للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُهَا. (وَإِنْ زَادَ) الذَّابِحُ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ (فِي) ذَبْحِ (الْأُضْحِيَّةِ) أَوْ الْهَدْيِ أَوْ النُّسُكِ أَوْ الْعَقِيقَةِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ) قِيلَ: اسْتَعْمَلَ لَا بَأْسَ هُنَا بِمَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ، وَقِيلَ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ.

(وَمَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ لَمْ تُؤْكَلْ) هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا فَرْضٌ مَعَ الذِّكْرِ سَاقِطَةٌ مَعَ النِّسْيَانِ (وَكَذَلِكَ) مَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ (عِنْدَ إرْسَالِ الْجَوَارِحِ) أَوْ رَمْيِ السَّهْمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُصَادُ بِهِ (عَلَى الصَّيْدِ) فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ لَمْ يُؤْكَلْ: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤] وَلَوْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا جَاءَ فِيهَا

وَفِي قَوْلِهِ: (وَلَا يُبَاعُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ وَالنُّسُكِ لَحْمٌ وَلَا جِلْدٌ وَلَا وَدَكٌ) أَيْ دُهْنٌ (وَلَا عَصَبٌ) أَيْ عُرُوقٌ (وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ) مِثْلُ الْقَرْنِ وَالشَّعْرِ وَالصُّوفِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ. ع: يَحْتَمِلُ تَكْرَارُهُ لِذِكْرِ الْعَقِيقَةِ وَالنُّسُكِ، وَيَحْتَمِلُ تَكْرَارُهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ

(وَيَأْكُلُ الرَّجُلُ) يُرِيدُ أَوْ غَيْرُهُ (مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَيَتَصَدَّقُ مِنْهَا أَفْضَلُ لَهُ) يَحْتَمِلُ عَوْدُ الْفَضْلِ عَلَى التَّصَدُّقِ خَاصَّةً، وَيَحْتَمِلُ عَوْدُهُ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَالشُّرْبِ] مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ تَعْذِيبٌ، وَذَهَبَ بَعْضٌ إلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ فِيهِمَا أَيْضًا لِأَنَّ فِيهِمَا تَعْذِيبًا.

[قَوْلُهُ: أَوْ النُّسُكُ] هِيَ الْفِدْيَةُ. [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ] هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقِيلَ: بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ هَذَا دُعَاءٌ. وَالدُّعَاءُ مَنْدُوبٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك فِي ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ فَيُكْرَهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا كَانَ قَائِلُهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ التَّسْمِيَةِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ] أَيْ وَاسْتَمَرَّ نَاسِيًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ ذَكَاتِهَا. [قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ] مُتَهَاوِنًا أَوْ لَا تَرَكَهَا إمَّا ابْتِدَاءً وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى أَنْفَذَ مَقَاتِلَ الْحَيَوَانِ أَوْ بَعْدَ قَطْعِ بَعْضِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ إنْ نَسِيَهَا ابْتِدَاءً وَتَذَكَّرَهَا فِي الْأَثْنَاءِ وَتَرَكَهَا، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَبْلَ إنْفَاذِ الْمَقْتَلِ سَمَّى فَيَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ، وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نِسْيَانًا وَتَذَكَّرَهَا فِي أَثْنَاءِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ بِهَا وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ إنْ أَتَى بِهَا وَسَكَتَ عَنْ تَرْكِهَا جَهْلًا وَتَهَاوُنًا، وَمِنْهُ مَنْ يَكْثُرُ نِسْيَانُهُ لَهَا وَالْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ كَتَرْكِهَا عَمْدًا، وَأَمَّا عَجْزًا أَوْ مُكْرَهًا فَتُؤْكَلُ إلْحَاقًا لَهُ بِالنِّسْيَانِ، وَسَكَتَ عَنْ نِيَّةِ الذَّكَاةِ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ مُطْلَقًا أَيْ لَا بِقَيْدِ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، وَالْمُرَادُ نِيَّةُ الْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ التَّحْلِيلَ وَلَا التَّقَرُّبَ، وَمَحِلُّ وُجُوبِ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ إذَا كَانَ الْمُذَكِّي مُسْلِمًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَكَاتِهِ نِيَّةٌ وَلَا تَسْمِيَةٌ كَذَا قَالَهُ عج.

وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: إنَّ نِيَّةَ الذَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْهَا حَتَّى فِي حَقِّ الْكَافِرِ وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَأَمَّا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ مُسْلِمٍ. [قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ] وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ أَجَازَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ مَعَ الْعَمْدِ. [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ عِنْدَ إرْسَالِ الْجَوَارِحِ عَلَى الصَّيْدِ] أَوْ عِنْدَ رَمْيِهِ بِالرُّمْحِ أَوْ السَّهْمِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا لَمْ تُؤْكَلْ. [قَوْلُهُ: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ] أَيْ فَكُلُوا مِنْ الصَّيْدِ الَّذِي أَمْسَكَتْهُ الْجَوَارِحُ لِأَحَدِكُمْ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَخْ] أَصْلُ الْكَلَامِ لِابْنِ عُمَرَ فَقَدْ قَالَ: عَكْسَ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا جَاءَ فِي إرْسَالِ الْجَوَارِحِ عَلَى الصَّيْدِ وَلَمْ يَأْتِ فِي الذَّبِيحَةِ نَصٌّ، وَلَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَبَيْنَ.

[قَوْلُهُ: وَيَتَصَدَّقُ مِنْهَا] عَلَى الْفُقَرَاءِ أَيْ وَيُهْدِي مِنْهَا لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فَقَدْ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِ جَمْعِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الْأَكْلُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِعْطَاءُ بِغَيْرِ حَدٍّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ اثْنَيْنِ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِحْبَابُ. وَكَذَا قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ يُحْتَمَلُ عَوْدُ الْفَضْلِ عَلَى التَّصْدِيقِ خَاصَّةً ضَعِيفٌ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَأَفْضَلُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>