للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْأَصْلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ يَجِبُ فِي مَسَائِلَ وَيُبَاحُ فِي بَعْضِهَا، فَمِنْ الْأَوَّلِ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ نَهَارًا فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْفِطْرُ بَقِيَّةَ يَوْمِهَا (وَ) مِنْهُ (إذَا خَافَتْ) الْمَرْأَةُ (الْحَامِلُ) وَهِيَ صَائِمَةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا) أَوْ عَلَى نَفْسِهَا هَلَاكًا أَوْ حُدُوثَ عِلَّةٍ (أَفْطَرَتْ) وُجُوبًا (وَلَمْ تُطْعِمْ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَقْضِي (وَقَدْ قِيلَ تُطْعِمُ) رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَخَفْ لَا تُفْطِرُ وَلَوْ جَهَدَهَا الصَّوْمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَمِنْ الثَّانِي الْمَرَضُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَالسَّفَرُ بِشَرْطِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا وَمِنْهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلِلْمُرْضِعِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّامَ لِلْإِبَاحَةِ أَيْ وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ (إنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا) أَوْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ الصَّوْمِ (وَلَمْ تَجِدْ مَا) وَيُرْوَى مَنْ (تُسْتَأْجَرُ لَهُ أَوْ) وَجَدَتْ وَلَكِنَّهُ أَيْ الْوَلَدَ (لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا أَنْ تُفْطِرَ وَ) يَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ أَنْ (تُطْعِمَ) وَقِيلَ اللَّامُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ، وَعَلَى الْمُرْضِعِ وُجُوبًا إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ نَفْسِهَا أَنْ تُفْطِرَ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْقَيْءُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

[قَوْلُهُ: وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ] أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ» . رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

[قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ فِي بَعْضِهَا] فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَعْضِهَا عَائِدٌ عَلَى مُطْلَقِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَيْسَتْ هِيَ الْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَسَائِلَ، إذْ الْمُرَادُ مِنْهُ مَسَائِلُ الْوُجُوبِ خَاصَّةً.

[قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْفِطْرُ إلَخْ] أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الرَّفْضَ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْهُ] أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ وَمِنْهُ مَا إذَا خَافَ الْمَرِيضُ هَلَاكًا.

[قَوْلُهُ: الْمَرْأَةُ الْحَامِلُ] أَيْ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ حَمْلُهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ قَالَهُ تت.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ صَائِمَةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ] إنَّمَا خَصَّ رَمَضَانَ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِثْلَهُ فِي الْوُجُوبِ لِكَوْنِ مَجْمُوعِ الْأَحْكَامِ إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى نَفْسِهَا] لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَرِيضِ الْآتِي.

[قَوْلُهُ: هَلَاكًا] أَيْ وَمِثْلُهُ شِدَّةُ الْأَذَى فِي وُجُوبِ الْفِطْرِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ حُدُوثَ عِلَّةٍ] أَيْ مَرَضٍ ضَعِيفٍ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ] أَيْ بَلْ إذَا جَهَدَهَا الصَّوْمُ تُخَيَّرُ فِي الْفِطْرِ، وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْحَامِلَ وَمِثْلَهَا الْمُرْضِعَ وَالْمَرِيضَ يُبَاحُ لَهُمْ الْفِطْرُ حَيْثُ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ وَإِنْ لَمْ يَخَافُوا حُدُوثَ مَرَضٍ وَلَا زِيَادَتَهُ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَلَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ لِحُصُولِ مَشَقَّةِ الصَّوْمِ وَهَلْ لَهُ الْفِطْرُ لِخَوْفِ الْمَرَضِ أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَظَاهِرُهُ خَوْفُ أَيِّ مَرَضٍ كَانَ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشَقَّةِ الَّتِي تُبِيحُ لَهُمْ الْفِطْرَ الْمَشَقَّةُ الزَّائِدَةُ عَلَى مَا تَحْصُلُ لَهُ أَنْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا.

[قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الصُّوَرِ] هُوَ مَا إذَا خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ تَمَادِيهِ، وَأَمَّا إذَا خَافَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى فَيَجِبُ وَالْخَوْفُ الْمُجَوِّزُ لِلْفِطْرِ هُوَ الْمُسْتَنِدُ صَاحِبُهُ إلَى قَوْلِ طَبِيبٍ حَاذِقٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَخْبَرَ مَنْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ.

[قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّامَ لِلْإِبَاحَةِ] أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ هَذَا مِنْ الثَّانِي إذَا جُعِلَتْ اللَّامُ لِلْإِبَاحَةِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى نَفْسِهَا] فِيهِ مَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: وَلَمْ تَجِدْ مَا] التَّعْبِيرُ بِمَا نَظَرًا لِلْوَصْفِ.

[قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ أَنْ تُطْعِمَ إلَخْ] الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَامِلِ أَنَّ الْحَامِلَ مُلْحَقَةٌ بِالْمَرِيضِ وَهُوَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلرَّضَاعِ حَيْثُ احْتَاجَتْ لِلْأُجْرَةِ أَوْ لِكَوْنِ الْوَلَدِ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا.

[قَوْلُهُ: أَيْ وَعَلَى الْمُرْضِعِ وُجُوبًا] أَيْ عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ وَشِدَّةِ الْأَذَى وَالنَّدْبُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَذَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

وَأَقُولُ: يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ مَنْ جَعَلَ اللَّامَ لِلْإِبَاحَةِ وَمَنْ جَعَلَهَا لِلْوُجُوبِ بِأَنْ يَحْمِلَ مَنْ جَعَلَهَا لِلْإِبَاحَةِ عَلَى مَا إذَا خَافَتْ مَرَضًا وَيَحْمِلَ مَنْ جَعَلَهَا لِلْوُجُوبِ عَلَى مَا إذَا خَافَتْ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى.

[قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَيْهَا] أَيْ فَإِذَا كَانَ لَهَا مَالٌ وَلَا مَالَ لَهُمَا تَسْتَأْجِرُ وَلَا تُفْطِرُ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَفْطَرَتْ وَأَطْعَمَتْ، وَإِذَا لَمْ تُفْطِرْ الْأُمُّ مَعَ الْخَوْفِ بِقَوْلِ طَبِيبٍ حَاذِقٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>