للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوبِهَا، وَدَفْعُهَا لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ فِي أَخْذِهَا، وَصَرْفُهَا إنْ كَانَ أَوْ لِأَرْبَابِهَا، وَشَرْحُ هَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا مَبْسُوطٌ فِي الْأَصْلِ.

ثُمَّ بَيَّنَ وَقْتَ وُجُوبِ زَكَاةِ الْحَرْثِ بِقَوْلِهِ: (فَأَمَّا زَكَاةُ الْحَرْثِ فَيَوْمَ حَصَادِهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا مَا ذَكَرَهُ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ أَقْرَبُ لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] إنْ صَحَّ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الزَّكَاةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أَيْ الْوَصْفَ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ الطَّيِّبُ وَطَيِّبُ كُلِّ نَوْعٍ مَعْلُومٌ فِيهِ. وَفِي ك: الْوُجُوبُ يَتَعَلَّقُ بِيَوْمِ الْحَصَادِ وَالْإِخْرَاجُ بِيَوْمِ التَّنْقِيَةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ.

(وَ) أَمَّا (الْعَيْنُ) غَيْرُ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ (وَالْمَاشِيَةُ) فَتَجِبُ فِي كُلٍّ مِنْهَا (فِي كُلِّ حَوْلٍ مَرَّةً) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَشَرْطُ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ مَجِيءُ السَّاعِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ وَيَصِلُ وَإِلَّا وَجَبَتْ بِالْحَوْلِ اتِّفَاقًا، وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ أُخْرِجَتْ قَبْلَ مَجِيئِهِ حَيْثُ يَكُونُ لَمْ تَجُزْ.

ثُمَّ بَيَّنَ قَدْرَ النِّصَابِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْحَرْثِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا زَكَاةَ

ــ

[حاشية العدوي]

مُخْرِجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيْءٌ أَوْ كَانَ وَلَا أَمْكَنَ نَقْلُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ فِي بَلَدِ الْوُجُوبِ، وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مِثْلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُنْقَلُ إلَيْهِ إنْ كَانَ خَيْرًا وَلَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ ثَمَنَهَا.

تَنْبِيهٌ:

الْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ مَوْضِعُ الْمَالِكِ وَهَذَا فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَوْضِعِهِمَا أَيْ الَّذِي جُبِيَتَا فِيهِ. [قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا] وَكَذَا إذَا أُخْرِجَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَاعٍ قَبْلَ الْحَوْلِ لِلْفُقَرَاءِ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ مَا لَهَا سَاعٍ فَكَالْحَرْثِ لَا تُجْزِئُ إذَا قُدِّمَتْ قَبْلَ الْوُجُوبِ. [قَوْلُهُ: فِي أَخْذِهَا] أَيْ عَدَلَ فِي أَخْذِهَا وَعَدَلَ فِي صَرْفِهَا، وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي غَيْرِهِمَا أَيْ الْمُتَحَقِّقُ عَدَالَتُهُ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ حَرْثًا. [قَوْلُهُ: أَوْ لِأَرْبَابِهَا] هُمْ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الْمُشَارُ لَهَا

بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة: ٦٠] إلَخْ.

[قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ] اعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا هِيَ فِي التَّمْرِ، وَأَمَّا الزَّرْعُ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقَطْ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلَا يُظْهِرُ قَوْلُ الشَّارِحِ مَا ذَكَرَهُ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْحُبُوبِ قَوْلَيْنِ وَفِي الثِّمَارِ أَقْوَالٌ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ قَالَ: إذَا أَزْهَتْ النَّخْلُ وَطَابَ الْكَرْمُ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

وَالثَّانِي لِابْنِ مَسْلَمَةَ؛ أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الزَّرْعِ إلَّا بِالْحَصَادِ وَلَا تَجِبُ فِي التَّمْرِ إلَّا بِالْجُذَاذِ، وَاحْتُجَّ بِقَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَقِيلَ بِالْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ.

وَالثَّالِثُ خَاصٌّ بِالتَّمْرِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْخَرْصِ لِلْمُغِيرَةِ وَتَرْتِيبُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْوُجُودِ وَهُوَ أَنَّ الطَّيِّبَ أَوَّلًا ثُمَّ الْخَرْصَ ثُمَّ الْجُذَاذَ. وَأَنَّ الْإِفْرَاكَ أَوَّلًا ثُمَّ الْحَصَادَ اهـ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَإِذَا قُلْنَا تَجِبُ الزَّكَاةُ بِالْإِفْرَاكِ فَكُلُّ مَا أُكِلَ مِنْهُ فَرِيكًا فَإِنَّهُ يَحْسُبُهُ وَيَتَحَرَّى زَكَاتَهُ، وَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ مِنْهُ إذْ ذَاكَ أَجْزَأَهُ وَيُزَكِّي عَمَّا يَتَصَدَّقُ مِنْهُ تَطَوُّعًا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. [قَوْلُهُ: إنْ صَحَّ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الزَّكَاةِ] أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ وَالْآيَةَ فِي الزَّكَاةِ وَقِيلَ: السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ أَيْ وَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ مَا كَانَ يُتَصَدَّقُ بِهِ يَوْمَ الْحَصَادِ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ لَا الزَّكَاةُ الْمُقَدَّرَةُ. [قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ] هُوَ مُخَالِفٌ الْمَشْهُورَ إلَّا أَنَّ شُرَّاحَ خَلِيلٍ جَعَلُوا الْإِفْرَاكَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْيُبْسِ، فَقَدْ اعْتَمَدُوا هَذَا الْقَوْلَ أَعْنِي أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْحَصَادِ أَيْ اسْتِحْقَاقِ الْحَصَادِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي. [قَوْلُهُ: مَجِيءُ السَّاعِي عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّ زَكَاتَهُ تَجِبُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ سَوَاءٌ جَاءَ السَّاعِي أَوْ لَمْ يَجِئْ وَهُوَ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ.

[قَوْلُهُ: إنْ كَانَ وَيَصِلُ] أَيْ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ الْإِجْزَاءِ إنْ أَثْبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>