للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُتَلَبِّسًا بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ (فَأَفْطَرَ لِ) أَجْلِ (سَفَرِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) فِي الصُّورَتَيْنِ وُجُوبًا. ع: وَاخْتُلِفَ إذَا أَفْطَرَ عَامِدًا هَلْ يُسْتَحَبُّ إمْسَاكُ بَقِيَّتِهِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَقَالَ ق: سَكَتَ عَنْ الْجَاهِلِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَالْعَامِدِ (وَإِنْ أَفْطَرَ) فِي تَطَوُّعِهِ (سَاهِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) وُجُوبًا بِلَا خِلَافٍ، وَاخْتُلِفَ فِي قَضَائِهِ اسْتِحْبَابًا عَلَى قَوْلَيْنِ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْهُمَا الِاسْتِحْبَابَ وَهَذَا (بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ) إذَا أَفْطَرَ فِيهَا سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. د: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ.

(وَلَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ) وَكَذَا عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ بِلَا بَأْسٍ وَهِيَ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: وَالسِّوَاكُ مُبَاحٌ كُلَّ النَّهَارِ بِمَا لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَكُرِهَ بِالرَّطْبِ لِمَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: كُلَّ النَّهَارِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِ الشَّيْخِ (فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ) إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيُكْرَهُ بَعْدَهُ لِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وَلَنَا مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» فَعَمَّ الصَّائِمَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَلَا عُذْرٍ] أَيْ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ أَمَرَهُ أَحَدُ وَالِدَيْهِ دِنْيّة لَا الْجَدُّ أَوْ الْجَدَّةُ أَوْ شَيْخُهُ أَوْ شَيْخُ طَرِيقَةٍ أَوْ عِلْمٍ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْوَالِدُ أَوْ الشَّيْخُ.

قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَالظَّاهِرُ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ آلَتَهُ كَذَلِكَ وَكَذَا إذَا أَمَرَ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ بِالْفِطْرِ إذَا تَطَوَّعَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيمَا ذَكَرَ قَضَاءٌ وَلَا كَفٌّ بِخِلَافِ الْعَمْدِ الْحَرَامِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ.

[قَوْلُهُ: هَلْ يُسْتَحَبُّ إمْسَاكُ بَقِيَّتِهِ] أَيْ الْيَوْمِ.

وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ عج.

[قَوْلُهُ: سَاهِيًا] أَيْ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ.

[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي قَضَائِهِ اسْتِحْبَابًا] أَيْ وَعَدَمِ قَضَائِهِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ] أَيْ مِنْ نَحْوِ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ إلَّا لِمُعَيَّنٍ يَفُوتُ صَوْمُهُ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ: سَاهِيًا أَوْلَى إذَا كَانَ عَامِدًا، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْإِمْسَاكِ وَعَدَمِهِ وَنَحْنُ نَقُولُ: حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ الْفِطْرِ الْعَمْدِ لِغَيْرِ عُذْرٍ إلَّا إذَا كَانَ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا كَرَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَمَا عَدَا هَذَيْنِ لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ الْفِطْرِ الْعَمْدِ كَصَوْمِ النَّفْلِ أَوْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَوْ الْقَتْلِ أَوْ الْيَمِينِ أَوْ صَوْمِ الْفِدْيَةِ أَوْ جَزَاءِ الصَّيْدِ أَوْ النَّذْرِ الْمَضْمُونِ أَوْ قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَأَمَّا لَوْ أَفْطَرَ سَهْوًا فَمَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ وَذَلِكَ كَقَضَاءِ النَّذْرِ الْمَضْمُونِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ الْفِدْيَةِ وَالْجَزَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِوَضُ فِي الْجَمِيعِ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ بِنَاءً عَلَى قَطْعِ النِّسْيَانِ التَّتَابُعَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ رَمَضَانُ الْحَاضِرُ فَفِطْرُهُ سَهْوًا يُوجِبُ الْإِمْسَاكَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْأَيَّامُ الْمُعَيَّنَةُ الْمَنْذُورَةُ يُفْطِرُ فِيهَا سَهْوًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا مَا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ الْفِطْرِ نَاسِيًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ وَذَلِكَ كَالنَّفْلِ اتِّفَاقًا وَكَذَا مَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَكَانَ الْفِطْرُ فِي الْأَثْنَاءِ لَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ] لَكِنَّ الْإِبَاحَةَ إنَّمَا هِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَيْ وَلَوْ لِصَلَاةٍ وَوُضُوءٍ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي عِبَارَةِ بَعْضٍ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْإِبَاحَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِغَيْرِ مُقْتَضًى شَرْعِيٍّ، وَأَمَّا لِمُقْتَضًى شَرْعِيٍّ كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي فِي الشَّارِحِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ» إلَخْ وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا قَبْلَ الزَّوَالِ فَيُنْدَبُ وَيَتَأَكَّدُ نَدْبُهُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَوَقْتِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ يَجِبُ إذَا تَوَقَّفَ زَوَالُ مَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ رَائِحَةِ بَصَلٍ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَاسْتِيَاكٍ بِالْجَوْزَاءِ وَلَوْ فِي حَقِّ الصَّائِمِ بِغَيْرِ رَمَضَانَ وَلَوْ لِغَيْرِ صَائِمٍ.

[قَوْلُهُ: وَكُرِهَ بِالرَّطْبِ إلَخْ] هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ.

[قَوْلُهُ: «لَخُلُوفُ] » بِضَمِّ الْخَاءِ رِيحٌ مُتَغَيِّرٌ كَرِيهُ الشَّمِّ يَحْدُثُ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ.

[قَوْلُهُ: «أَطْيَبُ» إلَخْ] الْمُرَادُ بِطِيبِهِ عِنْدَ اللَّهِ رِضَاهُ بِهِ وَثَنَاؤُهُ عَلَى الصَّائِمِ بِسَبَبِهِ، وَهَلْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَطْيَبُ فِيهِمَا.

[قَوْلُهُ: «لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ» ]

<<  <  ج: ص:  >  >>