَبِالضَّمِّ الْإِدْخَالُ (وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغُسْلِ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ لِلطَّهَارَةِ الْعَظِيمَةِ مِنْ الذُّنُوبِ (وَ) كَأَنَّهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ (نَقِّهِ) أَيْ طَهِّرْهُ تَنْقِيَةً عَظِيمَةً (مِنْ الْخَطَايَا) أَيْ الذُّنُوبِ (كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ) أَيْ الْأَوْسَاخِ (وَأَبْدِلْهُ) أَيْ عَوِّضْهُ (دَارًا) وَهِيَ الْجَنَّةُ (خَيْرًا مِنْ دَارِهِ) وَهِيَ الدُّنْيَا (وَ) وَأَبْدِلْهُ (أَهْلًا) أَيْ قَرَابَةً فِي الْآخِرَةِ يُوَالُونَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ (خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ) أَيْ مِنْ قَرَابَتِهِ (وَ) أَبْدِلْهُ (زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا) أَيْ ذَا إحْسَانٍ (فَزِدْ) أَيْ فَضَاعِفْ لَهُ فِي ثَوَابِ (إحْسَانِهِ) اللَّهُمَّ (وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ) أَيْ اُعْفُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ.
(اللَّهُمَّ إنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِك) اسْتَضَافَك.
(وَ) الْحَالُ أَنَّك (أَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ) وَإِنَّهُ (فَقِيرٌ) أَيْ أَشَدُّ افْتِقَارًا (إلَى رَحْمَتِك) الْآنَ (وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ (مَنْطِقَهُ) أَيْ كَلَامَهُ (وَلَا تَبْتَلِهِ) أَيْ لَا تَخْتَبِرْهُ (فِي قَبْرِهِ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ (لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ) أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَلَا تَفْتِنَّا) أَيْ لَا تُشْغِلْنَا بِسِوَاك (بَعْدَهُ) فَإِنَّ كُلَّ مَا يُشْغِلُ عَنْك فَهُوَ فِتْنَةٌ (تَقُولُ هَذَا) أَيْ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية العدوي]
تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ.
[قَوْلُهُ: فَبِالْفَتْحِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ فِي الْمُصَنَّفِ، وَتَقْدِيرِ " وَوَسِّعْ " بِمُلَاصِقٍ مَوْضِعَ الدُّخُولِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُلَاصِقَ لِمَوْضِعِ الدُّخُولِ مَوْضِعُ الِاسْتِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ تَوْسِعَتُهُ وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الضَّمِّ.
وَقَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ الدُّخُولِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ وَوَسِّعْ مُلَاصِقُ مَوْضِعٍ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: بِالْغُسْلِ] الْمُنَاسِبُ الْإِغْسَالُ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ أَغَسَلَهُ، وَقَوْلُهُ: بَلْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ لِلطَّهَارَةِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَلْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ لِلتَّطْهِيرِ، فَشَبَّهَ التَّطْهِيرَ بِالْإِغْسَالِ وَاسْتَعَارَ اسْمَهُ لَهُ وَاشْتَقَّ مِنْهُ اغْسِلْ بِمَعْنَى طَهِّرْ.
وَقَوْلُهُ: بِمَاءٍ وَثَلْجٍ تَرْشِيحٌ.
فَائِدَةٌ: قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الثَّلْجُ أَنْقَى مِنْ الْمَاءِ، وَالْبَرَدُ أَنْقَى مِنْ الثَّلْجِ فَارْتَكَبَ طَرِيقَ التَّرَقِّي.
[قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ يَقُولُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بِيَدِي وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا إلَخْ.
وَحِينَئِذٍ فَالْوَاوُ الدَّاخِلَةُ عَلَى كَأَنَّهُ وَاوُ الْمُصَنِّفِ الَّتِي مَدْخُولُهَا نَقِّهِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ يَقُولُ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّ عَطْفَ وَنَقِّهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ.
[قَوْلُهُ: تَنْقِيَةً عَظِيمَةً] اُسْتُفِيدَ هَذَا مِنْ كَوْنِهَا أَيْ الطَّهَارَةِ بِتِلْكَ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ أَبْلَغُ مَا يَكُونُ فِي الْإِنْقَاءِ.
[قَوْلُهُ: كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ] إنَّمَا مَثَّلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُ الْغُسْلِ وَهَذَا تَمْثِيلٌ بِالنَّظَرِ لِحَالِ الْمَخْلُوقِ، وَإِلَّا فَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَلَوْلَا وُرُودُ ذَلِكَ مِنْ الشَّارِعِ لَمَا جَازَتْ.
[قَوْلُهُ: أَيْ قَرَابَةً] أَيْ صَحَابَةً، فَقَوْلُهُ: يُوَالُونَهُ: أَيْ يُصَاحِبُونَهُ وَصْفٌ كَاشِفٌ.
[قَوْلُهُ: وَأَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ. . . إلَخْ] أَرَادَ بِالزَّوْجِ الْجِنْسَ الصَّادِقَ بِمُتَعَدَّدٍ أَيْ عَوِّضْهُ الْآنَ زَوْجَاتٍ مِنْ الْحُورِ أَوْ مِمَّنْ مَضَى مِنْ الْآدَمِيَّاتِ الصَّالِحَاتِ أَحْسَنَ مِنْ زَوْجِهِ الَّذِي تَرَكَهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا أَوْ بِصَدَدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَاقِعِ لَهُ زَوْجَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَتَّعُ بِهِنَّ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ.
وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا قَدْ تَكُونُ لَهُ.
[قَوْلُهُ: إحْسَانٍ] أَيْ طَاعَةٍ [قَوْلُهُ: وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ] الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إلَى مَوْصُوفِ أَيْ وَأَنْتَ خَيْرُ مُضِيفٍ أَوْ كَرِيمٍ مَنْزُولٍ بِهِ، أَيْ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ يُنْزَلُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَنْتَ يَا اللَّهُ خَيْرٌ مِنْ اللَّهِ هَكَذَا كُنْت قُلْته وَنَازَعَنِي بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ لِتَصْرِيحِ بَعْضِ أَئِمَّتِهِمْ بِكَوْنِ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى لِلَّهِ.
فَقُلْت: هَذَا لَا يَصِحُّ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عج صَرَّحَ بِمَا قُلْته فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
[قَوْلُهُ: إلَى رَحْمَتِك] أَرَادَ بِهَا الْغُفْرَانَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ.
[قَوْلُهُ: بِمَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ] أَيْ لَا تَجْعَلْ نِهَايَةَ الِاخْتِبَارِ بِالسُّؤَالِ شَيْئًا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْجَوَابِ، بَلْ اجْعَلْ لَهُ قُدْرَةً عَلَى الْجَوَابِ أَوْ أَنَّ مَصْدُوقَ الشَّيْءِ كَوْنُ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ بِعُنْفٍ.
[قَوْلُهُ: مِنْ