للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَالطَّرِيقُ فِي وَسَطِهِ وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا أَسْرَعَ الرَّجُلُ فِي مَشْيِهِ وَلَا تُسْرِعُ الْمَرْأَةُ، وَهَذَا الْإِسْرَاعُ تَعَبُّدِيٌّ وَقِيلَ مَعْقُولٌ الْمَعْنَى لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ فِيهِ الْعَذَابَ عَلَى أَهْلِ الْفِيلِ الَّذِينَ أَتَوْا لِهَدْمِ الْكَعْبَةِ

(فَإِذَا وَصَلَ إلَى مِنًى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) يَعْنِي بَدَأَ بِرَمْيِهَا أَوَّلَ مَا يَأْتِي مِنًى وَهُوَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ رُكُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَهِيَ الْبِنَاءُ وَمَا تَحْتَهُ وَهِيَ آخِرُ مِنًى مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ، سُمِّيَتْ جَمْرَةٌ بِاسْمِ مَا يُرْمَى فِيهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ. ق:

وَلِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءً وَهُوَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَوَقْتُ قَضَاءٍ وَهُوَ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ مَعَ الْفَوَاتِ، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ وَسُقُوطِهِ مَعَ الْقَضَاءِ وَلَا يَبْطُلُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ شَيْءٍ مِنْ الْجِمَارِ اهـ.

وَلِلرَّمْيِ شُرُوطُ صِحَّةٍ وَشُرُوطُ كَمَالٍ، أَمَّا شُرُوطُ الصِّحَّةِ فَثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَضَعَ الْحَصَاةَ عَلَيْهَا وَلَا يَطْرَحَهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَجْزِهِ بَلْ يَحْذِفُهَا حَذْفًا، وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ: رَمَى فَإِنَّ الرَّمْيَ هُوَ الْحَذْفُ وَصِفَةُ الرَّمْيِ أَنْ يَجْعَلَ الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ، وَقِيلَ يُمْسِكُهَا بِإِبْهَامِهِ وَالْوُسْطَى. الثَّانِي: الْعَدَدُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ رَمَى السَّبْعَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ اُحْتُسِبَ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرْمَى بِهِ حَجَرًا وَنَحْوَهُ فَلَا يُجْزِئُ الطِّينُ وَلَا الْمَعَادِنُ كَالْحَدِيدِ، وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الْمُرْمَى.

ــ

[حاشية العدوي]

فِيلَ أَبْرَهَةَ كَلَّ فِيهِ وَأَعْيَا فَحُسِرَ أَصْحَابُهُ بِفِعْلِهِ وَأَوْقَعَهُمْ فِي الْحَسَرَاتِ. قَالَ الْحَطَّابُ: وَفِي كَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ مَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْإِسْرَاعِ فِيهِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ فَرَاجِعْهُ. [قَوْلُهُ: وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى إلَخْ] أَيْ قَدْرُ رَمْيَةِ الْحَجَرِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَقِيلَ: مِائَتَيْ ذِرَاعٍ. [قَوْلُهُ: وَلَا تُسْرِعُ الْمَرْأَةُ] أَيْ فِي مَشْيِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ رَاكِبَةً فَتُسْرِعُ كَالرَّجُلِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ تت. وَنَصُّهُ وَيُحَرِّكُ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَيُسْرِعُ الْمَاشِي مِنْ الرِّجَالِ فِي مَشْيِهِ دُونَ النِّسَاءِ اهـ.

[قَوْلُهُ: بَدَأَ بِرَمْيِهَا] أَيْ الْمَنْدُوبُ الرَّمْيُ حِينَ الْوُصُولِ، وَأَمَّا ذَاتُ الرَّمْيِ فَهُوَ وَاجِبٌ هَذَا إذَا وَصَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنْ وَصَلَ قَبْلَهَا فَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَسْتَقْبِلُ الْجَمْرَةَ فِي حَالِ الرَّمْيِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ. [قَوْلُهُ: مِنْ رُكُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ] بِخِلَافِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا الْمَشْيُ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْبِنَاءُ وَمَا تَحْتَهُ] هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَعَلَيْهِ فَمَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ مُجْزٍ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ فَرْحُونٍ مِنْ أَنَّ الْجَمْرَةَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُجْتَمِعِ فِيهِ الْحَصَى، وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَرْمِيَ عَنْ الْكَوْمَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضٌ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ جَمْرَةً إلَخْ] مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَحَلِّ بِاسْمِ الْحَالِّ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ يَوْمٍ إلَخْ] بَلْ اللَّيْلُ عَقِبَ كُلِّ يَوْمٍ قَضَاءٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ. [قَوْلُهُ: مَعَ الْفَوَاتِ] فَالْفَوَاتُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَضَاءَ جَمِيعِ جِمَارِ الْعَقَبَةِ وَغَيْرِهَا يَنْتَهِي بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَإِذَا غَرَبَتْ مِنْهُ فَلَا قَضَاءَ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ. [قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ] أَيْ الدَّمِ وَسُقُوطِهِ مَعَ الْقَضَاءِ الرَّاجِحِ مِنْ ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ الْوُجُوبُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَطْرَحُهَا] أَيْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الرَّمْيُ فَلَا يُجْزِئُ الْوَضْعُ وَلَا الطَّرْحُ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهُ بِرَمْيٍ لَا بِوَضْعٍ أَوْ طَرْحٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَجْعَلَ الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهَامِهِ] إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَرْمِي أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ بَلْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً كَمَا سَيَقُولُ. وَقَوْلُهُ: بَيْنَ إبْهَامِهِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِيَدِهِ أَيْ لَا بِقَوْسِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ فِيهِ، وَيُنْدَبُ كَوْنُ الرَّمْيِ بِالْأَصَابِعِ لَا بِالْقَبْضَةِ وَكَوْنُهُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ بِهَا. [قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ] الْأَوْلَى حَذْفُهُ قَالَ خَلِيلٌ: وَصِحَّتُهُ بِحَجَرٍ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ: أَيْ جِنْسُ مَا يُسَمَّى حَجَرًا مِنْ رُخَامٍ أَوْ بِرَامٍ أَيْ كَجِبَالِ جَمْعُ بُرْمَةَ بِالضَّمِّ قَدْرٌ مِنْ حِجَارَةٍ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّلَطُ.

[قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>