للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِقَوْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهَا تُشْعِرُ فِي الْغَالِبِ بِالتَّمْرِيضِ.

وَلَمَّا كَانَ وَضْعُ الْجَنَائِزِ إذَا اجْتَمَعَتْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا مُخَالِفًا لِوَضْعِهَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِذَلِكَ أَتَى الشَّيْخُ بِأَدَاةِ الْفَضْلِ فَقَالَ: (وَأَمَّا دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَيُجْعَلُ أَفْضَلُهُمْ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ) لِمَا فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ جَوَازُ دَفْنِ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مُطْلَقًا لِلضَّرُورَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُكْرَهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَيَجُوزُ إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ مِثْلُ ضِيقِ الْمَكَانِ أَوْ تَعَذُّرِ مَنْ يَحْفِرُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَيُجْعَلُ بَيْنَهُمْ حَاجِزٌ مِنْ التُّرَابِ.

(وَمَنْ دُفِنَ) مِنْ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ (وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَوُرِيَ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَدِيثِ الْمِسْكِينَةِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. الْقَرَافِيُّ: وَهُوَ أَحْسَنُ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْمِسْكِينَةِ»

ــ

[حاشية العدوي]

الثَّانِيَةُ: أَنْ يُجْعَلَ الْأَصْنَافُ صَفًّا وَاحِدًا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ وَتَأْتِي الطَّرِيقَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ فِي الصَّفِّ الْوَاحِدِ طَرِيقَةُ بَهْرَامَ الْمَرْجُوحَةُ وَالثَّانِيَةُ الرَّاجِحَةُ.

تَتِمَّةٌ: يُقَدَّمُ لِلْإِمَامِ الْأَعْلَمُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ ثُمَّ الْأَسَنُّ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ خَلِيلٍ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ وَلَوْ كَانَ مَنْ بَعْدَهُ أَعْلَمَ مِنْهُ وَأَعْبَدَ وَأَسَنَّ أَوْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ مَنْ قَبْلَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الطِّفْلِ وَالْعَبْدِ.

وَيُقَدَّمُ عَالِمٌ عَلَى شَرِيفٍ عَامِّيٍّ لِظُهُورِ مَزِيَّةِ الْعِلْمِ وَقُدِّمَ حَافِظُ قُرْآنٍ عَلَى شَرِيفٍ عَامِّيٍّ وَمُحَدِّثٌ عَلَى فَقِيهٍ وَمُفَسِّرٌ عَلَى مُحَدِّثٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِشَرَفِ كُلِّ عَالِمٍ بِشَرَفِ مَعْلُومِهِ.

قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ وَقَعَ التَّسَاوِي فَالْقُرْعَةُ، وَيُقَدَّمُ مِنْ الصِّبْيَانِ عَلَى غَيْرِهِ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَشَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، ثُمَّ مَنْ يُحَافِظُ مِنْهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ الْأَسَنُّ اهـ.

[قَوْلُهُ: إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ] أَيْ فَيُكْرَهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانُوا مَحَارِمَ، وَكَمَا يَجُوزُ جَمْعُ الْأَمْوَاتِ فِي الْقَبْرِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ أَجَانِبَ يَجُوزُ جَمْعُهُمْ فِي كَفَنٍ لِلضَّرُورَةِ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا.

وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ جَوَازِ جَمْعِ الْأَمْوَاتِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِضَرُورَةٍ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا، مَحَلُّهُ إذَا كَانَ حَصَلَ دَفْنُهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا لَوْ أَرَدْنَا دَفْنَ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَلَا يَحْرُمُ.

[قَوْلُهُ: لِمَا فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ] أَيْ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيَّ وَابْنِ مَاجَهْ. [قَوْلُهُ: «احْفِرُوا» ] مِنْ بَابِ ضَرَبَ فَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ.

وَقَوْلُهُ: «وَأَوْسِعُوا» مِنْ أَوْسَعَ فَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ قَطْعٍ.

وَقَوْلُهُ: «وَأَعْمِقُوا» مِنْ أَعْمَقَ فَهَمْزَتُهُ هَمْزُهُ قَطْعٍ أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِهِ بِقَدْرِ مَا يَحْرُسُهُ مِنْ السِّبَاعِ.

قَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَكُونَ الْحُفْرَةُ مُقْتَصِدَةً لَا عَمِيقَةً جِدًّا وَلَا قَرِيبَةً مِنْ أَعْلَى الْأَرْضِ جِدًّا.

وَقَوْلُهُ: «وَأَحْسِنُوا» مِنْ أَحْسَنَ فَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ قَطْعٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِتْقَانُ أَيْ أَتْقِنُوا فِيمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ التَّوْسِعَةِ وَالْعُمْقِ فَلَا تُوَسِّعُوا كَثِيرًا وَلَا تُعَمِّقُوا كَثِيرًا.

وَقَوْلُهُ: «وَادْفِنُوا» مِنْ بَابِ ضَرَبَ فَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ.

وَقَوْلُهُ: «الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ» الظَّاهِرُ وَمَا قَارَبَ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: «وَقَدِّمُوا» ، سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ حَيْثُ الْإِيلَاءُ لِلْقِبْلَةِ، وَكَذَا يُنْدَبُ التَّقْدِيمُ فِي الْإِقْبَارِ، وَالْحَدِيثُ شَامِلٌ لَهُ.

[قَوْلُهُ: «أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» ] فَمَنْ يَحْفَظُ الْكُلَّ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ أَيْ الْكُلَّ، وَاَلَّذِي يَحْفَظُ النِّصْفَ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ يَحْفَظُ أَقَلَّ مِنْهُ وَهَكَذَا.

[قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ] أَيْ كَتَعَذُّرِ آلَةِ الْحَفْرِ [قَوْلُهُ: وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ] أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

[قَوْلُهُ: فَيَجْعَلُ بَيْنَهُمْ حَاجِزًا] أَيْ يُنْدَبُ مُتَأَكِّدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ دُفِنَ] أَيْ بَعْدَ الْغُسْلِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ دُفِنَ قَبْلَ غُسْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ لِلْغُسْلِ إلَّا أَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ فَيَسْقُطُ لِتَلَازُمِهِمَا.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ] ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ الصَّلَاةِ عَمْدًا.

[قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ الْمِسْكِينَةِ] هُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>