للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِجَالًا كَانُوا أَوْ نِسَاءً أَحْرَارًا كَانُوا أَوْ عَبِيدًا بَالِغِينَ كَانُوا أَوْ صِبْيَانًا (مِنْ أُفُقٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ وَسُكُونِهَا (إلَى أُفُقٍ) أَيْ مِنْ مَحَلٍّ إلَى غَيْرِ مَحَلِّ جِزْيَتِهِ وَلَا عِمَالَتِهِ (عُشْرُ ثَمَنِ مَا يَبِيعُونَهُ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: عُشْرُ مَا يَدْخُلُونَ بِهِ كَالْحَرْبِيِّينَ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَرَادُوا الرُّجُوعَ قَبْلَ أَنْ يَبِيعُوا أَوْ يَشْتَرُوا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ لِحَقِّ الِانْتِفَاعِ أَوْ لِحَقِّ الْوُصُولِ إلَى الْقُطْرِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْعُشْرُ إذَا اتَّجَرُوا فِي بِلَادِهِمْ وَهُمْ كَذَلِكَ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى أَخْذِ عُشْرِ الثَّمَنِ فَقَالَ: (وَإِنْ اخْتَلَفُوا) أَيْ تَرَدَّدُوا (فِي السَّنَةِ مِرَارًا) وَقَالَ الْإِمَامَانِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لَنَا مَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِتَكَرُّرِ الِانْتِفَاعِ وَالْحُكْمُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ (وَإِنْ حَمَلُوا) أَيْ أَهْلُ الذِّمَّةِ (الطَّعَامَ) الْمُرَادُ بِهِ الْحِنْطَةُ وَالزَّيْتُ (خَاصَّةً) وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا يُقْتَاتُ بِهِ أَوْ يَجْرِي مَجْرَاهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحُبُوبُ وَالْقَطَانِيُّ وَالزَّيْتُونُ وَالْأَدْهَانُ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ (إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ خَاصَّةً أُخِذَ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ مِنْ ثَمَنِهِ) وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ التَّنْصِيفِ، فَقِيلَ: لِيَكْثُرَ الْجَلْبُ إلَيْهِمَا لِشِدَّةِ حَاجَةِ أَهْلِهِمَا لِذَلِكَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَقِيلَ لِفَضْلِهِمَا.

تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ ج: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ قُرَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَيْسَتْ كَهُمَا، وَأَلْحَقَهَا ابْنُ الْجَلَّابِ بِهِمَا.

الثَّانِي: ع: تَكَلَّمَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نِصْفِ الْعُشْرِ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهَلْ الْحَرْبِيُّونَ مِثْلُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْعِلَّةِ فَالْعِلَّةُ جَارِيَةٌ فِي الْجَمْعِ.

ــ

[حاشية العدوي]

التَّحْقِيقُ.

وَقِيلَ: يَجُوزُ عِنْدَ تَنَائِي الْأَقْطَارِ وَفِي بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْحِجَازَ إقْلِيمٌ وَالرُّومَ إقْلِيمٌ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ تت وَالتَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: عُشْرُ ثَمَنِ مَا يَبِيعُونَهُ] أَيْ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ فِي غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمَا اتَّصَلَ بِهِمَا مِنْ قُرَاهُمَا [قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي كَلَامِ تت وعج: وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْمَالًا تَفْصِيلُهُ أَنَّهُمْ إنْ قَدِمُوا مِنْ أُفُقٍ إلَى أُفُقٍ بِعَرْضٍ وَبَاعُوهُ بِعَيْنٍ أُخِذَ مِنْهُمْ عُشْرُ الثَّمَنِ، وَإِنْ قَدِمُوا بِعَيْنٍ وَاشْتَرَوْا بِهَا عَرْضًا أُخِذَ عُشْرُ الْعَرْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عُشْرُ قِيمَتِهِ، وَإِنْ قَدِمُوا بِعَرْضٍ وَاشْتَرَوْا بِهِ عَرْضًا آخَرَ فَعَلَيْهِمْ عُشْرُ قِيمَةِ مَا اشْتَرَوْا لَا عُشْرُ عَيْنِ مَا قَدِمُوا بِهِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِمْ الْأَخْذُ بِتَكَرُّرِ بَيْعِهِمْ وَشِرَائِهِمْ مَا دَامُوا بِأُفُقٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ بَاعُوا بِأُفُقٍ كَالشَّامِ أَوْ الْعِرَاقِ وَاشْتَرَوْا بِآخَرَ كَمِصْرِ أُخِذَ مِنْهُمْ عُشْرٌ فِي الْأَوَّلِ وَعُشْرٌ فِي الثَّانِي كَمَا أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ إنْ قَدِمُوا بَعْدَ ذَهَابِهِمْ لِبَلَدِهِمْ وَلَوْ مِرَارًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ بَالَغَ عَلَى أَخْذِ عُشْرٍ إلَخْ [قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَبِيعُوا] أَيْ إذَا قَدِمُوا بِعُرُوضٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرُوا إذَا قَدِمُوا بِعَيْنٍ [قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ الْحِنْطَةُ وَالزَّيْتُ خَاصَّةً] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا يُقْتَاتُ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ كَالْعَرْضِ وَاللَّبَنِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِهِ جَمِيعُ الْعُشْرِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ يَجْرِي مَجْرَاهُ] أَيْ مِنْ أَدَمٍ وَمُصْلَحٍ. وَقَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحُبُوبُ أَيْ مَا عَدَا الْقَطَانِيَّ لِأَنَّ الْقَطَانِيَّ مِنْهَا [قَوْلُهُ: الْحُبُوبُ وَالْقَطَانِيُّ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: كُلُّ مَا يُقْتَاتُ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَالزَّيْتُونُ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ يَجْرِي مَجْرَاهُ. وَقَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنْ الزَّيْتُونِ وَالْأَدْهَانِ أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأُدْمِ. وَمِنْ الْمُصْلَحِ كَجُبْنٍ وَعَسَلٍ وَمِلْحٍ وَهَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. [قَوْلُهُ: فَقِيلَ لِيَكْثُرَ إلَخْ] أَيْ فَقِيلَ فِي التَّعْدِيلِ لِيَكْثُرَ، وَلَوْ قَالَ: فَقِيلَ كَثْرَةُ الْجَلْبِ إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَهَا ابْنُ الْجَلَّابِ بِهِمَا] وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ فَهُوَ يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَتَرْجِيحَهُ.

[قَوْلُهُ: وَهَلْ الْحَرْبِيُّونَ مِثْلُ ذَلِكَ] مُفَادُ كَلَامِهِ أَنَّهُ تَرَدُّدٌ مِنْهُ لَا إفَادَةُ خِلَافٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ مِثْلُهُمْ [قَوْلُهُ: فَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْعِلَّةِ] أَيْ الَّتِي هِيَ كَثْرَةُ الْجَلْبِ إلَيْهِمَا لِشِدَّةِ حَاجَةِ أَهْلِهِمَا.

[قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ بَاعُوا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>