زِنَتُهَا (أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) بِالدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الدِّرْهَمُ الْمَكِّيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ زِنَتَهُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ إلَى آخِرِهِ، وَيُقَالُ لَهُ دِرْهَمُ الْكَيْلِ ثُمَّ فَسَّرَ الْأُوقِيَّةَ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ بِقَوْلِهِ: (مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ أَعْنِي أَنَّ سَبْعَةَ دَنَانِيرَ) شَرْعِيَّةٍ (وَزْنُهَا عَشَرَةُ) أَيْ وَزْنُ عَشَرَةِ (دَرَاهِمَ) شَرْعِيَّةٍ، وَذَلِكَ أَنَّك إذَا اعْتَبَرْت مَا فِي سَبْعَةِ دَنَانِيرَ وَمَا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ دِرْهَمِ الْكَيْلِ وَدَنَانِيرِ الْكَيْلِ وَجَدْتهمَا وَاحِدًا لِأَنَّ وَزْنَ الدِّرْهَمِ كَمَا تَقَدَّمَ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ، وَكُلُّ دِينَارٍ وَزْنُهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً، فَإِذَا ضَرَبْت عَشَرَةً فِي خَمْسِينَ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَتَبْقَى الْأَخْمَاسُ وَهِيَ عِشْرُونَ خُمُسًا بِأَرْبَعِ حُبُوبٍ، فَهَذِهِ خَمْسُمِائَةٍ وَأَرْبَعُ حُبُوبٍ وَإِذَا ضَرَبْت سَبْعَةً فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَأَرْبَعُ حُبُوبٍ، فَاتَّفَقَ السَّبْعُ دَنَانِيرَ وَالْعَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَدَدِ الْحُبُوبِ وَكَرَّرَ قَوْلَهُ: (فَإِذَا بَلَغَتْ) الدَّرَاهِمُ مِنْ (هَذِهِ الدَّرَاهِمِ مِائَتَا دِرْهَمٍ) صَوَابُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (فَفِيهَا رُبْعُ عُشْرِهَا) وَهُوَ (خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَمَا زَادَ) عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ (فَبِحِسَابِ ذَلِكَ وَيُجْمَعُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِي الزَّكَاةِ) لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ.
. ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْجَمْعِ فَقَالَ: (فَمَنْ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَلْيُخْرِجْ مِنْ كُلِّ مَالٍ رُبْعَ عُشْرِهِ) فَالْجَمْعُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَالْأُوقِيَّةُ] الَّتِي هِيَ مُفْرَدُ أَوَاقٍ بِالْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَأَنْكَرَ الْجُمْهُورُ وُقِيَّةً.
تَنْبِيهٌ:
أَوَاقٍ عَلَى وَزْنِ جَوَارٍ.
[قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لَهُ دِرْهَمُ الْكَيْلِ] أَيْ لِأَنَّ بِهِ يَتَحَقَّقُ الْمَكَايِيلُ الشَّرْعِيَّةُ إذَا تَرَكَّبَ مِنْهَا الْأُوقِيَّةُ وَالرَّطْلُ وَالْمُدُّ وَالصَّاعُ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ] تَعَقَّبَ ابْنُ عُمَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ فَأَحَالَ مَجْهُولًا عَلَى مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ وَزْنَ الذَّهَبِ.
وَالثَّانِي: قَوْلُهُ مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ أَحَالَ الدَّرَاهِمَ عَلَى الدَّنَانِيرِ. وَقَوْلُهُ: أَعْنِي يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الدَّنَانِيرَ يُفَسِّرُهَا بِالدَّرَاهِمِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ فَسَّرَ الْأُوقِيَّةَ لَا يَظْهَرُ إذْ لَيْسَ قَوْلُهُ مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ تَفْسِيرًا لِلْأُوقِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
[قَوْلُهُ: وَدَنَانِيرُ الْكَيْلِ] اُنْظُرْهُ فَإِنَّك قَدْ عَرَفْت أَنَّ الدِّرْهَمَ يُسَمَّى دِرْهَمَ الْكَيْلِ لِأَنَّ بِهِ عُرِفَتْ الْمَكَايِيلُ الشَّرْعِيَّةُ، فَمَا وَجْهُ تَسْمِيَةِ الدِّينَارِ بِكَوْنِهِ يُسَمَّى دِينَارَ الْكَيْلِ. [قَوْلُهُ: وَكَرَّرَ قَوْلَهُ] التَّكْرَارُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِ مَأْخُوذًا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا زَكَاةَ مِنْ الْفِضَّةِ فِي أَقَلَّ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِيهَا الزَّكَاةُ. [قَوْلُهُ: فَإِذَا بَلَغَتْ الدَّرَاهِمُ] أَيْ الْمُطْلَقَةُ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَيْ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَضِيَّةُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا لَوْ نَقَصَتْ عَنْ ذَلِكَ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ نَقَصَهَا وَزْنًا مَعَ كَوْنِهَا تُرَوَّجُ كَالْكَامِلَةِ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَرْجُ كَالْكَامِلَةِ فَلَا وَأَمَّا إذَا كَمُلَتْ حِسًّا وَنَقَصَتْ مَعْنًى كَأَنْ تَكُونَ مَغْشُوشَةً أَوْ رَدِيئَةَ الْأَصْلِ فَالْأَوْلَى إنْ رَاجَتْ كَكَامِلَةٍ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّانِيَةُ يُزَكِّيهَا مُطْلَقًا رَاجَتْ كَكَامِلَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّ رَدِيئَةَ الْأَصْلِ شَأْنُهَا أَنْ لَا تَنْقُصَ فِي التَّصْفِيَةِ فَيُزَكِّيَهَا مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرْنَا، فَإِنْ قِيلَ: زَكَاةُ النَّاقِصَةِ الَّتِي تُرَوَّجُ كَالْكَامِلَةِ مُنَافٍ لِلْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ النِّصَابَ تَحْدِيدٌ لَا تَقْرِيبٌ، فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ أَوْ أَنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ الَّذِي تُرَوَّجُ مَعَهُ بِرَوَاجِ الْكَامِلَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَالْفُلُوسُ الْجُدُدُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَلَوْ تُعُومِلَ بِهَا عَدَدًا. [قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ] هَذَا فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ إخْرَاجُ رُبْعِ عُشْرِهِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُ رُبْعِ عُشْرِهِ يُشْتَرَى بِهِ نَحْوُ طَعَامٍ مِمَّا يُمْكِنُ قَسْمُهُ عَلَى أَرْبَعِينَ جُزْءًا. [قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ إلَخْ] بَيَّنَهُ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ وَرُوِيَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ضَمَّ الذَّهَبَ إلَى الْفِضَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute