عَلَى مَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ فَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْرُمُ، وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهُ اضْطَرَبَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ مَرَّةً: يُجْزِئُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ذَكَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَشَرَطَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْإِكْرَاهَ وَقَالَ مَرَّةً: إذَا كَانُوا يَضَعُونَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَفَرَّقَ مَرَّةً بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْحَبِّ عَيْنًا فَيُجْزِئَهُ. وَبَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْعَيْنِ حَبًّا فَلَا يُجْزِئُهُ انْتَهَى.
وَقَالَ د: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي إخْرَاجِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسِهِ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ، فَأَمَّا إخْرَاجُ الْعَرْضِ عَنْ الْعَيْنِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَيُكْرَهُ وَقَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) إشَارَةٌ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ حَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ وَلَا مَاشِيَةٍ) تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِتَكْرَارِهِ مَعْنًى. .
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يُجْزِئُ وَكَرْهًا يُجْزِئُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا اهـ لَفْظُهُ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْرُمُ] أَيْ فَأَخْذُ الْعَيْنِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ يُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ إلَخْ مُفَادُهُ أَنَّ الْمُقَابِلَ الْحُرْمَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: هَلْ هَذَا الْخِلَافُ فِي الصَّدَقَةِ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ قُلْت: قَدْ أَتَى الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَوْجُهِهَا، فَقَالَ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي مَوَاضِعَ أَحَدُهَا النَّهْيُ هَلْ هُوَ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ الْكَرَاهَةِ. وَهَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالتَّطَوُّعِ أَوْ عَامٌّ فِي التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ، وَهَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالرِّقَابِ أَوْ عَامٌّ فِي الرِّقَابِ وَالْمَنَافِعِ، وَهَلْ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ خَاصَّةً أَوْ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَبِالْجُمْلَةِ] أَيْ وَأَقُولُ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْجُمْلَةِ أَيْ بِجُمْلَةِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ. [قَوْلُهُ: أَنَّهُ اضْطَرَبَ فِي ذَلِكَ] أَيْ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ الْمُرَادِ مِنْهُ الْقِيمَةُ كَمَا هُوَ نَصُّ تت. وَمُفَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَوْلُهُ فَقَالَ مَرَّةً: تُجْزِئُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: وَشَرَطَ] أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ: إذَا كَانُوا يَضَعُونَهَا] أَيْ الْقِيمَةَ كَمَا هُوَ مُفَادُ التَّوْضِيحِ، أَيْ يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ إذَا كَانُوا يَضَعُونَ الْقِيمَةَ فِي مَوَاضِعِهَا بِأَنْ دُفِعَتْ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ.
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَوْعًا وَأَقُولُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ خَاصًّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ أَرْبَابَهَا لَوْ دَفَعُوا غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُهُمْ إلَّا إذَا كَانُوا هُمْ أَوْ السُّعَاةُ يَضَعُونَهُ فِي مَوَاضِعِهِ. [قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ مَرَّةً] أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ عَامٌّ فِي دَفْعِ الْعَيْنِ عَنْ غَيْرِهَا، وَالْعَكْسُ وَسِبَاقُ الْكَلَامِ السَّابِقِ بِقَصْرِهِ عَلَى دَفْعِ الْعَيْنِ عَنْ غَيْرِهَا، وَسَكَتَ فِي هَذِهِ عَنْ دَفْعِ الْعَيْنِ عَنْ الْمَاشِيَةِ وَالْعَكْسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ مِثْلُ الْحَبِّ فَتَكُونُ هَذِهِ التَّفْرِقَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ. [قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إلَخْ] أَيْ عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ إخْرَاجُ الْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ أَيْ سَوَاءٌ أَخْرَجَ الْوَرِقَ عَنْ الذَّهَبِ أَوْ الذَّهَبَ عَنْ الْوَرِقِ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ فَيُمْنَعُ أَوْ لَا فَيَجُوزُ، وَرَأَى فِي الْمُفَصَّلِ أَنَّ الْوَرِقَ أَيْسَرُ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
ابْنُ رَاشِدٍ: وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: فَأَمَّا إخْرَاجُ الْعَرْضِ إلَخْ] وَالْعَرْضُ شَامِلٌ لِلْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ كَمَا نَقَلَهُ عج. [قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ] وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمُقَابِلُهُ الْإِجْزَاءُ إذَا لَمْ يُحَابَّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ، وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إذَا أَخْرَجَ عَرْضًا عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ مَاشِيَةٍ أَوْ حَبٍّ، وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ الْعَرْضِ عَيْنًا فَإِنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْإِجْزَاءِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ابْتِدَاءً، فَإِنْ أَخْرَجَ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا رُجِعَ عَلَى الْفَقِيرِ بِهِ، وَدُفِعَ لَهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِهِ الْفَقِيرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا إذًا عَرْضًا أَوْ طَعَامًا رُجِعَ عَلَى الْفَقِيرِ بِهِ، وَدُفِعَ لَهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْفَقِيرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ زَكَاةٌ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، أَفَادَ هَذَا الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي عج عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute