وَغَيْرَهُ، وَالْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّا بِهِ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ.
(وَلَا تُكْرَهُ لَهُ) أَيْ لِلصَّائِمِ (الْحِجَامَةُ إلَّا خِيفَةَ التَّغْرِيرِ) أَيْ الْمَرَضِ لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ، قَالَ: لَا إلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ.
(وَمَنْ ذَرَعَهُ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ سَبَقَهُ وَغَلَبَهُ (الْقَيْءُ فِي) صَوْمِ شَهْرِ (رَمَضَانَ) وَغَيْرِهِ (فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا سَوَاءٌ كَانَ لِعِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءٍ، وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ أَمْ لَا هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَى حَلْقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى فَمِهِ، أَمَّا إنْ عَلِمَ بِرُجُوعِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى فَمِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ (وَإِنْ اسْتِقَاءَ) الصَّائِمُ أَيْ طَلَبَ الْقَيْءَ (فَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) وَهَلْ وُجُوبًا أَوْ اسْتِحْبَابًا قَوْلَانِ شَهَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَوَّلَ وَاخْتَارَ ابْنُ الْجَلَالِ الثَّانِيَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ اسْتِقَاءَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ: مَنْ اسْتِقَاءَ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيُّ: لَوْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ لَأَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةَ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَقْضِي خَاصَّةً انْتَهَى. وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ نَقَلْنَاهُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ أَمْرُ إيجَابٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَهْرَامُ وَغَيْرُهُ.
[قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّا بِهِ إلَخْ] بَيَّنَهُ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ: وَالْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّا بِهِ أَنَّ مَدْحَ الْخُلُوفِ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَتِهِ لَا عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَتْرَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَجْرِ مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .
وَقَالَ تت: أُجِيبَ بِأَنَّ السِّوَاكَ لَا يُزِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ لِصُعُودِهِ مِنْ الْمَعِدَةِ.
[قَوْلُهُ: الْحِجَامَةُ] أَيْ وَلَا الْفَصَادَةُ.
[قَوْلُهُ: أَيْ الْمَرَضِ] قَالَ فِي الْقَامُوسِ: غَرَّرَ بِنَفْسِهِ تَغْرِيرًا أَيْ عَرَّضَهَا لِلْهَلَكَةِ، فَيَكُونُ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّيْءِ بِمُتَعَلَّقِهِ وَيُرَادُ بِالْهَلَاكِ مَا يَشْمَلُ الْمَرَضَ أَيْ لَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْحِجَامَةُ إلَّا لِخَوْفِ الْمَرَضِ بِأَنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا، وَهَذَا فِي الصَّحِيحِ أَيْ لِقَوْلِهِ: خِيفَةَ وَكَذَا الْمَرِيضُ إذَا شَكَّ فِي السَّلَامَةِ، وَأَمَّا إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ فَيُكْرَهُ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ دُونَ الصَّحِيحِ، وَكَأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ الْجَزْمُ بِالسَّلَامَةِ.
[قَوْلُهُ: الْبُنَانِيَّ] بِضَمِّ الْبَاءِ.
[قَوْلُهُ: أَكُنْتُمْ] أَيْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُرَادُ فِي حَيَاتِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ، فَإِنْ قُلْت: هَلَّا قَالَ أَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قُلْت: لَعَلَّ ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى الِاخْتِصَارِ فِي السُّؤَالِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَرَاهَتَهُمْ الْحِجَامَةَ إمَّا لِكَوْنِ الرَّسُولِ كَانَ يَكْرَهُهَا أَوْ مِنْ اجْتِهَادِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّسُولُ حَكَمَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، فَلَوْ قَالَ: مَا ذَكَرَ لَجَازَ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَحْكُمْ بِشَيْءٍ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَيَقَعُ تَطْوِيلٌ.
[قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ] أَيْ مِنْ أَجْلِ خِيفَةِ الضَّعْفِ فَيَكُونُ دَلِيلًا بِالصَّرَاحَةِ، وَيُحْتَمَلُ إلَّا مِنْ الضَّعْفِ الْحَاصِلِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا شَكَّ فِي السَّلَامَةِ فَيَكُونُ دَلِيلًا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ عَلِمَ بِرُجُوعِ شَيْءٍ إلَخْ] هَذَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا كَفَّرَ وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ إذَا شَكَّ فِي الْوُصُولِ وَالْقَلْسِ كَالْقَيْءِ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الْمَعِدَةِ عَنْ امْتِلَائِهَا وَأَمَّا الْبَلْغَمُ يَصِلُ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ وَتَعَمَّدَ ابْتِلَاعَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَا الرِّيقُ يَتَعَمَّدُ جَمْعَهُ فِي فِيهِ وَيَبْتَلِعُهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
[قَوْلُهُ: شَهَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَوَّلَ] أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
[قَوْلُهُ: فِي الْكَفَّارَةِ] بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا.
[قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ إلَخْ] احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اسْتِقَاءَ لِأَجْلِ مَرَضٍ بَعَثَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هُوَ عَيْنُ كَلَامِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَذَا كَلَامُ أَبِي الْفَرَجِ، وَانْظُرْ النَّعْتَ بِقَوْلِهِ الْمَالِكِيِّ: فَهَلْ هُوَ لِلتَّخْصِيصِ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهِ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِتِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ الْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْمُشَارُ لَهُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ قُوَّةُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثِلَ لِلْقَوِيِّ قَوِيٌّ، فَقَدْ أَطْلَقَ هُنَا اللَّفْظَ وَأَرَادَ لَازِمَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ الرَّاجِحُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ] أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ ذَرَعَهُ