للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِطَعِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرَقِ، وَاصْطِلَاحًا (دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ) زَادَ فِي الْوَاضِحَةِ خَاصَّةً، وَالْكَنْزُ يَقَعُ عَلَى دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَدِفْنِ الْإِسْلَامِ، وَالدِّفْنُ: بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى الْمَدْفُونِ كَالذِّبْحِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧] أَيْ مَذْبُوحٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُفْتَحَ دَالُهُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ نَحْوَ: الدِّرْهَمُ ضَرْبُ الْأَمِيرِ أَيْ مَضْرُوبُهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ خَاصٌّ بِجِنْسِ النَّقْدَيْنِ أَوْ عَامٌّ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالطِّيبِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى الثَّانِي وَبَالَغَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ رِكَازٌ، وَلَوْ شَكَّ أَهُوَ جَاهِلِيٌّ أَمْ لَا لِالْتِبَاسِ الْأَمَارَاتِ أَوْ لِعَدَمِهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ.

وَقَالَ ك: الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْصِيصُهُ بِالنَّقْدَيْنِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ: (الْخُمُسُ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» . عَامٌّ فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وَاجِدِهِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ فِيهِ الْخُمُسَ وَلَوْ وُجِدَ بِنَفَقَةٍ كَثِيرَةٍ أَوْ عَمِلَ فِي تَخْلِيصِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّأِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لِمَنْ وَجَدَهُ مُطْلَقًا وَقَرَّرَهُ ع بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ إنْ وَجَدَهُ فِي الْفَيَافِيِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَهُوَ لَهُ اتِّفَاقًا.

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَعْدِنِ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِهِمَا لَا يُقَالُ لَهُ رِكَازٌ لُغَةً. [قَوْلُهُ: دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ] الْجَاهِلِيَّةُ مَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ قَالَهُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ اصْطِلَاحُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ أَهْلُ الْفَتْرَةِ وَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ مَالٌ جَاهِلِيٌّ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَدْفُونَ وَغَيْرَهُ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. [قَوْلُهُ: كَالذِّبْحِ فِي قَوْلِهِ] لَا يَخْفَى أَنَّ الذِّبْحَ بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ فِي الْآيَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ [قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُفْتَحَ دَالُهُ] إنَّمَا أَتَى بِهِ عَلَى احْتِمَالٍ يُشْعِرُ بِقُوَّةِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْكَسْرُ لِأَشْهَرِيَّتِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَالزَّرْكَشِيُّ: وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْمَصْدَرُ وَلَا يُرَادُ هُنَا اهـ.

[قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى الثَّانِي] أَوْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا أَوْ مَدَنِيًّا [قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ] الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ لِقَوْلِهِ: إنَّ الْغَالِبَ إلَخْ إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمَدْفُونِ لَا يَكُونُ عِنْدَ الشَّكِّ رِكَازٌ [قَوْلُهُ: لِالْتِبَاسِ الْإِمَارَاتِ] عِلَّةٌ لِلشَّكِّ وَيَدْخُلُ فِي الِالْتِبَاسِ صُورَتَانِ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ وَانْطَمَسَتْ أَوْ عَلَيْهِ الْعَلَامَاتُ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ] عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ عِنْدَ الشَّكِّ رِكَازًا [قَوْلُهُ: مِنْ فِعْلِهِمْ] أَيْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ [قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفُ إلَخْ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ إلَخْ] بَلْ رَجَعَ إلَى عَدَمِ تَخْصِيصِهِ بِالنَّقْدَيْنِ، وَنَصَّ الدَّفَرِيُّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ مَالِكٌ: مَرَّةً فِيهِ الْخُمُسُ ثُمَّ قَالَ: لَا خُمُسَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ فِيهِ الْخُمُسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبِهِ أَقُولُ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ لَا خُمُسَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ نِصَابًا، وَقَدْ وَجَّهَ الشَّارِحُ الْمَشْهُورَ وَوَجْهُ الْمُقَابِلِ أَنَّهُ عَيْنٌ فَوَجْهُ اعْتِبَارِ النِّصَابِ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ بِنَفَقَةٍ كَثِيرَةٍ] أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَفْسِهِ [قَوْلُهُ: أَوْ عَمَلٍ] . أَيْ كَثِيرٍ أَيْ بِأَنْ عَمِلَ بِنَفْسِهِ وَعَبِيدِهِ، فَإِنْ قُلْت النَّقْلُ يُفِيدُ أَنَّ مَا طُلِبَ بِنَفَقَةٍ وَلَوْ قُلْت فِيهِ الزَّكَاةُ وَالشَّارِحُ اعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّ شَأْنَ النَّفَقَةِ الَّتِي تُصْرَفُ فِي تَحْصِيلِ الرِّكَازِ أَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً. [قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّأِ] إنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ فِيهِ الْخُمُسَ مُطْلَقًا [قَوْلُهُ: وَهُوَ إنْ وَجَدَهُ فِي الْفَيَافِيِ] أَيْ مَوَاتِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ. شَارِحُ الْمُدَوَّنَةِ: الرِّكَازُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مَا وُجِدَ مِنْهُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ وَفَيَافِيِ الْأَرْضِ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَفِيهِ الْخُمُسُ، وَمَا وُجِدَ بِأَرْضِ الصُّلْحِ فَهُوَ لِلَّذِينَ صَالَحُوا عَلَى أَرْضِهِمْ وَلَا يُخَمَّسُ، وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>