للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ وَاجِبٌ وَعَلَّقَهُ بِالْبُلُوغِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَعْمَالِ الْأَبْدَانِ لَا تَجِبُ إلَّا بِالْبُلُوغِ.

(وَمَنْ أَصْبَحَ) بِمَعْنَى طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ (جُنُبًا) كَانَتْ الْجَنَابَةُ مِنْ وَطْءٍ أَوْ احْتِلَامٍ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فِي فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ (وَلَمْ يَتَطَهَّرْ) بِالْمَاءِ (أَوْ امْرَأَةٌ حَائِضٌ طَهُرَتْ) بِمَعْنَى انْقَطَعَ عَنْهَا دَمُ الْحَيْضِ وَرَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ (قَبْلَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) الصَّادِقِ (فَلَمْ يَغْتَسِلَا) أَيْ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ الْمَذْكُورَانِ (إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ) سَوَاءٌ أَمْكَنَهُمَا الْغُسْلُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَمْ لَا (أَجْزَأَهُمَا صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، أَمَّا صِحَّةُ صَوْمِ الْجُنُبِ فَلِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» ، وَأَمَّا صِحَّةُ صَوْمِ الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إذَا كَانَ طُهْرُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَدْرِ مَا تَغْتَسِلُ فِيهِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي مِقْدَارٍ لَا يَسَعُ غُسْلَهَا فِيهِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهَا إذَا طَهُرَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا.

(وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَلَا) صِيَامُ (يَوْمِ النَّحْرِ) لِمَا صَحَّ مِنْ نَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ صِيَامِهِمَا وَالْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا (وَلَا يُصَامُ الْيَوْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ إلَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي لَا يَجِدُ هَدْيًا) كَذَا الرِّوَايَةُ يُصَامُ بِالْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَالْمُتَمَتِّعُ بِالرَّفْعِ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يَصُومُ الْيَوْمَيْنِ إلَخْ وَوُجِّهَتْ الرِّوَايَةُ بِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ إلَّا أَنْ يَصُومَهُمَا الْمُتَمَتِّعُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصُومُهُمَا غَيْرُ الْمُتَمَتِّعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَصَّ فِي الْحَجِّ عَلَى أَنَّ الْقَارِنَ مِثْلُهُ يَصُومُهُمَا.

ق: وَالنَّهْيُ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ لَا التَّحْرِيمِ، وَقَالَ ع: وَاخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهِمَا تَعَبُّدٌ أَوْ مُعَلَّلٌ بِضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَذَرَ صَوْمَهُمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُمَا وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ (وَالْيَوْمُ الرَّابِعُ)

ــ

[حاشية العدوي]

الْوَلِيُّ.

[قَوْلُهُ: {فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩]] أَيْ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ {كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: ٥٩] وَهُمْ الْكِبَارُ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ سَائِرُ إلَخْ] قَالَ تت: فَدَلَّ عَلَى لُزُومِ الْأَحْكَامِ لَهُمْ بِالْبُلُوغِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُكْمٍ وَحُكْمٍ، وَبِهَذَا يَرُدُّ إيرَادَ مَنْ قَالَ: إنَّ شَرْطَ الدَّلِيلِ مُطَابَقَتُهُ لِلْمَدْلُولِ وَهَذَا أَخَصُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ، فَلِذَا صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِوُجُوبِ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى لُزُومِ الْفَرَائِضِ لَهُمْ.

[قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا] أَيْ أَصْبَحَ عَامِدًا لِذَلِكَ أَوْ نَاسِيًا.

[قَوْلُهُ: قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ] أَيْ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا] أَيْ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ الِاغْتِسَالُ لَيْلًا وَتَأْخِيرُ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغُسْلَ بَعْدَ الْفَجْرِ إمَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ لِكَوْنِهِ كَانَ لَا يُجَامِعُ إلَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ بِحَيْثُ لَا يَسَعُهُ الْغُسْلُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِذَا شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمْسَاكُ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالْقَضَاءُ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا بَعْدَهُ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ] خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ] أَيْ وَلَا يَصِحُّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ.

وَاخْتُلِفَ هَلْ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ أَوْ مُعَلَّلٌ بِضِيَافَةِ اللَّهِ.

[قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ فَاعِلٌ فَفِعْلُهُ يَكُونُ بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ لَا بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ مَعَ أَنَّهُ هُنَا بِتِلْكَ الصِّيغَةِ، وَأَيْضًا فَقَدْ اسْتَوْفَى عُمْدَتَهُ أَيْ الَّذِي هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ.

[قَوْلُهُ: فَقَدْ نُصَّ فِي الْحَجِّ عَلَى أَنَّ الْقَارِنَ مِثْلُهُ] فِيهِ قُصُورٌ فَالْأَحْسَنُ قَوْلُ عج وَغَيْرُ الْمُتَمَتِّعِ وَمِنْ الْقَارِنِ وَالْمُفْتَدِي وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ لِنَقْصٍ فِي الْحَجِّ غَيْرُ مَا ذَكَرَ كَالْمُتَمَتِّعِ إلَى أَنْ قَالَ: قُلْت وَانْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ الصَّوْمَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ فِي الْحَجِّ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَقْصٍ فِيهِ اهـ.

وَكَتَبَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ نَقَصَ فِي الْحَجِّ لَعَلَّهُ نَقَصَ فِي مُتَعَلِّقَاتِ الْحَجِّ.

وَقَوْلُهُ: لِنَقْصٍ فِي الْحَجِّ أَيْ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَعَجْزٍ عَنْ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يَعْنِي مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ إلَى عَرَفَةَ أَيْ فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ.

[قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ عَنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ إلَخْ] الرَّاجِحُ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا نَقَلَ الْحَطَّابُ عَنْ الشَّبِيبِيِّ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>