للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ الْحَرْبِيِّينَ الْعُشْرُ) أَيْ عُشْرُ مَا قَدِمُوا بِهِ ظَاهِرُهُ بَاعُوا أَوْ لَمْ يَبِيعُوا، وَسَوَاءٌ بَاعُوا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي جَمِيعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَتَقَدَّمَ مَذْهَبُهُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ حَتَّى يَبِيعُوا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ الْأَمَانُ مَا دَامُوا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَجَمِيعُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِانْتِفَاعِهِمْ وَهُمْ غَيْرُ مَمْنُوعِينَ مِنْ بِلَادٍ، فَلَمَّا تَكَرَّرَ نَفْعُهُمْ تَكَرَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ الْعُشْرِ وَإِنْ رَآهُ الْإِمَامُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِحَسَبِ مَا يَرَى الْإِمَامُ وَصَرَّحَ د بِمَشْهُورِيَّتِهِ. وَكَذَلِكَ لَا يُزَادُ عَلَى الْعُشْرِ شَيْءٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا دَخَلُوا بِأَمَانٍ مُطْلَقٍ، وَأَمَّا إذَا شَارَطُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ عَقْدِ الْأَمَانِ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إلَّا أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْعُشْرِ فَيَجُوزُ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ الْعُشْرِ بِحَسَبِ مَا شَارَطُوا عَلَيْهِ. ج: وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ بَيْعِ خَمْرٍ لِمُسْلِمٍ بِاتِّفَاقٍ، وَالْمَشْهُورُ تَمْكِينُهُمْ لِغَيْرِهِ إذَا حَمَلُوهُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ لَا إلَى أَنْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لَا ذِمَّةَ لَهُمْ فِيهَا، ثُمَّ خَتَمَ الْبَابَ بِمَا نَبَّهَنَا عَلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ وَهُوَ قَوْلٌ.

(وَفِي الرِّكَازِ وَهُوَ) لُغَةً عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ يُقَالُ: لِمَا يُوضَعُ فِي الْأَرْضِ وَلِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعْدِنِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

إلَخْ] هَذَا التَّعْمِيمُ لَا ثَمَرَةَ لَهُ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْعُشْرُ فَقَطْ بِوُصُولِهِمْ، وَلَوْ بَاعُوا بِأُفُقٍ وَاشْتَرَوْا بِآخَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ إذَا بَاعُوا بِأُفُقٍ وَاشْتَرَوْا بِآخَرَ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِمْ الْعُشْرُ. وَهُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ فَرْقَ الشَّارِحِ الَّذِي ذَكَرَهُ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ] أَيْ الْأَخْذُ سَوَاءٌ بَاعُوا أَوْ لَمْ يَبِيعُوا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَتَقَدَّمَ مَذْهَبُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا عِبَارَتُهُ فِي التَّحْقِيقِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ حَتَّى يَبِيعُوا كَالذِّمِّيِّينَ. [قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ] قَدْ أَفَدْنَاك أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يُنَاسِبُ إلَّا مَا قُلْنَاهُ وَلَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ فَرْقًا لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْحَرْبِيِّينَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَاعُوا أَوْ لَمْ يَبِيعُوا، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إلَّا إذَا بَاعُوا.

[قَوْلُهُ: لِانْتِفَاعِهِمْ] أَيْ لَا لِأَمْنِهِمْ وَقَوْلُهُ: وَهُمْ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ لِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لِأَشْهَبَ أَيْضًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ النُّزُولِ يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَ مَعَهُمْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ النُّزُولِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ إلَّا الْعُشْرُ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ لِأَحَدٍ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ. وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ الْعُشْرِ سَوَاءٌ قَبْلَ النُّزُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ عَلَى مَا يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ مَعَ الْإِمَامِ دَلَّ عَلَى هَذَا كُلِّهِ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ. [قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ د بِمَشْهُورِيَّتِهِ] وَكَذَا صَرَّحَ تت بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ [قَوْلُهُ: هَذَا] أَيْ قَوْلُ وَكَذَا لَا يُزَادُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَأَمَّا إذَا شَارَطُوا إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ كُلٍّ [قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَا شَارَطُوا عَلَيْهِ] أَيْ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الْعُشْرِ قَلِيلَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ تَمْكِينُهُمْ لِغَيْرِهِ] وَمُقَابِلُهُ لَا يُمَكَّنُونَ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَمْ لَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ [قَوْلُهُ: إذَا حَمَلُوهُ إلَخْ] الْأَحْسَنُ أَنْ لَوْ قَالَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَنَصُّهُ: وَإِنْ قَدِمُوا بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ مِنْهُمْ ذَلِكَ تُرِكُوا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْعُشْرُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَبْتَاعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ رُدُّوا بِهِ وَلَمْ يُتْرَكُوا يَدْخُلُونَ بِهِ، وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ لَهُ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: إذَا بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ وَالْمَعْنَى وَالْمَشْهُورُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ الْقُدُومِ بِهِ إذَا حَمَلُوهُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ إلَخْ [قَوْلُهُ: أَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ] بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ بِمَا فِي إلَخْ.

[قَوْلُهُ: وَفِي الرِّكَازِ] مِنْ رَكَزَ فِي الْأَرْضِ إذَا ثَبَتَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ [قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ إلَخْ] إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى هَذَا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ، فَقَدْ قَالَ الْهَرَوِيُّ: قَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ: هِيَ كُنُوزُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: هِيَ الْمَعَادِنُ، وَوَافَقَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْأَنْبَارِيَّ وَالْخَلِيلَ حَيْثُ قَالَ: الرِّكَازُ الْكَنْزُ يُوجَدُ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي الْمَعْدِنِ اهـ.

[قَوْلُهُ: يُقَالُ لِمَا يُوضَعُ فِي الْأَرْضِ] أَيْ مِنْ الْمَالِ الْمَدْفُونِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفْصَحَ بِهِ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ. [قَوْلُهُ: وَلِمَا يَخْرُجُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>