تَنْبِيهَاتٌ:
الْأَوَّلُ: يُعْطَى الْخُمُسُ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ يَصْرِفُهُ فِي مَحَلِّهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ تَصَدَّقَ وَاجِدُهُ بِهِ.
الثَّانِي: مَا ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ دِفْنِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ دِفْنِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِعَلَامَةٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ يُعَرَّفُ كُلَّ سَنَةٍ تَعْرِيفَ اللُّقَطَةِ، وَمَا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ أَمَارَةُ الْإِسْلَامِ أَوْ أَمَارَةُ الْكُفْرِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ دِفْنِ الْكُفَّارِ لِأَنَّ الدِّفْنَ وَالْكَنْزَ مِنْ شَأْنِهِمْ.
الثَّالِثُ: مَا لَفَظَهُ أَيْ طَرَحَهُ الْبَحْرُ مِنْ جَوْفِهِ إلَى شَاطِئِهِ كَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَسَائِرِ الْحِلْيَةِ الَّتِي يُلْقِيهَا فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَلَا يُخَمَّسُ. ك: إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكُ مَعْصُومٍ فَقَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ مَا تَرَكَ بِمَضْيَعَةٍ عَجْزًا عَنْهُ فِيهِ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ
ــ
[حاشية العدوي]
وُجِدَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ فَهُوَ لِجَمِيعِ. الْجَيْشِ وَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا وُجِدَ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ فَهُوَ لِجَمِيعِ مَنْ افْتَتَحَهَا. زَادَ الْبَاجِيُّ وَجْهًا خَامِسًا وَهُوَ إذَا كَانَ بِأَرْضٍ مَجْهُولَةٍ قَالَ هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَعَلَيْهِ فِيهِ الْخُمُسُ اهـ.
فَقَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَهُوَ لَهُ أَيْ وَلَوْ جَيْشًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَالِكُ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ جَيْشًا أَوْ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ فَمَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَمَا وُجِدَ بِأَرْضِ الصُّلْحِ إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا هُمْ الَّذِينَ دَفَنُوهُ أَوْ دَفَنَهُ غَيْرُهُمْ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَحَدُ الْمُصَالِحِينَ فِي دَارِهِ فَهُوَ لَهُ بِمُفْرَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْهُمْ فَهُوَ لَهُمْ لَا لَهُ [قَوْلُهُ: يَصْرِفُهُ فِي مَحَلِّهِ] الْمُرَادُ يَضَعُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِي مَصَارِفِهِ بِاجْتِهَادِهِ فَيَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِآلِ النَّبِيِّ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، ثُمَّ يَصْرِفُهُ لِلْمَصَالِحِ الْعَائِدِ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْغَزْوِ وَعِمَارَةِ الثُّغُورِ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَقُضَاةِ الدُّيُونِ وَتَزْوِيجِ الْأَعْزَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ وَاجِدُهُ بِهِ] قَضِيَّةُ كَوْنِ مَصْرِفِهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ وَاجِدَهُ يَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لَا خُصُوصِ التَّصَدُّقِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: مَا ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ دِفْنِ إلَخْ] لَوْ قَالَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لِعَلَامَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ الْمَدْفُونَ وَغَيْرَهُ. [قَوْلُهُ: يُعَرَّفُ سَنَةً] أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دِفْنِ الْمُسْلِمِينَ وَدِفْنِ أَهْلِ الذِّمَّةِ هَذِهِ خِلَافُ الرَّاجِحِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَا فَوْقَهُ التَّافِهُ، وَدُونَ الْكَثِيرِ كَالدَّلْوِ وَالدُّرَيْهِمَاتِ وَالدِّينَارِ يُعَرَّفُ أَيَّامًا هِيَ مَظِنَّةُ طَلَبِهَا وَلَا يُعَرَّفُ سَنَةً، وَأَمَّا التَّافِهُ وَهُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ لَا يُعَرَّفُ أَصْلًا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ التَّعْرِيفِ مَا لَمْ يَتَقَادَمْ الزَّمَنُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ أَهْلَهَا انْقَرَضُوا وَإِلَّا فَيَكُونُ مِنْ الْمَالِ الْمَجْهُولِ رَبُّهُ وَلَا يُعَرَّفُ. [قَوْلُهُ: أَوْ أَمَارَةُ الْكُفْرِ] أَيْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ [قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ دِفْنِ الْكُفَّارِ] أَيْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ [قَوْلُهُ: وَالْكَنْزَ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: لَفَظَهُ] بِفَتْحِ الْفَاءِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ طَرَحَهُ إلَخْ] أَيْ مِنْ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَحَرْبِيٍّ فَلَوْ رَآهُ جَمَاعَةٌ فَبَادَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ كَالصَّيْدِ يَمْلِكُهُ الْمُبَادِرُ لَهُ لَا الرَّائِي لَهُ، وَالْعَنْبَرُ رَوْثُ دَوَابِّ الْبَحْرِ أَوْ نَبْعُ عَيْنٍ فِيهِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكُ مَعْصُومٍ] أَيْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْمَعْصُومِ. وَخَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ طَرَحَ مَتَاعَهُ خَوْفَ غَرَقِهِ أَخَذَهُ مِمَّنْ غَاصَ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ يَغْرَمُ أَجْرَهُمَا، وَقِيلَ: لَا وَيَكُونُ لِوَاجِدِهِ وَالظَّاهِرُ تَخْمِيسُهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَا تُرِكَ بِمَضْيَعَةٍ] أَيْ الْمَفَازَةِ الْمُنْقَطِعَةِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَنْ أَسْلَمَ دَابَّتَهُ فِي سَفَرٍ آيِسًا مِنْهَا أَخَذَهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا وَعَاشَتْ وَعَلَى رَبِّهَا دَفْعُ كُلْفَةِ الَّذِي أَخَذَهَا كَأُجْرَةِ قِيَامِهِ عَلَيْهَا إنْ قَامَ عَلَيْهَا لِرَبِّهَا، وَقِيلَ لَا. ابْنُ رُشْدٍ مُقَيِّدًا لِلْأَوَّلِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَخَذَهُ حِفْظًا لِرَبِّهِ أَوْ تَمَلُّكًا بِظَنِّهِ تَرْكَهُ رَبُّهُ وَلَوْ أَخَذَهُ اغْتِيَالًا فَلَا حِلَّ لَهُ، وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَقِيلَ هُوَ لِمَالِكِهِ إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ اخْتِيَارًا، وَقِيلَ لِوَاجِدِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ، وَالْخِلَافُ كَذَلِكَ فِيمَا تَرَكَهُ رَبُّهُ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ عَاجِزًا عَنْهُ فِي مَحَلِّ مَضْيَعَةٍ اهـ. وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِجَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا صِحَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute