للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّحْرِ يَكُونُ (ضَحْوَةً) وَهُوَ وَقْتُ حِلِّ النَّافِلَةِ، وَمَا قَالَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ وَالنَّاسُ ضَحْوَةً، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَاكَ مَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ طُلُوعُ الشَّمْسِ، أُجِيبَ بِأَنَّ ضَحْوَةً عِنْدَهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ يَوْمِ النَّحْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ يُجْزِهِ وَأَعَادَ أُضْحِيَّتَهُ

(وَ) كَذَا (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ الْإِمَامُ أَوْ يَنْحَرَ) لَمْ تُجْزِهِ (أَعَادَ أُضْحِيَّتَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ ذَبَحُوا قَبْلَ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ خَرَجَ الْإِمَامُ بِأُضْحِيَّتِهِ إلَى الْمُصَلَّى أَمْ لَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ خَرَجَ بِأُضْحِيَّتِهِ إلَى الْمُصَلَّى هَذَا حُكْمُ مَنْ لَهُمْ إمَامٌ.

(وَ) أَمَّا (مَنْ لَا إمَامَ لَهُمْ فَلْيَتَحَرَّوْا صَلَاةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ وَذَبْحَهُ) فَيَذْبَحُونَ حِينَئِذٍ فَلَوْ تَحَرَّوْا ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُمْ أَجْزَأَهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ تَحَرَّى الْفَجْرَ فَرَكَعَ

ــ

[حاشية العدوي]

مَعَهُ مُطْلَقًا وَكَذَا إذَا ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ احْتِيَاطًا لَا أَنْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَتُجْزِئُ ضَحِيَّةً، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُجْزِئُهُ ضَحِيَّةً، وَانْظُرْ إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَتَبِعُوهُ فِي ذَبْحِ مَا يُجْزِئُهُمْ فَهَلْ يَكْتَفِي بِذَبْحِهِمْ لِأَنَّهُمْ ذَبَحُوا بَعْدَهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يُسَنُّ تَضْحِيَتُهُمْ ثَانِيًا أَوْ لَا لِأَنَّهُمْ ذَبَحُوا قَبْلَ ذَبْحِهِ الْمُعْتَبَرِ. [قَوْلُهُ: أَيْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ] أَيْ فَلَا يُرَاعَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَيَدْخُلُ وَقْتُ الذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ لِحِلِّ النَّافِلَةِ. [قَوْلُهُ: ضَحْوَةً] جَعَلَهُ خَبَرًا لَكَانَ الْمَحْذُوفَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ أَيْ ضَحْوَةً بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ وَخُطْبَتِهِ.

تَنْبِيهٌ:

إذَا عُلِمَ أَنَّ ذَبْحَ غَيْرِ الْإِمَامِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُبْرِزَ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى لِيَرَى النَّاسُ ذَبْحَهُ، وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ جَازَ وَكَانَ صَوَابًا فَتَرْكُ الْإِمَامِ إبْرَازَهَا مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: عِنْدَهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ] أَيْ كَوْنُهَا مُشْتَرَكَةٌ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَهُ أَيْ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اشْتِرَاكٌ بَلْ نَقْلٌ لِأَنَّهَا عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقْتُ حِلِّ النَّافِلَةِ

[قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ ذَبَحَ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِذَا مَنْ ذَبَحَ لِأَنَّهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلُ، بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهُ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ إذَا ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ الْإِمَامُ لَا يُجْزِئُ، فَأَوْلَى قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَقَوْلُهُ: قَبْلُ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ مَعَهُ يَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: أَعَادَ أُضْحِيَّتَهُ] بِشَرْطِ تَأْخِيرِ ذَبْحِهِ بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ صَلَّى الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِمَامِ] الْمُرَادُ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي تت. [قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُفَسِّرًا] هَذَا الِاحْتِمَالَ هُوَ الصَّوَابُ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مُفَسِّرًا لِهَذَا لَا أَنَّ هَذَا مُفَسِّرٌ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا أَخْرَجَ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى سَوَاءٌ عَلِمَ الَّذِي ذَبَحَ قَبْلَهُ بِإِبْرَازِهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ أَخْرَجَ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى، فَإِنَّ غَيْرَهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ ذَبْحِهِ بِمَنْزِلِهِ وَيَذْبَحُهُ وَيُجْزِئُهُ ذَبْحُهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَهُ. [قَوْلُهُ: فَلْيَتَحَرَّوْا صَلَاةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ] حَدَّ بَعْضُهُمْ الْقُرْبَ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَنَارِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَأْتِي لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا بَعُدَ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ. [وَقَوْلُهُ: صَلَّاهُ إلَخْ] لَوْ قَالَ ذَبَحَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَحَرَّوْنَ ذَبْحَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَمَنْ لَهُمْ إمَامٌ وَلَيْسَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ فَيَظْهَرُ أَنْ يَتَحَرَّوْا وَقْتَ فَرَاغِ ذَبْحِهِ بَعْدَ خُطْبَتِهِ وَصَلَاتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ لَهُ ضَحِيَّةٌ، وَكَذَا مَنْ لَيْسَ لَهُمْ إمَامٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَتَحَرَّوْا ذَبْحَهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَحَرَّوْا ذَبْحَ إمَامِهِمْ أَنْ لَوْ كَانَ لَهُمْ إمَامٌ بَلْ هُوَ الْأَوْلَى بِالتَّحَرِّي.

[قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَكَاهُ بَهْرَامُ فِي الْوَسَطِ. [قَوْلُهُ: فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>