للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَكَاةَ فِي الْفَوَاكِهِ) الْخَضِرَةِ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ (وَ) لَا فِي (الْخُضَرِ) لِمَا صَحَّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْبَعْلُ وَالسَّيْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» .

وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ، وَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَصَبُ فَمَعْفُوٌّ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(وَلَا زَكَاةَ مِنْ الذَّهَبِ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِذَا بَلَغَتْ) الدَّنَانِيرُ (عِشْرِينَ دِينَارًا فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ) وَقَوْلُهُ: (رُبْعُ الْعُشْرِ) تَفْسِيرٌ لِنِصْفِ الدِّينَارِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ (فَمَا زَادَ) عَلَى الْعِشْرِينَ دِينَارًا (فَ) يُخْرِجُ مِنْهُ (بِحِسَابِ ذَلِكَ) أَيْ مَا زَادَ (وَإِنْ قَلَّ) وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ فِي الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَفِي الْفِضَّةِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا (وَلَا زَكَاةَ مِنْ الْفِضَّةِ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ) أَيْ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ (خَمْسَةُ أَوَاقٍ) بِحَذْفِ الْهَاءِ وَثُبُوتِهَا مُخَفَّفَةً وَمُشَدَّدَةً جَمْعُ أُوقِيَّةٍ.

(وَالْأُوقِيَّةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْمُشَارُ لَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. [قَوْلُهُ: الْخَضِرَةِ] هَذَا لِزَرُّوقٍ فَإِنَّهُ قَالَ: يَعْنِي الْخَضِرَةَ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِمَّا لَا يُدَّخَرُ وَلَا يُقْتَاتُ، وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ حَيْثُ قَالَ: يُرِيدُ أَيْ الْمُصَنِّفُ كَانَتْ الْفَاكِهَةُ مِمَّا تُيَبَّسُ وَتُدَّخَرُ أَمْ لَا، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْفَاكِهَةِ الَّتِي تُيَبَّسُ مِثْلَ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ. [قَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ عَنْ مُعَاذٍ إلَخْ] هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ الْمُصَحِّحُ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَالْبَعْلُ] هُوَ مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ بِمَاءٍ وَبِآلَةٍ وَغَيْرِهَا.

وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ مَا يَنْبُتُ مِنْ النَّخْلِ فِي أَرْضٍ يَقْرَبُ مَاؤُهَا فَرَسَخَتْ عُرُوقُهَا فِي الْمَاءِ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَالْأَنْهَارِ وَغَيْرِهَا اهـ مِنْ النِّهَايَةِ. [قَوْلُهُ: وَالسَّيْلِ] غَلَبَ السَّيْلُ فِي الْمُجْتَمِعِ مِنْ الْمَطَرِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ فَعَطْفُهُ عَلَى السَّمَاءِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَانْظُرْ النُّكْتَةَ فِي تَوَسُّطِ الْبَعْلِ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ.

[قَوْلُهُ: بِالنَّضْحِ] أَيْ بِالْمَاءِ الَّذِي يَنْضَحُهُ النَّاضِحُ أَيْ يَحْمِلُهُ الْبَعِيرُ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ لِسَقْيِ الزَّرْعِ فَهُوَ نَاضِحٌ، وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ بِالْهَاءِ سُمِّيَ نَاضِحًا لِأَنَّهُ يَنْضَحُ الْعَطِشَ أَيْ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَا سُقِيَ بِآلَةٍ. [قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ] أَيْ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. [قَوْلُهُ: وَالْحُبُوبِ] أَيْ مَا عَدَا الْحِنْطَةَ. [قَوْلُهُ: وَالْبِطِّيخُ] بِكَسْرِ الْبَاءِ. [قَوْلُهُ: فَمَعْفُوٌّ] أَيْ فَشَيْءٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ فَاعْتَبَرَهَا شَيْئًا وَاحِدًا وَإِلَّا لَقَالَ فَمَعْفُوٌّ عَنْهَا فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: مِنْ الذَّهَبِ] بِمَعْنَى فِي وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. [قَوْلُهُ: فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا] وَوَزْنُ الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا، وَالْقِيرَاطُ ثَلَاثُ حَبَّاتٍ مِنْ وَسَطِ الشَّعِيرِ فَوَزْنُهُ مِنْ الْحَبَّاتِ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ، وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ الْمِصْرِيَّةُ الْمَوْجُودَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ سِكَّةِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ فَقَدْ صَغُرَتْ عَنْ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى صَارَ النِّصَابُ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَنِصْفَ دِينَارٍ وَخَرُّوبَةً وَسُبُعَيْ خَرُّوبَةٍ. [قَوْلُهُ: زِيَادَةُ إيضَاحٍ] جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْسِيرِ لِأَنَّهُ عِنْدَ أَدْنَى تَأَمُّلٍ يُعْلَمُ ذَلِكَ وَهُوَ مَرْفُوعٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَعُبِّرَ بِزِيَادَةٍ نَظَرًا لِكَوْنِهِ فِي ذَاتِهِ وَاضِحًا يُعْلَمُ كَوْنُهُ رُبْعَ الْعُشْرِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. [قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ] أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا شَيْءَ فِي الزَّائِدَةِ عَلَى النِّصَابِ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فِي الذَّهَبِ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فِي الْوَرِقِ إذَا بَلَغَ زَكَاةً انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: مِائَتَيْ دِرْهَمٍ] شَرْعِيَّةٍ وَوَزْنُ الْمِائَتَيْنِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمِصْرِيَّةِ فِي زَمَانِنَا عَلَى مَا حَرَّرَهُ عج مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَنِصْفُ دِرْهَمٍ وَثُمُنُ دِرْهَمٍ، وَذَلِكَ لِنَقْصِ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ عَنْ الدِّرْهَمِ الْمِصْرِيِّ خَرُّوبَةً وَعُشْرَ خَرُّوبَةٍ وَنِصْفَ عُشْرِ خَرُّوبَةٍ، وَالتَّعْوِيلُ فِي النِّصَابِ مِنْ الْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ عَلَى مَا يُسَاوِي الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيَّةٍ وَزْنًا، لِأَنَّ الْأَنْصَافَ لَا ضَابِطَ لَهَا لِاخْتِلَافِهَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، فَكُلُّ مَنْ مَلَكَ ذَلِكَ الْوَزْنَ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا مِقْدَارُهُ مِنْ الْقُرُوشِ، فَيَنْضَبِطُ لِانْضِبَاطِهَا بِالْوَزْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ نَوْعِهَا فَالْكِلَابُ وَالرِّيَالُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَرُبْعٌ لِاتِّفَاقِهِمَا وَزْنًا، وَأَمَّا النَّادِقَةُ فَالنِّصَابُ مِنْهَا عِشْرُونَ وَأَبُو طَاقَةٍ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ. [قَوْلُهُ: أَيْ الْمِائَتَيْ] ذَكَرَهُ عَلَى طَرِيقِ الْحِكَايَةِ وَإِلَّا لَقَالَ أَيْ الْمِائَتَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>