للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجُمُعَةُ) وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَنَذَرَ أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ (فَلَا يَكُونُ) بِمَعْنًى لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ (إلَّا فِي) الْمَسْجِدِ (الْجَامِعِ) فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ، فَلَا يَصِحُّ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَلَا فِي بَيْتِ الْخَطَابَةِ وَلَا السِّقَايَةِ، وَلَا بَيْتِ قَنَادِيلِهِ لِكَوْنِهَا مَحْجُورًا عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَتْ بِذَلِكَ الْحَوَانِيتَ وَالْبُيُوتَ الَّتِي لَا تُدْخَلُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَالْمُسْتَحَبُّ عَجْزُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ أَخْفَى لِلْعِبَادَةِ وَلِلْبُعْدِ مِمَّنْ قَدْ يَتَشَاغَلُ بِالْحَدِيثِ مَعَهُ. (إلَّا أَنْ يَنْذِرَ أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ) مِثْلَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَأَقَلُّ مَا هُوَ أَحَبُّ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ (إلَيْنَا) أَيْ إلَى الْمَالِكِيَّةِ عَلَى رَأْيٍ (مِنْ الِاعْتِكَافِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ) وَأَكْمَلُهُ شَهْرٌ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى رَأْيٍ أَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْمَلُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ) مَا نَوَاهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ يَوْمًا لَا يَلْزَمُهُ لَيْلَتُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ (وَإِنْ نَذَرَ لَيْلَةً لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْجُمُعَةُ، وَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَعْنَى جَائِزٌ مُصَرَّحٌ بِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِحَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إلَخْ] هَذَانِ الْقَيْدَانِ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِمَا [قَوْلُهُ: وَنَذَرَ أَيَّامًا] أَيْ أَوْ نَوَى أَيَّامًا [قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجَامِعِ] أَيْ لِأَجْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَلَوْ اعْتَكَفَ فِي مَسْجِدٍ لَا خُطْبَةَ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ صَغِيرَةٌ وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِالْكَبِيرَةِ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَإِلَّا جَرَى الْخِلَافُ فِي بُطْلَانِهِ بِالْكَبِيرَةِ.

[قَوْلُهُ: الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ] أَيْ اخْتِيَارًا فَلَا تَصِحُّ بِرَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ، وَأَمَّا رَحْبَتُهُ الدَّاخِلَةُ فِيهِ وَهِيَ الصَّحْنُ فَتَصِحُّ وَكَذَا لَا يَصِحُّ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ.

[قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا مَحْجُورًا عَلَيْهَا] أَيْ فَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي الْكَعْبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّحْجِيرِ، وَلَا يَصِحُّ فِي زَمْزَمَ وَلَا فِي سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَسَاجِدِ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ عَجُزُ الْمَسْجِدِ] بِسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ آخِرُهُ قَالَهُ تت فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخْفَى إلَخْ] فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] قَدْ عَرَفْت مُقَابِلَهُ وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُتَقَدِّمُ.

[قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ مَا هُوَ إلَخْ] هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ، وَعَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ عَشْرَةٌ لَوْ اقْتَصَرَ فِي الِاعْتِكَافِ عَلَى مَا دُونَ الْعَشَرَةِ هَلْ يَكُونُ فَاعِلًا مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى.

وَفِي ظَنِّي أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ ذَكَرَ فِيهِ الْكَرَاهَةَ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عِيسَى ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ.

[قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَكْرُوهٌ] أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى هُمَا قَوْلَانِ حَكَاهُمَا اللَّخْمِيُّ وَذَكَرَ ذَلِكَ تت، وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ هَلْ هُمَا قَوْلَانِ أَوْ مَحَلُّ نَظَرٍ.

تَنْبِيهٌ: تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْأَقَلِّ فِيمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ فِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدًا، فَعَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْمُسْتَحَبِّ، وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْمُسْتَحَبِّ.

[قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ] أَيْ إذَا نَذَرَ يَوْمًا تَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَإِنْ قُلْت: كَلَامُهُ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ بِكَرَاهَةِ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَقَلَّ مُسْتَحَبِّهِ عَشْرَةٌ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا قِيلَ فِي نَاذِرِ رَابِعِ النَّحْرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ذَكَرَهُ عج.

وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْأَقَلِّ شَائِبَتَيْنِ شَائِبَةُ كَوْنِهِ عِبَادَةً وَشَائِبَةُ التَّحْدِيدِ لِهَذَا الْقَدْرِ الْمَخْصُوصِ، فَلَزِمَ النَّاذِرَ الْوَفَاءُ بِهِ لِلشَّائِبَةِ الْأُولَى وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي لُزُومِ الْوَفَاءِ لَوْ نَذَرَ أَكْثَرَ مِنْ أَكْبَرِ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ إلَخْ] إنَّمَا لَزِمَهُ الْأَمْرَانِ بِنَذْرِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ يَوْمِهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: ١٤٢] فَالْمُرَادُ الْأَيَّامُ بِلَيَالِيِهَا، وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>