للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَالْآفَاقِيُّ يَتَنَوَّعُ مِيقَاتُهُ إلَى خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ بِاخْتِلَافِ أُفُقِهِ (فَ) أَمَّا (مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ) بِالْهَمْزَةِ وَالْقَصْرِ عَلَى الْأَفْصَحِ (وَ) أَهْلِ (مِصْرَ وَ) أَهْلِ (الْمَغْرِبِ) فَهُوَ (الْجُحْفَةُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى نَحْوِ سَبْعِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَثَلَاثٍ وَنَحْوِهَا مِنْ مَكَّةَ، (فَإِنْ مَرُّوا) أَيْ أَهْلُ هَذِهِ الْآفَاقِ الثَّلَاثَةِ (بِالْمَدِينَةِ) الْمُشَرَّفَةِ (فَالْأَفْضَلُ لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِهَا) وَهُوَ (مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ اسْمُ مَاءٍ فِي الْأَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ وَهُوَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشْرُ مَرَاحِلَ (وَ) أَمَّا

ــ

[حاشية العدوي]

جَمَعَ فِي إحْرَامِهِ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لَكِنَّ الْقِرَانَ لَا يُطْلَبُ لَهُ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْحِلِّ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَى وَلَا غَيْرِهِ.

وَأَمَّا الْعُمْرَةُ إذَا خَرَجَ لِلْحِلِّ لِيُحْرِمَ مِنْهُ بِهَا فَإِنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ ثُمَّ التَّنْعِيمُ، وَهِيَ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ وَتُطْلِقُ عَلَيْهِ الْعَامَّةُ الْعُمْرَةَ تَلِي الْجِعْرَانَةَ فِي الْفَضْلِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْجِعْرَانَةُ أَفْضَلُ مِنْ التَّنْعِيمِ لِبُعْدِهَا عَنْ مَكَّةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا وَلِاعْتِمَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا.

وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ اعْتَمَرَ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ فَإِذَا أَحْرَمَ لِلْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ لِأَنَّهُمَا وَقَعَا بِغَيْرِ شَرْطِهِمَا وَهُوَ الْخُرُوجُ لِلْحِلِّ، فَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا طَافَ وَسَعَى حَلَقَ رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ أَيْضًا بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَى الْحِلِّ وَيَفْتَدِي لِأَنَّهُ كَمَنْ حَلَقَ فِي عُمْرَتِهِ قَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ، وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ قَارِنًا مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ لَكِنَّهُ لَا يَطُوفُ وَلَا يَسْعَى بَعْدَ خُرُوجِهِ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ يَنْدَرِجُ فِيهِمَا طَوَافُ الْعُمْرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ ثُمَّ رَجَعَ فَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَسَعَى فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ.

[قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] أَيْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَمَعَ فِي إحْرَامَاتِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ

[قَوْلُهُ: وَالْآفَاقِيُّ يَتَنَوَّعُ مِيقَاتُهُ إلَى خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ] أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْآفَاقِيُّ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ [قَوْلُهُ: بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ عَلَى الْأَفْصَحِ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالشَّأْمُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا، وَالنِّسْبَةُ شَامِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ وَيَجُوزُ شَآمٌ بِالْمَدِّ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ مِثْلُ يَمَنِيٍّ وَيَمَانٍ اهـ. فَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِالْأَفْصَحِ إلَى أَنَّ خِلَافَهُ مِنْ التَّخْفِيفِ وَالْمَدِّ اللَّذَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ خِلَافُ الْأَفْصَحِ.

[قَوْلُهُ: وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ] أَيْ وَمَنْ خَلَفَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ وَأَهْلِ الرُّومِ وَالتَّكْرُورِ. [قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ سَبْعِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ] أَرَادَ بِالنَّحْوِ الْمَرْحَلَةَ الْوَاحِدَةَ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: ثَمَانٍ مِنْ الْمَدِينَةِ. وَقَوْلُهُ: وَثَلَاثٌ وَنَحْوُهَا مِنْ مَكَّةَ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ عَلَى نَحْوِ خَمْسِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ فَانْظُرْ الْأَصَحَّ مِنْهُمَا، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا. [قَوْلُهُ: فَالْأَفْضَلُ لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إلَخْ] لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مِنْهَا، وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِحْرَامُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ مِيقَاتَهُمْ أَمَامَهُمْ، وَلِهَذَا لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَذْهَبُوا إلَى مَكَّةَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، بِحَيْثُ لَا يَمُرُّونَ عَلَى مِيقَاتِهِمْ وَلَا يُحَاذُونَهُ لَوَجَبَ الْإِحْرَامُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَمَا يَجِبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ ذِي إلَخْ] الْمُنَاسِبُ حَذْفُ مِنْ لِأَنَّ مِيقَاتَ أَهْلِهَا ذُو الْحُلَيْفَةِ. [قَوْلُهُ: الْحُلَيْفَةُ] تَصْغِيرُ حَلْفَةٍ نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ قَالَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ.

[قَوْلُهُ: اسْمُ مَاءٍ فِي الْأَصْلِ] أَيْ لِبَنِي جُشَمَ بِالْجِيمِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَفِي قَوْلِهِ فِي الْأَصْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا الْآنَ لَيْسَ اسْمًا لِلْمَاءِ، وَإِنَّمَا هِيَ اسْمٌ لِقَرْيَةٍ وَلِذَلِكَ قَالَ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ: وَهِيَ قَرْيَةٌ خَرِبَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مِائَةُ مِيلٍ قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ.

[قَوْلُهُ: عَشْرُ مَرَاحِلَ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمَرْحَلَةُ الْمَسَافَةُ الَّتِي يَقْطَعُهَا الْمُسَافِرُ فِي نَحْوِ يَوْمٍ وَالْجَمْعُ الْمَرَاحِلُ اهـ.

فَائِدَةٌ: الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهَا أَبْعَدَ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ قِيلَ: أَنْ يَعْظُمَ أُجُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي بُعْدِهَا مَعْنًى لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَتَلَبَّسُونَ بِالْإِحْرَامِ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَيَخْرُجُونَ مُحْرِمِينَ مِنْ حَرَمٍ إلَى حَرَمٍ فَيَتَمَيَّزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمَدِينَةِ بِحُصُولِ شَرَفِ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ وَالْحَاصِلُ لِغَيْرِهِ شَرَفُ الِانْتِهَاءِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>