نَقْدًا أَيْضًا (وَالْحَرْثُ) وَهُوَ الْمُقْتَاتُ الْمُتَّخَذُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا (وَالْمَاشِيَةُ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (فَرِيضَةٌ) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا ضُرِبَ وَأُخِذَتْ مِنْهُ كَرْهًا وَتُجْزِئُهُ وَلَا يُكَفَّرُ. وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يُكَفَّرُ وَاسْتُبْعِدَ
وَلَهَا شُرُوطُ وُجُوبٍ وَشُرُوطُ إجْزَاءِ، أَمَّا الْأُولَى فَسَبْعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ: الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ، وَالنِّصَابُ وَالْمِلْكُ، وَالْحَوْلُ فِي غَيْرِ الْمَعَادِنِ وَالْمُعْشِرَاتِ، وَعَدَمُ الدَّيْنِ فِي الْعَيْنِ وَمَجِيءُ السَّاعِي فِي الْمَاشِيَةِ إذَا كَانَ ثَمَّ سُعَاةٌ وَأَمْكَنَهُمْ الْوُصُولُ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَأَرْبَعَةٌ: النِّيَّةُ، وَتَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ وُجُوبِهَا وَإِخْرَاجُهَا بَعْدَ
ــ
[حاشية العدوي]
مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَيْنِ] أَيْ الِاسْمُ مَنْقُولٌ مِنْ الْعَيْنِ الْبَاصِرَةِ، أَيْ مِنْ اسْمِ الْعَيْنِ الْبَاصِرَةِ. [قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى نَقْدًا أَيْضًا] أَيْ يُسَمَّى مَا ذُكِرَ نَقْدًا أَيْضًا. [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُقْتَاتُ] أَيْ الَّذِي يُقْتَاتُ أَيْ يُؤْكَلُ لِقِيَامِ الْبِنْيَةِ بِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِالْمَحْرُوثِ، وَهُوَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ. [قَوْلُهُ: فَرِيضَةٌ] فُرِضَتْ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِنْ الْهِجْرَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْسِيرَ الزَّكَاةِ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ شَرْطُ وُجُوبِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ بُلُوغُ الْمَالِ نِصَابًا، وَبِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ إخْرَاجُ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ كَمَا أَفَادَهُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فَرِيضَةٌ خَبَرٌ عَنْ الزَّكَاةِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْفَرِيضَةِ. [قَوْلُهُ: ضُرِبَ] أَيْ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا. [قَوْلُهُ: وَتُجْزِئُهُ] إذَا أُخِذَتْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ عِنَادًا أَوْ تَأْوِيلًا وَإِنْ بِتَقَالٍّ وَنِيَّةُ الْإِمَامِ نَائِبَةٌ عَنْ نِيَّتِهِ وَيُؤَدَّبُ. [قَوْلُهُ: وَلَا يُكَفَّرُ] أَيْ لَا يُكَفَّرُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ أَدَائِهَا.
[قَوْلُهُ: إجْزَاءٍ] أَيْ صِحَّةٍ [قَوْلُهُ: فَسَبْعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ] إنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ عَدَّ الْإِسْلَامِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَالْأَصَحُّ خِطَابُهُمْ بِهَا فَيَكُونُ الْإِسْلَامُ شَرْطَ صِحَّةٍ. [قَوْلُهُ: وَالْحُرِّيَّةُ] فَلَا تَجِبُ عَلَى رِقٍّ وَلَوْ كَانَ فِي شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ مِنْ مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ] أَيْ التَّامُّ فَاحْتُرِزَ بِالْمِلْكِ مِمَّا لَا يَمْلِكُ كَالْغَاصِبِ وَالْمُودِعِ، وَبِقَوْلِنَا: التَّامُّ احْتِرَازًا عَنْ الْمِلْكِ لِلْقِيمَةِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا، وَعَنْ مِلْكِ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ لِعَدَمِ تَمَامِ تَصَرُّفِهِ، وَاحْتُرِزَ بِالْحَوْلِ عَنْ عَدَمِ كَمَالِهِ فَلَا تَجِبُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي. [قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمَعَادِنِ] وَأَمَّا الْمَعَادِنُ فَفِيهَا خِلَافٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَعَلَّقُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْمَعْدِنِ وَيَتَوَقَّفُ إخْرَاجُهُ الزَّكَاةَ عَلَى التَّصْفِيَةِ.
وَقَالَ بَعْضٌ: إنَّمَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ مِنْ تُرَابِهِ لَا قَبْلَهُ، وَفَائِدَةُ هَذَا التَّرَدُّدِ لَوْ أَنْفَقَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ هَلْ يُحْسَبُ أَوْ لَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْسَبُ لَا عَلَى الثَّانِي. [قَوْلُهُ: وَالْمُعْشِرَاتِ] أَيْ مَا فِيهِ الْعُشْرُ. [قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الدَّيْنِ فِي الْعَيْنِ] وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِعَدَمِ تَمَامِ الْمِلْكِ، وَأَمَّا الْمَعْدِنُ وَالْمَاشِيَةُ وَالْحَرْثُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي أَعْيَانِهَا فَلَا يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ. [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ ثَمَّ سُعَاةٌ وَأَمْكَنَهُمْ الْوُصُولُ] وَعَدَّ وَأَخَذَ أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَى قَوْمٍ فَالزَّكَاةُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا أَوْ وَصَلَ وَلَمْ يَعُدَّ أَوْ عَدَّ وَلَمْ يَأْخُذْ فَزَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ بِمَوْتٍ أَوْ ذَبْحٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْفِرَارَ فَالْمُعْتَبَرُ مَا وُجِدَ. [قَوْلُهُ: النِّيَّةُ] أَيْ عِنْدَ عَزْلِهَا أَوْ تَفْرِقَتِهَا فَأَحَدُهُمَا كَافٍ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَانَ أَتَمُّ سَنَدٍ يَنْوِي إخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَيَنْوِي عَنْ الْمَجْنُونِ وَلِيُّهُ وَكَذَا الصَّغِيرُ. [قَوْلُهُ: وَتَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ وُجُوبِهَا] أَيْ أَوْ قَرَّبَهُ أَيْ إنَّ تَفْرِقَتَهَا عَلَى نَوْعَيْنِ، نَوْعٌ هُوَ مَوْضِعُ الْوُجُوبِ وَنَوْعٌ هُوَ قُرْبُهُ، وَالْمُرَادُ بِقُرْبِهِ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ، وَفَضَلَ عَنْهُ أَوْ أُعْدِمَ أَوْ مِثْلٌ أَوْ دُونَ لِأَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَيْهِ وَلَا يُجْزِئُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قَرَّبَهُ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ أُعْدِمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا وُجُوبًا، فَإِنْ نَقَلَ كُلَّهَا لَهُ أَوْ فَرَّقَ الْكُلَّ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ الْإِجْزَاءُ، فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ دُونًا لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْهُ لَكِنْ فِي الْمُسَاوِي يُجْزِئُ وَفِي دُونٍ لَا يُجْزِئُ، وَالنَّقْلُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا مِنْ عِنْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute