للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(جِلْدٌ وَلَا غَيْرُهُ) دَاخِلٌ فِي شَيْءٍ صَرَّحَ بِهِ إشَارَةً لِمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ بَيْعِ الْجِلْدِ، وَقَيَّدَ كَلَامَهُ بِاَلَّتِي تُجْزِئُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِضَحِيَّةٍ وَبِبَعْدِ الذَّبْحِ احْتِرَازًا مِنْ قَبْلِ الذَّبْحِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إلَّا بِالذَّبْحِ.

ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ الذَّبْحِ فَقَالَ: (وَتُوَجَّهُ الذَّبِيحَةُ) فِي الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا (عِنْدَ الذَّبْحِ، إلَى الْقِبْلَةِ) اسْتِحْبَابًا إجْمَاعًا عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، فَإِنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ أَوْ نِسْيَانًا أُكِلَتْ اتِّفَاقًا وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ ذَبَحَ بِيَسَارِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ مَنْدُوبًا، وَيُسْتَحَبُّ ضَجْعُهَا عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْسَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ فَعَلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ لِلضَّرُورَةِ، ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا يَجْعَلُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِهَا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ.

(وَلْيَقُلْ الذَّابِحُ) عِنْدَ الذَّبْحِ (بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) وَهَذَا أَعْنِي الْجَمْعَ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ هُوَ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ، أَمَّا التَّكْبِيرُ فَسُنَّةٌ وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، سَاقِطَةٌ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٨] فَلَمْ يَشْتَرِطْ سِوَى مُجَرَّدِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا: وَلَا يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعُهُ بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا

ــ

[حاشية العدوي]

احْتِرَازًا مِنْ الَّتِي لَا تُجْزِئُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِضَحِيَّةٍ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ بِأَنْ ذُبِحَتْ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةُ الذَّبْحِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِ فَرْيِ أَوْدَاجِهَا وَحُلْقُومِهَا أَوْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ، كَمَا لَوْ أَصَابَهَا عَجَفٌ أَوْ عَمًى أَوْ عَوَرٌ يُرِيدُ وَذَبَحَهَا عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَبِحُكْمِهِ نَاوِيًا الْقُرْبَةَ، فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ لَحْمُهَا.

أَمَّا إنْ لَمْ يَذْبَحْهَا فَهِيَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ يَصْنَعُ بِهَا مَا يَشَاءُ أَوْ ضَحَّى شَاةً وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهَا سَلِيمَةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ بِهَا عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَيْبَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَتَبَيَّنَ بِهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا وَلَا جِلْدِهَا وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مَحَلَّ الْقُرَبِ وَالْقُرَبُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَاوَضَاتِ [قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الذَّبْحِ احْتِرَازًا مِنْ قَبْلِ الذَّبْحِ] أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ قَبْلَ الذَّبْحِ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إلَّا بِالذَّبْحِ] وَقِيلَ: تَتَعَيَّنُ بِالتَّسْمِيَةِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ يُعْطَى مِنْهَا الْقَابِلَةُ وَالْفَرَّانُ فَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ.

تَنْبِيهٌ:

لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الْبَيْعِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَالْحُكْمُ فِيهِ يُفْسَخُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمُبَاعُ قَائِمًا وَأَمَّا لَوْ فَاتَ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِالْعِوَضِ أَوْ بِبَدَلِهِ إنْ فَاتَ حَيْثُ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمُضَحِّيَ أَوْ غَيْرَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَيْثُ صُرِفَ الْعِوَضُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَصَرَفَهُ الْبَائِعُ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُضَحِّي، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ.

[قَوْلُهُ: وَتُوَجَّهُ الذَّبِيحَةُ] فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَالتَّاءُ فِيهِ لِنَقْلِ الِاسْمِ عَنْ الْوَصْفِيَّةِ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ عَمْدًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا أُحِبُّ أَنْ تُؤْكَلَ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجْعَلُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِهَا] أَيْ يُكْرَهُ. [قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ] قَالَ الدَّمِيرِيُّ: إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ

[قَوْلُهُ: بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ] لَا يُشْتَرَطُ بِاسْمِ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَجْزَأَ بَلْ فِي كَلَامِ سَنَدٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اللَّهُ مُقْتَصِرًا عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ أَجْزَأَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُلَاحِظْ لَهُ خَبَرًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ ذِكْرُ اللَّهِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: بِاسْمِ الرَّحْمَنِ أَوْ الْعَزِيزِ أَوْ الْخَالِقِ فَلَا يَكْفِي كَذَا أَفَادَهُ عج وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مُفَادُ سَنَدٍ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ وَلَكِنْ لَوْ فَعَلَ أَجْزَأَ. [قَوْلُهُ: أَمَّا التَّكْبِيرُ فَسُنَّةٌ] الْمَذْهَبُ أَنَّ التَّكْبِيرَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ وَالطَّرِيقَةُ تَشْمَلُ السُّنَّةَ وَالْمُسْتَحَبَّ.

[قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَكْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>