للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلرَّمْيِ فِي الثَّلَاثَةِ وَلَا مَوْضِعَ الدُّعَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: وَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى فَيَرْمِيهَا مِنْ فَوْقِهَا ثُمَّ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا فَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ، وَفِي رَفْعِ يَدَيْهِ قَوْلَانِ، وَضَعَّفَ مَالِكٌ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَقَدْ رُئِيَ رَافِعًا يَدَيْهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ جَعَلَ بُطُونَهُمَا إلَى الْأَرْضِ وَقَالَ: إنْ كَانَ الرَّفْعُ فَهَكَذَا وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو بِمِقْدَارِ إسْرَاعِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ يُثَنِّي بِالْوُسْطَى كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ وُقُوفَهَا أَمَامَهَا ذَاتَ الشِّمَالِ، ثُمَّ يُثَلِّثُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ فَتِلْكَ السُّنَّةُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بِالْجِمَارِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مَاشِيًا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا لِمَنْ قَدَرَ كَمَا فَعَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (فَإِذَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ رَابِعُ يَوْمِ النَّحْرِ انْصَرَفَ) مِنْ مِنًى (إلَى مَكَّةَ) شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. ع: وَلَا يُقِيمُ بِمِنًى بَعْدَ رَمْيِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ.

وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُحَصَّبِ فَيُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ:

قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ رَمْيَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ مُرَتَّبَةٌ، وَأَنَّ رَمْيَ غَيْرِ الْعَقَبَةِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالزَّوَالِ وَيَنْتَهِي الْأَدَاءُ إلَى غُرُوبِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ لَهُ وَيَفُوتُ الرَّمْيُ بِغُرُوبِ الرَّابِعِ فَلَا قَضَاءَ لَهُ، وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ أَوْ فِي تَرْكِ الْجَمِيعِ إلَّا إذَا كَانَ قَدْ أُحْرِجَ كَتَأْخِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا لِلَّيْلِ إذْ هُوَ وَقْتُ قَضَائِهِ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ خَلْفَهُ] أَيْ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الَّذِي يَأْتِي الرَّمْيَ قَالَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ. [قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنَهُ] ظَاهِرُهُ بَيَّنَ مَا ذُكِرَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ وَمِنْ مَوْضِعِ الدُّعَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ، إنَّمَا فِيهِ تَعْيِينُ مَوْضِعِ الدُّعَاءِ. [قَوْلُهُ: فَيَرْمِيهَا مِنْ فَوْقِهَا إلَخْ] أَيْ رَمْيًا نَاشِئًا مِنْ فَوْقِهَا عَلَى حِلِّ مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي. [قَوْلُهُ: وَفِي رَفْعِ يَدَيْهِ قَوْلَانِ] قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الرَّفْعِ اهـ.

[قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ إلَخْ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْمَشَاعِرُ مَوَاضِعُ الْمَنَاسِكِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَقَدْ رُئِيَ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَضَعَّفَ مَالِكٌ إلَخْ، فَيَكُونُ إشَارَةً إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ بِالرَّفْعِ. وَقَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ أَيْ إنْ أَرَدْت أَنْ تَفْعَلَ هَذَا الْأَمْرَ الْحَسَنَ وَهُوَ الرَّفْعُ فَلْيَكُنْ هَكَذَا. [قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ إلَخْ] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَسْتَقْبِلُ [قَوْلُهُ: ثُمَّ يُثَنِّي بِالْوُسْطَى كَذَلِكَ إلَخْ] أَيْ يَرْمِيهَا مِنْ فَوْقِهَا كَالْأُولَى قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ وُقُوفَهَا أَمَامَهَا ذَاتَ الشِّمَالِ] أَيْ بِحَيْثُ تَكُونُ عَلَى جِهَةِ شِمَالِهِ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ، وَرَدَّهُ الشَّيْخُ مُصْطَفَى بِقَوْلِهِ: أَيْ لَا يَجْعَلُهَا عَلَى يَسَارِهِ بَلْ هُوَ فِي جِهَةِ يَسَارِهَا خِلَافًا لِمَا قَالَ ج. [قَوْلُهُ: ثُمَّ يُثَلِّثُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَذَلِكَ] لَمْ أَفْهَمْ لَهَا وَجْهًا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا فِي التَّوْضِيحِ [قَوْلُهُ: فَتِلْكَ السُّنَّةُ] هَذَا نِهَايَةُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدُّعَاءِ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ مَوْضِعَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِيهِ سَعَةٌ لِلْقِيَامِ لِمَنْ يَرْمِي، وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَمَوْضِعُهَا ضَيِّقٌ وَلِذَلِكَ لَا يَنْصَرِفُ الَّذِي يَرْمِيهَا عَلَى طَرِيقِهِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الَّذِي يَأْتِي الرَّمْيَ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ مِنْ أَعْلَى الْجَمْرَةِ أَفَادَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الْأُولَى وَعِنْدَ الْوُسْطَى إثْرَ رَمْيِ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِلدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ الْمُسْرِعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ إذَا رَمَاهَا يَنْصَرِفُ إمَّا لِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ أَوْ لِوُسْعِ الْأُولَيَيْنِ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا بِحَيْثُ يَكُونُ جِهَةَ يَسَارِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ حَالَ وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ رَمْيِهَا، وَأَمَّا الْأُولَى فَيَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ.

[قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُحَصَّبِ] سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَمْ لَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدًى بِهِ أَمْ لَا، إلَّا أَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ يُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ النُّزُولِ وَغَيْرِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمَنَاسِكِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ وَفِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَدَخَلَ لِصَلَاتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>