للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ رَكَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ إعَادَةَ الْأُضْحِيَّةِ مِمَّا يَشُقُّ بِخِلَافِ إعَادَةِ الْفَجْرِ. ع: وَانْظُرْ هَلْ أَرَادَ إمَامَ الصَّلَاةِ أَوْ إمَامَ الطَّاعَةِ قَوْلَانِ، وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ظَاهِرُهُ الْأَوَّلُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ظَاهِرُهُ الثَّانِي، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إمَامُ الصَّلَاةِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الْمُعْتَبَرُ الْخَلِيفَةُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ. (وَمَنْ ضَحَّى بِلَيْلٍ) فِي لَيْلَةِ الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ (أَوْ أَهْدَى لَمْ يُجْزِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨] فَذَكَرَ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي، وَالْمُرَادُ بِاللَّيَالِيِ هُنَا مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمِنْ ضَحَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَجْزَأَهُ وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ بِخِلَافِ مَنْ ضَحَّى فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ

(وَأَيَّامُ النَّحْرِ) عِنْدَ مَالِكٍ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (ثَلَاثَةٌ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ. (يُذْبَحُ فِيهَا) مَا يُذْبَحُ (أَوْ يُنْحَرُ) مَا يُنْحَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ابْتِدَاءَ زَمَنِ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ مِنْ ضَحْوَةِ يَوْمِ النَّحْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَذَبْحِهِ وَأَمَّا آخِرُهُ فَ (إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِهَا) أَيْ مِنْ آخِرِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْفَضِيلَةِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ.

(وَأَفْضَلُ أَيَّامِ النَّحْرِ) لِلْأُضْحِيَّةِ (أَوَّلُهَا) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ (وَمَنْ فَاتَهُ الذَّبْحُ) أَوْ النَّحْرُ (فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَى الزَّوَالِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ) وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى مَا قَالَ التَّادَلِيُّ، وَنَقَلَهُ بَهْرَامُ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ كَمَا تَقِفُ عَلَيْهِ الْآنَ (يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ إلَى ضُحَى الْيَوْمِ الثَّانِي) بَهْرَامُ: لَا خِلَافَ أَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْهُ أَفْضَلُ مِمَّا قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَوْ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ الثَّانِي أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ.

(وَلَا يُبَاعُ) عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ (شَيْءٌ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ) الَّتِي تُجْزِئُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَكَذَا كُلُّ مَا هُوَ قُرْبَةٌ كَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ، وَبُنِيَ الْفِعْلُ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمُضَحِّي وَغَيْرُهُ مِنْ مُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ وَمَوْهُوبٍ لَهُ وَوَارِثٍ وَقَوْلُهُ:

ــ

[حاشية العدوي]

بَعْضُهُمْ ظَاهِرُهُ الْأَوَّلُ] أَقُولُ: وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ إمَامَ الطَّاعَةِ لَا يَتَعَدَّدُ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ إلَخْ] الْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ وَأَنَّ كُلًّا مِنْ صَاحِبِ الْقَوْلَيْنِ يَقُولُ بِقَوْلِ الْآخَرِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إمَامُ الصَّلَاةِ عَلَى تَقْدِيرِ اخْتِلَافِهِمَا. تَتِمَّةٌ:

يَنْبَغِي اعْتِبَارُ إمَامِ حَارَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا، وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا أَوْ فِيهَا كَمَجِيءِ نَائِبٍ عَنْهُ بِهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِحَارَتِهِ إمَامٌ فَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ إمَامٍ فِي أَقْرَبِ الْحَارَاتِ إلَى حَارَتِهِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا إمَامٌ.

[قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ] كَالْبَاشَا. [قَوْلُهُ: قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ] أَيْ وَكَذَا بَعْدَ طُلُوعِهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: وَأَيَّامُ النَّحْرِ] أَوْ الذَّبْحِ لِلضَّحِيَّةِ. [قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ] وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَرْبَعَةٌ. [قَوْلُهُ: مِنْ ضَحْوَةٍ] أَيْ ابْتِدَاءَ ضَحْوَةٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ ابْتِدَاءَ] ضَحْوَةٍ.

[قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -] أَيْ وَلِأَنَّ فِيهِ الْمُبَادَرَةَ إلَى الْقُرْبَةِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: تَأَمَّلَ مَا نَسَبَهُ لِلرِّسَالَةِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ] وَهُوَ ضَعِيفٌ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَمِيعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَهُ حَتَّى أَنَّ الْقَابِسِيَّ أَنْكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ خَلِيلٍ أَنَّ أَوَّلَ الثَّانِي مِنْ فَجْرِهِ إلَى زَوَالِهِ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ أَيَّامِ النَّحْرِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ آخِرِ الثَّانِي، وَأَوَّلِ الثَّالِثِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُبَاعُ عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ] وَلَوْ بِمَاعُونٍ كَمُنْخُلٍ وَغِرْبَالٍ، وَمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْبُيُوتِ وَيَجُوزُ إجَارَةُ الضَّحِيَّةِ فِي حَيَاتِهَا وَجِلْدِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا كَمَا تَجُوزُ إجَارَةُ كَلْبِ الصَّيْدِ. [قَوْلُهُ: مِنْ مُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ] لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بَيْعُهَا، وَلَوْ عَلِمَ الْمُتَصَدِّقُ بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمِسْكِينَ يَبِيعُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَكَذَا الْمَهْدِيُّ لِوَجْهِهِ. [قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>