مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ (لَا يَصُومُهُ مُتَطَوِّعٌ وَيَصُومُهُ مَنْ نَذَرَ أَوْ مَنْ كَانَ فِي صِيَامٍ مُتَتَابِعٍ قَبْلَ ذَلِكَ) كَمَنْ صَامَ شَوَّالًا وَذَا الْقِعْدَةِ ثُمَّ مَرِضَ فِيهِ، ثُمَّ صَحَّ فِي الرَّابِعِ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: مَنْ نَذَرَهُ جَوَازُهُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ قَصَدَهُ بِالنَّذْرِ أَوْ وَافَقَ نَذْرَهُ مِثْلُ أَنْ يَنْذِرَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُوَافِقَ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ نَذْرِهِ عَلَى التَّعْيِينِ مَكْرُوهٌ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُهُ.
(وَمَنْ أَفْطَرَ) بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ (فِي نَهَارِ رَمَضَانَ) حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ) وُجُوبًا احْتَرَزَ بِنَهَارِ رَمَضَانَ عَمَّا إذَا أَفْطَرَ فِي تَطَوُّعِهِ نَاسِيًا فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَبْلُ أَوْ أَفْطَرَ فِي وَاجِبٍ غَيْرِ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَاحْتُرِزَ بِنَاسِيًا عَمَّا إذَا أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ الْكَفَّارَةُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ بَعْدُ وَبِفَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ إذَا كَانَ فِطْرُهُ بِجِمَاعٍ لِحَدِيثِ «الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَضْرِبُ صَدْرَهُ وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ، وَيَقُولُ: هَلَكْت وَأَهْلَكْت فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: جَامَعْت أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ» أَجَابَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ مِنْ الضَّرْبِ وَالنَّتْفِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ كَانَ عَمْدًا.
(وَكَذَلِكَ) يَجِبُ عَلَى (مَنْ أَفْطَرَ فِيهِ) أَيْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ (لِ) أَجْلِ (ضَرُورَةٍ مِنْ مَرَضٍ) يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ أَوْ لَا يَشُقُّ لَكِنْ يَخَافُ مَعَهُ طُولَ الْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
الظَّاهِرُ عَلَيْهِمَا مَعًا فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لَا يَصُومُهُ مُتَطَوِّعٌ] أَيْ يُكْرَهُ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَمَا قَبْلَهُ أَنَّ التَّعْجِيلَ يُسْقِطُ رَمْيَهُ فَهُوَ أَضْعَفُ رُتْبَةً مِنْهُمَا.
قَالَ تت: وَلَا يَقْضِي فِيهِ رَمَضَانَ وَلَا النَّذْرَ الْمَضْمُونَ وَلَا يَبْتَدِئُ فِيهِ صَوْمَ كَفَّارَةٍ وَالْيَوْمَانِ اللَّذَانِ قَبْلَهُ أَحْرَى اهـ.
[قَوْلُهُ: وَيَصُومُهُ مَنْ نَذَرَهُ] أَيْ يَلْزَمُ النَّاذِرَ صَوْمُهُ مَعَ كَرَاهَتِهِ، وَالنَّذْرُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ مَسْنُونًا نَظَرًا لِكَوْنِهِ عِبَادَةً.
[قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ كَانَ فِي صِيَامٍ إلَخْ] أَيْ وَكَذَا يَصُومُهُ مَنْ كَانَ فِي صِيَامٍ غَيْرِ مَنْذُورٍ لَكِنْ مُتَتَابِعٌ وُجُوبًا قَبْلَ ذَلِكَ، أَيْ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّابِعِ كَمَنْ صَامَ شَوَّالًا وَذَا الْقِعْدَةِ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ صَحَّ فِي لَيْلَةِ الرَّابِعِ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ.
[قَوْلُهُ: أَوْ وَافَقَ نَذْرَهُ إلَخْ] أَيْ وَشَمِلَ مَنْ نَذَرَهُ فِي ضِمْنِ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ.
[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ] فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنَّفِ جَوَازُ صَوْمِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَذَرَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ ابْتِدَاءً مَكْرُوهًا.
[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ] وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ لِحُرْمَةِ الزَّمَنِ فَإِنْ تَمَادَى عَلَى الْفِطْرِ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ، وَأَمَّا لَوْ تَمَادَى مُتَأَوِّلًا بِأَنْ ظَنَّ إبَاحَةَ الْأَكْلِ كَمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ] أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ.
[قَوْلُهُ: أَوْ أَفْطَرَ إلَخْ] الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ فَهُوَ كَرَمَضَانَ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَمَا ذَكَرَهُ عج.
[قَوْلُهُ: مِنْ مَرَضٍ] يَدْخُلُ فِيهِ الْإِغْمَاءُ وَمِنْ الْعُذْرِ أَيْضًا الْإِكْرَاهُ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِلنِّسْيَانِ أَيْ أَنَّ النَّاسِيَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ هَذَا مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ.
[قَوْلُهُ: وَبِفَقَطْ] أَيْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ، فَقَطْ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ مَحْذُوفٌ كَمَا تَقَرَّرَ.
[قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالشَّافِعِيِّ] مَا نَسَبَهُ الشَّارِحُ لِلشَّافِعِيِّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا خِلَافُ مَا فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا لِلشَّيْخِ وَلِيِّ الدِّينِ الْعِرَاقِيِّ، وَخِلَافُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَأَصْلِهِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِ الْكَفَّارَةِ لَا تَجِبُ بِالْجِمَاعِ إلَّا إذَا كَانَ عَمْدًا.
[قَوْلُهُ: يَنْتِفُ] بِكَسْرِ التَّاءِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ [قَوْلُهُ: «هَلَكَتْ وَأَهْلَكْت» ] أَيْ فَعَلْت مَا هُوَ سَبَبٌ لِهَلَاكِي وَهَلَاكِ غَيْرِي وَهُوَ زَوْجَتُهُ الَّتِي وَطِئَهَا.
[قَوْلُهُ: «وَمَا ذَاكَ» ] أَيْ أَيُّ شَيْءٍ سَبَبُ ذَاكَ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ.
[قَوْلُهُ: قَرِينَةَ الْحَالِ] أَيْ قَرِينَةٌ هِيَ الْحَالُ أَيْ حَالُهُ.
[قَوْلُهُ: يَشُقُّ مَعَهُ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّ أَقْسَامَ الْمَرَضِ أَرْبَعَةٌ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثَةٌ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الرَّابِعَ.
[قَوْلُهُ: يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ إلَخْ] وَيَجُوزُ الْفِطْرُ إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَإِلَّا وَجَبَ الْإِفْطَارُ.
[قَوْلُهُ: لَكِنْ يَخَافُ مَعَهُ طُولَ الْمَرَضِ] أَيْ وَاسْتَنَدَ