للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجْزِئُهُمْ التَّقْصِيرُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُمْ (وَالتَّقْصِيرُ يُجْزِئُ) عَنْ الْحِلَاقِ وَالْمُقَصِّرَانِ كَانَ رَجُلًا (فَلْيُقَصِّرْ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَسُنَّتُهُ أَيْ التَّقْصِيرِ مِنْ الرَّجُلِ أَنْ يَجُزَّ مِنْ قُرْبِ أُصُولِهِ، وَأَقَلُّهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ فَكَالْعَدَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَسُنَّةُ الْمَرْأَةِ التَّقْصِيرُ) وَيُكْرَهُ لَهَا الْحِلَاقُ، وَقِيلَ: هُوَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» .

ثُمَّ انْتَقَلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِعِلْمِهِ وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ فَقَالَ: (وَلَا بَأْسَ) بِمَعْنَى وَيَجُوزُ (أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ الْفَارَةَ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: صَوَابُهُ الْفَأْرَةُ بِالْهَمْزِ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَيُلْحَقُ بِهِ ابْن عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الْأَثْوَابَ (وَ) يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْتُلَ (الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَشِبْهَهَا) بِفَتْحِ الْهَاءَيْنِ الثَّانِيَةِ عَائِدَةٌ عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ الْعَقْرَبُ، وَقِيلَ عَائِدَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُرَادُ بِالشَّبَهِ فِي الْإِذَايَةِ لَا فِي الْخِلْقَةِ كَالزُّنْبُورِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ قَتْلِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى الصَّغِيرِ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ (الْكَلْبِ الْعَقُورِ) الْمُرَادُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مَا يَعْدُو فَيَدْخُلُ فِيهِ السَّبُعُ وَالْكَلْبُ وَالنَّمِرُ قَالَهُ ك.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَشْبَهُ مَا

ــ

[حاشية العدوي]

الصَّمْغَ فِي الْغَاسُولِ ثُمَّ يُلَطِّخُ بِهِ الرَّأْسَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. [قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُهُمْ التَّقْصِيرُ] قُلْت: لَمَّا لَمْ يُزِيلُوا ذَلِكَ التَّلْبِيدَ أَوْ التَّعْقِيصَ وَإِلَّا فَيُجْزِئُهُمْ التَّقْصِيرُ [قَوْلُهُ: فَلْيُقَصِّرْ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ] يَصْدُقُ بِالصُّورَةِ الْكَامِلَةِ أَنْ يَجُزَّ قُرْبَ الْأَصْلِ وَبِغَيْرِهَا، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ وَاخْتُلِفَ فَقِيلَ: يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ» ، وَقِيلَ: إنَّمَا أَرَادَ شَعْرَ الرَّأْسِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ خَلِيلٌ. [قَوْلُهُ: وَسُنَنُهُ أَيْ التَّقْصِيرِ] أَيْ الصِّفَةِ الْكَامِلَةِ أَيْ الْمَنْدُوبَةِ [قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ] أَيْ الَّذِي لَا يُجْزِئُ بِدُونِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ أَيْ وَلَوْ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ] أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجُزَّ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ [قَوْلُهُ: فَكَالْعَدَمِ] أَيْ فَلَا يُجْزِئُ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] ظَاهِرُهُ أَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا مُقَابِلًا وَهُوَ أَنَّهُ يُجْزِئُ مَعَ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرَهُ قَالُوا: لَا نَعْرِفُ مُقَابِلَهُ. [قَوْلُهُ: وَسُنَّةُ الْمَرْأَةِ التَّقْصِيرُ] أَيْ الطَّرِيقَةُ الْمُتَعَيِّنَةُ عَلَى مَا سَيَأْتِي [قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ حَرَامٌ] اقْتَصَرَ فِي التَّحْقِيقِ عَلَيْهِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْكَبِيرَةِ.

وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَيَجُوزُ فِيهَا الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ اللَّخْمِيُّ: وَكَذَلِكَ الْكَبِيرَةُ إذَا كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى وَالْحَلْقُ صَالِحٌ لَهَا.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إلَّا التَّقْصِيرُ رَوَى مُحَمَّدٌ وَلَوْ لُبِّدَتْ الْبَاجِيُّ بَعْدَ زَوَالِ تَلْبِيدِهَا بِامْتِشَاطِهَا اهـ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنًى وَيَجُوزُ إلَخْ] أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ [قَوْلُهُ: صَوَابُهُ الْفَأْرَةُ إلَخْ] أَيْ فَقِرَاءَتُهُ بِدُونِ الْهَمْزِ غَيْرُ صَوَابٍ، وَفِي التَّحْقِيقِ بِالْوَجْهَيْنِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ النِّهَايَةِ وَقَدْ يُتْرَكُ هَمْزُهَا فَهَذَا يَضُرُّ فِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فَتَدَبَّرْ.

وَالتَّاءُ فِي الْفَأْرَةِ لِلْوَحْدَةِ وَكَذَلِكَ فِي حَيَّةٍ لَا لِلتَّأْنِيثِ. [قَوْلُهُ: وَالْعَقْرَبُ] أُنْثَى الْعَقَارِبُ وَيُقَالُ: عَقْرَبَةٌ وَعَقْرَبَاءُ بِالْمَدِّ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ وَالذَّكَرُ عُقْرُبَانُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ تت. [قَوْلُهُ: عَائِدَةٌ عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ] وَهُوَ الْعَقْرَبُ عِبَارَةُ تت تُوَضِّحُ ذَلِكَ وَنَصُّهَا وَشَبَهُهَا فِي الْأَذِيَّةِ يَحْتَمِلُ شَبَهَ الْعَقْرَبِ كَالرُّتَيْلَاءِ وَالزُّنْبُورِ، وَيَحْتَمِلُ شَبَهَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَشِبْهُ الْفَأْرَةِ مَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ كَابْنِ عُرْسٍ وَشِبْهُ الْحَيَّةِ الْأَفْعَى وَالثُّعْبَانُ. [قَوْلُهُ: كَالزُّنْبُورِ] بِضَمِّ الزَّايِ ذُبَابٌ لَسَّاعٌ وَيُقَالُ: زُنْبُورَهُ بِهَاءِ التَّأْنِيثِ وَزِنْبَارٌ أَيْضًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ [قَوْلُهُ: قَتْلُ الثَّلَاثَةِ] أَيْ الَّتِي هِيَ الْفَأْرَةُ وَالْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ [قَوْلُهُ: حَتَّى الصَّغِيرَ مِنْهَا إلَخْ] أَيْ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْهُ الْأَذَى هَكَذَا أَفَادَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ [قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ لِأَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْكَلْبِ عَلَى غَيْرِ الْإِنْسِيِّ الْمُتَّخَذِ خِلَافُ الْعُرْفِ، وَاللَّفْظَةُ إذَا نَقَلَهَا أَهْلُ الْعُرْفِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>