للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى قَوْلِهِ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ (بِإِثْرِ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) بَعْضُهُمْ هَذَا عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، إذْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَإِنَّمَا يَقُولُ بَعْدَهَا مَا سَيَذْكُرُهُ الْآنَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَامٌّ يَقُولُهُ بِإِثْرِ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى الرَّابِعَةِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (وَتَقُولُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ) يُرِيدُ إنْ شِئْت يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي قَوْلِهِ إنْ شَاءَ دَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا) أَيْ اُسْتُرْ ذُنُوبَ مَنْ عَاشَ مِنَّا وَمَنْ مَاتَ أَيْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (وَحَاضِرِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا إنَّك تَعْلَمُ مُتَقَلَّبَنَا) أَيْ تَصَرُّفَاتِنَا فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا (وَ) تَعْلَمُ (مَثْوَانَا) أَيْ إقَامَتَنَا فِي أَحَدِ الدَّارَيْنِ (وَ) اغْفِرْ (لِوَالِدَيْنَا وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ وَ) اغْفِرْ (لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته) أَيْ أَبْقَيْته (مِنَّا فَأَحْيِهِ) أَيْ أَبْقِهِ (عَلَى الْإِيمَانِ) أَيْ الْكَامِلِ حَتَّى تُمِيتَهُ عَلَيْهِ (وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ) وَهُوَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

وَانْظُرْ لِمَ خَصَّ الْأَحْيَاءَ بِالْإِيمَانِ وَالْإِمَاتَةَ بِالْإِسْلَامِ (وَأَسْعِدْنَا بِلِقَائِك) أَيْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ (وَطَيَّبْنَا) أَيْ طَهِّرْنَا (لِلْمَوْتِ) بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ (وَطَيِّبْهُ لَنَا

ــ

[حاشية العدوي]

الثَّنَاءِ] الثَّنَاءُ وَالصَّلَاةُ مَنْدُوبَانِ وَالدُّعَاءُ وَاجِبٌ وَلَوْ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَحْدَهُ، وَإِلَّا لَقَالَ وَيَزِيدُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ.

[قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ] كَذَا فِيمَا بِيَدِي مِنْ النُّسَخِ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظَةِ قَوْلِهِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ لَفْظَةِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّخْيِيرِ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: صَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا إلَخْ] قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَعْنِي بِالصَّغِيرِ صَغِيرَ الْمُكَلَّفِينَ وَبِالْكَبِيرِ أَكْبَرَ الْمُكَلَّفِينَ فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ صَحِيحًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَادَ الصِّغَارَ لَا تُكْتَبُ عَلَيْهِمْ السَّيِّئَاتُ.

[قَوْلُهُ: إنَّك تَعْلَمُ إلَخْ] أَيْ وَحَيْثُ كُنْت الْعَالِمَ بِذَلِكَ فَأَنْتَ الَّذِي لَك الْغُفْرَانُ فَنَسْأَلُك إيَّاهُ.

[قَوْلُهُ: أَيْ تَصَرُّفَاتِنَا] إشَارَةً إلَى أَنَّ مُتَقَلَّبَ بِمَعْنَى التَّقَلُّبِ أَيْ التَّصَرُّفِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ إقَامَتَنَا إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَثْوَى الْمَنْزِلُ الَّذِي هُوَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ لَا الْإِقَامَةَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْعِبَارَةَ فِيهَا حَذْفُ الْمَفْعُولِ، وَأَنَّ مَثْوَى مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَالْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْعِلْمِ بِالْإِقَامَةِ أَيْ بِزَمَنِهَا أَوْ بِكَمِّيَّتِهَا أَبْلَغُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِنَفْسِ الْمَثْوَى.

[قَوْلُهُ: فِي أَحَدِ الدَّارَيْنِ] الْمُرَادُ أَحَدٌ مُعَيَّنٌ الَّذِي هُوَ الدُّنْيَا لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ مُتَقَلَّبَنَا الَّذِي هُوَ التَّصَرُّفُ فِيهَا.

وَقَالَ تت: وَمَثْوَانَا أَيْ إقَامَتُنَا فِي كِلْتَا الدَّارَيْنِ. وَفِي تَفْسِيرِهِ بِأَحَدِهِمَا نَظَرٌ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ] الْمُرَادُ بِهِمْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ.

[قَوْلُهُ: وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَاحِدٌ وَهُمْ الْأَشْخَاصُ الْمُوَحِّدُونَ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي تَرَادُفِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَعَدَمِهِ، أَمَّا التَّرَادُفُ فَظَاهِرٌ عَدَمُهُ، فَبِأَنْ يُرَادَ مِنْ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ وَمِنْ الْإِسْلَامِ الِامْتِثَالُ الظَّاهِرِيُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْإِذْعَانِ الْبَاطِنِيِّ.

[قَوْلُهُ: فَأَحْيِهِ] مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْعِلَّةِ وَهُوَ الْيَاءُ.

[قَوْلُهُ: فَتَوَفَّهُ] بِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْعِلَّةِ وَهُوَ الْأَلِفُ.

[قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لِمَ خَصَّ إلَخْ] قَدْ يُقَالُ إنَّهُ حَيْثُ أُرِيدَ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ الْمُحْتَوِي عَلَى التَّصْدِيقِ وَالْقَوْلِ وَالْأَعْمَالِ، وَقَدْ طَلَبَ الشَّارِعُ أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ الشَّخْصُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ نَاسَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ الدُّعَاءُ فِيهَا، وَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِسْلَامِ الشَّهَادَتَيْنِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» نَاسَبَ الدُّعَاءَ بِالْوَفَاةِ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ] لَمَّا كَانَ اللُّقِيُّ لَا يَلِيقُ بِالْبَارِي؛ لِأَنَّهُ الِاسْتِقْبَالُ أَوْ الْمُصَادَفَةُ وَالْجَنَّةُ دَارُ الرَّبِّ وَدُخُولُ الدَّارِ يَسْتَلْزِمُ عُرْفًا فِي الْجُمْلَةِ لُقِيَّ رَبِّهَا فَسَّرَ اللُّقِيَّ بِمَلْزُومِهِ، وَهُوَ دُخُولُ الْجَنَّةِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِرُؤْيَتِهِ.

[قَوْلُهُ: بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ] أَيْ الصَّادِقَةِ وَرَدَ مَرْفُوعًا وَهِيَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>