للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجْتِمَاعَ جَمَاعَةٍ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى فَرْجٍ وَاحِدٍ فِي الدُّنْيَا مِمَّا تَنْفِرُ مِنْهُ النُّفُوسُ، وَأُخِذَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

(وَلَا بَأْسَ) بِمَعْنًى وَيَجُوزُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (أَنْ تُجْمَعَ الْجَنَائِزُ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِلْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: إنَّهَا لَا تُجْمَعُ وَيُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ وَحْدَهُ، ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى هَيْئَةِ وَضْعِ الْجَنَائِزِ إذَا اجْتَمَعَتْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا.

وَذَكَرَ لِذَلِكَ هَيْئَتَيْنِ أَشَارَ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ: (وَيَلِي الْإِمَامَ) بِالنَّصْبِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى جَمَاعَةِ الْمَوْتَى (الرِّجَالُ) بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ، وَرَفْعُ الْإِمَامِ (إنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْجَنَائِزُ (رِجَالًا جُعِلَ أَفْضَلُهُمْ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَجُعِلَ مِنْ دُونِهِ النِّسَاءُ وَ) جُعِلَ (الصِّبْيَانُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ إلَى الْقِبْلَةِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ النِّسَاءِ عَلَى الصِّبْيَانِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّ الذُّكُورَ الْأَحْرَارَ الْبَالِغِينَ يَكُونُونَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ ثُمَّ الذُّكُورُ الْأَحْرَارُ الصِّغَارُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ الذُّكُورُ ثُمَّ النِّسَاءُ الْأَحْرَارُ ثُمَّ صِغَارُهُنَّ ثُمَّ أَرِقَّاؤُهُنَّ، وَالْهَيْئَةُ الثَّانِيَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلُوا) أَيْ الْجَنَائِزُ (صَفًّا وَاحِدًا وَيُقَرَّبُ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُهُمْ) هَذَا إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَرِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ صِبْيَانٍ، وَأَمَّا إنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً وَصِبْيَانًا فَيُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ صَفُّ الرِّجَالِ ثُمَّ صَفُّ الصِّبْيَانِ ثُمَّ صَفُّ النِّسَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الْهَيْئَةِ الْأُولَى لِابْتِدَائِهِ بِهَا،

ــ

[حاشية العدوي]

بِأَصْوَاتٍ حِسَانٍ لَمْ تَسْمَعْ الْخَلَائِقُ بِمِثْلِهِنَّ نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَيْبَسُ، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ، وَنَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظْعَنُ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ.

[قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ] كَأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إشَارَةً إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِصِحَّتِهِ.

[قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْ هَذَا إلَخْ] أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ تَكْلِيفٍ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَارَ تَكْلِيفٍ فَهِيَ دَارُ تَشْرِيفٍ، فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ بِنَحْوِ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ لِكَرَاهَةِ النُّفُوسِ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنًى وَيَجُوزُ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُسْتَحَبُّ.

[قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْحَسَنِ] وَهَلْ الصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ عَلَى كَلَامِ الْحَسَنِ.

[قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ] أَيْ فَقَطْ أَيْ وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً وَصِبْيَانًا فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا إلَخْ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْأَرِقَّاءُ الذُّكُورُ مُقَدَّمُونَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ عِشْرُونَ وَالشَّارِحُ لَمْ يَسْتَوْفِهَا وَلَمْ يَمْشِ عَلَى الْمَرْضِيِّ مِنْهَا فِيمَا قَالَهُ وَالْمَرْضِيُّ مَا سَنَذْكُرُهُ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ: يَلِي الْإِمَامَ الْأَحْرَارُ الذُّكُورُ الْبَالِغُونَ، ثُمَّ الْأَحْرَارُ الذُّكُورُ الصِّغَارُ، ثُمَّ الْعَبِيدُ الْبَالِغُونَ، ثُمَّ الْعَبِيدُ الصِّغَارُ، ثُمَّ الْخَصِيُّ الْحُرُّ الْبَالِغُ، ثُمَّ الْخَصِيُّ الْحُرُّ الصَّغِيرُ، ثُمَّ الْخَصِيُّ الْعَبْدُ الْكَبِيرُ، ثُمَّ الْخَصِيُّ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ، ثُمَّ الْمَجْبُوبُ الْحُرُّ الرَّجُلُ، فَمَجْبُوبٌ حُرٌّ طِفْلٌ، فَمَجْبُوبٌ عَبْدٌ رَجُلٌ، فَمَجْبُوبٌ عَبْدٌ طِفْلٌ، ثُمَّ الْخَنَاثَى الْأَحْرَارُ الصِّغَارُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى الْعَبِيدُ الْكِبَارُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى الْعَبِيدُ الصِّغَارُ، ثُمَّ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ، ثُمَّ الصَّغِيرَةُ، ثُمَّ الْأَمَةُ الْبَالِغَةُ، ثُمَّ الصَّغِيرَةُ.

[قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ] كَرِجَالٍ فَقَطْ تَفَاوَتُوا بِالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَّةِ أَوْ بِالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالسِّنِّ، وَفِي ذَلِكَ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ بَهْرَامَ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَهِيَ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْفَاضِلُ أَمَامَ الْإِمَامِ ثُمَّ يُجْعَلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَفْضُولُ الْأَفْضَلِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ يُجْعَلُ عَنْ يَسَارِهِ.

الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَرْجَحُ أَنْ يُصَفُّوا صَفًّا وَاحِدًا مِنْ جِهَةِ يَمِينِ الْإِمَامِ وَشِمَالِهِ، فَيُجْعَلُ الْأَفْضَلُ أَمَامَ الْإِمَامِ وَمَفْضُولُهُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَمَفْضُولُ الْمَفْضُولِ عَنْ يَسَارِهِ، وَهَكَذَا وِفَاقًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ وَافَقَهُ.

[قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ صَفُّ الرِّجَالِ إلَخْ] أَيْ فَيُجْعَلُ الرِّجَالُ صَفًّا مِنْ جِهَةِ يَمِينِ الْإِمَامِ وَجِهَةِ أَمَامِهِ وَجِهَةِ شِمَالِهِ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ كَذَلِكَ، ثُمَّ النِّسَاءُ كَذَلِكَ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.

وَفِيهِ طَرِيقَتَانِ أُخْرَيَانِ الْأُولَى: أَنْ يُجْعَلَ صَفُّ الرِّجَالِ مِنْ الْإِمَامِ لِلْقِبْلَةِ، وَيُجْعَلَ أَمَامَ الْإِمَامِ صَفُّ الصِّبْيَانِ كَذَلِكَ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ، وَصَفُّ النِّسَاءِ كَذَلِكَ عَلَى يَسَارِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>