عَلَيْهِمْ: السَّخْلَةَ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا تَأْخُذْهَا وَالرِّبْحُ كَالسِّخَالِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى زَكَاةِ الْمِدْيَانِ فَقَالَ: (وَمَنْ لَهُ مَالٌ) يَعْنِي مِنْ الْعَيْنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ حَبٍّ إلَخْ (تَجِبُ الزَّكَاةُ) مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) بِعِوَضٍ سَوَاءٌ كَانَ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الَّذِي لَهُ وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا (أَوْ) عَلَيْهِ دَيْنٌ (يَنْقُصُهُ) أَيْ يُنْقِصُ الْمَالَ الَّذِي مَعَهُ (عَنْ مِقْدَارِ مَالِ الزَّكَاةِ) أَيْ الْقَدْرَ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ مَثَلًا (فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ) فِي الصُّورَتَيْنِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ وَلَوْ كَانَ مَهْرَ امْرَأَتِهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ التَّشْهِيرَيْنِ، وَعَلَى التَّشْهِيرِ الْآخَرِ لَا يُسْقِطُهَا وَظَاهِرٌ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ دَيْنَ زَكَاةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَيَّدْنَا قَوْلَهُ: وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَوْلِنَا بِعِوَضٍ احْتِرَازًا مِنْ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ قَالَهُ ع: ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ سُقُوطِ زَكَاةِ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ مَسْأَلَةً فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ مَنْ لَهُ مَالٌ فِيهِ الزَّكَاةُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ أَوْ دَيْنٌ يَنْقُصُهُ عَنْ مَالِ الزَّكَاةِ شَيْءٌ (مِمَّا لَا يُزَكَّى مِنْ عُرُوضٍ مُقْتَنَاةٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الرَّقِيقُ وَالْعَقَارُ وَالرِّبَاعُ وَالثِّيَابُ وَالْقَمْحُ وَجَمِيعُ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالْحَيَوَانِ الْقَاصِرَةِ عَنْ النِّصَابِ فَقَوْلُهُ: (أَوْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُقْتَنَاةٍ أَوْ عَقَارٍ) بِالْفَتْحِ مُخَفَّفًا وَهِيَ الْأُصُولُ الثَّابِتَةُ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَتَبَةٌ (أَوْ رَبْعٍ) وَهُوَ مَا لَهُ عَتَبَةٌ كَالدُّورِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (مَا) اسْمُ يَكُونُ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَخَبَرُهَا الظَّرْفُ الْمُتَقَدِّمُ، وَمِمَّا لَا يُزَكَّى إلَخْ بَيَانٌ فَفِي كَلَامِهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَعَلَيْهِ دِينٌ مِثْلُهُ أَوْ يُنْقِصُهُ عَنْ مَالِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ شَيْءٌ (فِيهِ وَفَاءٌ لِدَيْنِهِ) مِمَّا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ عُرُوضِ الْقُنْيَةِ (فَلْ) يَجْعَلْهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ
ــ
[حاشية العدوي]
عِنْدَهُ عِشْرُونَ مِنْ الضَّأْنِ فَوَلَدَتْ تَمَامَ النِّصَابِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ نَسْلَ الْحَيَوَانِ كَرِبْحِ الْمَالِ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ.
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ النَّسْلُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْأُمَّهَاتِ لَوْ نَتَجَتْ الْإِبِلُ غَنَمًا أَوْ الْبَقَرُ إبِلًا نِصَابًا لَكَانَ حَوْلُ النَّسْلِ حَوْلَ الْأُمَّهَاتِ، لَكِنْ يُرَاعَى النِّصَابُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّسْلُ مِنْ نَوْعِ الْأَصْلِ فَلَا يَضُمُّ الْإِبِلَ لِلْبَقَرِ. [قَوْلُهُ: السَّخْلَةُ] تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ سَاعَةَ تُولَدُ وَالْجَمْعُ سِخَالٍ، وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى سَخْلٍ مِثْلَ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ إلَّا أَنَّ مُرَادَهُ أَيْ الْمُصَنِّفِ بِالسَّخْلَةِ الصَّغِيرَةُ، وَسِخَالٌ بِكَسْرِ السِّينِ عَلَى وَزْنِ فِعَالٍ. [قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ كَالسِّخَالِ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَزْكِيَةَ النَّسْلِ أَصْلٌ وَالرِّبْحَ فَرْعٌ، فَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ لَنَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَقِيسُ الْأَصْلَ عَلَى الْفَرْعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْأَنْعَامُ، وَالْفَرْعَ الْعَيْنُ لِأَنَّ الْعَيْنَ اُخْتُلِفَ فِي رِبْحِهَا، وَالْأُمَّهَاتِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا عِنْدَنَا. وَلَمْ يُفَرِّقْ مَالِكٌ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا أَمْ لَا.
[قَوْلُهُ: الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ] وَأَحْرَى إذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ التَّشْهِيرَيْنِ] وَعَلَى الرَّاجِحِ فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيل عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ أَوْ كَمَهْرٍ. [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ إلَخْ] وَالْفَرْقُ أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَتُؤْخَذُ وَلَوْ كَرْهًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ.
[قَوْلُهُ: الْقَاصِرَةُ عَنْ النِّصَابِ] صِفَةٌ لِقَوْلِهِ الْقَمْحُ إلَخْ، ثُمَّ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ حُبُوبٌ أَوْ ثِمَارٌ أَوْ حَيَوَانٌ زُكِّيَتْ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي. [قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَتَبَةٌ] أَيْ كَالْأَرْضِ السَّاحَةِ أَقُولُ: وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ رَبْعٌ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهُوَ لَا يَكُونُ كَعَكْسِهِ بِأَوْ، وَيُجَابُ بِأَنْ يُرَادَ الْعَامُّ مَا عَدَا الْخَاصَّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ إلَخْ. [قَوْلُهُ: فَلْيَجْعَلْهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ] قَالَ بَهْرَامُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الدَّيْنَ يُجْعَلُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْعُرُوضِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّمَا يُجْعَلُ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً اهـ.
[قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute