للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطِ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهَا وَأَنْ تَكُونَ مِمَّا يُبَاعُ. مِثْلُهُ فِي الدَّيْنِ (يُزَكِّ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ) مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ الْعَيْنِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ، أَوْ يُنْقِصُهُ عَنْ مِقْدَارِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَعِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يُوفِي دَيْنَهُ فَإِنَّهُ يُقَوِّمُ الْعُرُوضَ وَقْتَ الْوُجُوبِ آخِرَ الْحَوْلِ وَيَجْعَلُهَا فِي الدَّيْنِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَيُزَكِّي الْعَيْنَ هَذَا إذَا وَقَّتَ عُرُوضَهُ بِدَيْنِهِ.

(فَإِنْ لَمْ تُوَفِّ عُرُوضُهُ بِدَيْنِهِ حَسَبَ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ فِيمَا) أَيْ الَّذِي (بِيَدِهِ) مِنْ الْمَالِ (فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَحْسِبَ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ مِمَّا بِيَدِهِ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَاةٌ) مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَعَلَيْهِ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَعِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ مَا يَفِي بِعَشَرَةٍ تَبْقَى عَشَرَةٌ مِنْ الثَّلَاثِينَ، وَيُعْطِيهَا فَتَبْقَى عِشْرُونَ فَيُزَكِّيهَا.

وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ نِصَابٌ أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْده عِشْرُونَ وَعَلَيْهِ عِشْرُونَ، وَعِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يُوفِي بِعَشَرَةٍ فَتَبْقَى عَشَرَةٌ يُعْطِيهَا مِنْ الْعِشْرِينَ تَبْقَى عَشَرَةٌ لَا زَكَاةَ فِيهَا.

وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ زَكَاةَ مَا عَدَاهُ فَقَالَ.

(وَلَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ وَلَا مَاشِيَةٍ) وَكَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ زَكَاةَ مَعْدِنٍ وَلَا رِكَازٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَا عِنْدَهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَا يُسْقِطُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعَيْنِ أَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جَاءَتْ بِإِسْقَاطِ الدَّيْنِ فِي الْعَيْنِ، وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ وَالثِّمَارُ فَقَدْ بَعَثَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ الْخُرَّاصَ وَالسُّعَاةَ فَخَرَصُوا عَلَى النَّاسِ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ زَكَاةَ مَوَاشِيهِمْ وَلَمْ يَسْأَلُوهُمْ هَلْ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَيُسْقِطُهَا عِنْدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَقَالَ: (وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ لَهُ مَالٌ (فِي دَيْنٍ) أَصْلُهُ عَيْنٌ عِنْدَهُ أَوْ بِيَدِهِ عَرْضُ تِجَارَةٍ (حَتَّى يَقْبِضَهُ) يُرِيدُ بِالدَّيْنِ دَيْنَ الْقَرْضِ وَدَيْنَ الْبَيْعِ إذَا كَانَ مُحْتَكِرًا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ فَيُسَلِّفَهُ لِرَجُلٍ أَوْ يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً ثُمَّ يَبِيعَهَا بِدَيْنٍ. (وَإِنْ أَقَامَ) الدَّيْنَ (أَعْوَامًا) عِنْدَ الْمَدِينِ (فَإِنَّمَا يُزَكِّيهِ) رَبُّهُ (لِعَامٍ وَاحِدٍ) لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ (بَعْدَ قَبْضِهِ) إذَا كَانَ نِصَابًا أَوْ مُضَافًا إلَى مَالٍ عِنْدَهُ قَدْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُ الْحَوْلُ فَيَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ.

ــ

[حاشية العدوي]

بِشَرْطِ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ] وَحَوْلُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَحَوْلُ الْمُعْشِرِ طِيبُهُ وَالْمَعْدِنِ خُرُوجُهُ. [قَوْلُهُ: وَيُعْطِيهَا] لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِعْطَاءَ بِالْفِعْلِ لِجَوَازِ تَأَخُّرِ أَجَلِ الدَّيْنِ بَلْ الْمُرَادُ يُلَاحِظُ أَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَكَأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَخَذَهَا بِالْفِعْلِ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَحَقَّ أَخْذُهَا الْآنَ لِعَدَمِ حُلُولِ الْأَجَلِ.

[قَوْلُهُ: الْخُرَّاصَ] هُمْ الَّذِينَ يُقَدِّرُونَ مَا عَلَى النَّخِيلِ مِنْ الْأَوْسُقِ. وَقَوْلُهُ: فَخَرَصُوا نَاظِرٌ لِلْخُرَّاصِ الَّذِينَ هُمْ لِلثِّمَارِ. وَقَوْلُهُ: وَأَخَذُوا نَاظِرٌ لِلسُّعَاةِ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَوَاشِي، فَفِي الْعِبَارَةِ تَوْزِيعٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَأَخَذُوا مِنْهُمْ أَيْ النَّاسِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ، وَالسُّعَاةُ لَيْسُوا قَاصِرِينَ عَلَى الْمَاشِيَةِ بَلْ كَمَا يَكُونُونَ لَهَا يَكُونُ لِمَا نَبَتَ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. [قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَ أَشْهَبَ] أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِهِ] أَيْ حَقِيقَةً وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ حُكْمًا كَأَنْ وَهَبَهُ الْمُحْتَكِرُ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، فَإِنَّ الْمُحْتَكِرَ يُزَكِّيهِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَاهِبُ أَرَدْت أَنَّ الزَّكَاةَ مِنْهُ، وَأَوْلَى لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ الْوَاهِبُ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا. [قَوْلُهُ: فَيَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ] أَيْ فَيَكْمُلُ بِالْمَالِ الَّذِي عِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>