للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَوَّنَةِ.

(وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنْيَابِ الْفِيلِ وَكَذَلِكَ الْقَرْنِ وَالظِّلْفِ وَهُوَ لِلْبَقَرِ وَالشَّاةِ وَالظَّبْيِ وَالظُّفْرِ وَهُوَ لِلْبَعِيرِ وَالْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ وَالنَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا، وَالْعَظْمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:

مَشْهُورُهَا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ نَجِسٌ مِنْ الْمَيْتَةِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ظَاهِرٌ وَقِيلَ: بِالْفَرْقِ بَيْنَ طَرَفِهَا وَأَصْلِهَا، وَقِيلَ: إنْ صُقِلَتْ طَهُرَتْ وَإِلَّا فَلَا. (وَمَا مَاتَ فِيهِ فَأْرَةٌ) بِالْهَمْزِ (مِنْ سَمْنٍ) بِسُكُونِ الْمِيمِ (أَوْ زَيْتٍ أَوْ عَسَلٍ) بِتَحْرِيكِ السِّينِ أَوْ وَدَكٍ قَوْلُهُ (ذَائِبٍ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (طُرِحَ وَلَمْ يُؤْكَلْ) وَلَا يُبَاعُ وَمِثْلُ الْفَأْرَةِ كُلُّ مَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ، وَاحْتُرِزَ بِهَذَا مِمَّا لَوْ وَقَعَ فِيهِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً، وَمَاتَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسْ وَسَيُصَرِّحُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: ذَائِبٍ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُطْرَحُ وَلَا يُؤْكَلُ وَخَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا رَفَعَ ذَلِكَ الْإِيهَامَ

ــ

[حاشية العدوي]

مَيْتَةٌ [قَوْلُهُ: وَالظُّفْرُ] مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَرْنِ [قَوْلُهُ: وَالدَّجَاجُ] فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدَّجَاجَ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الظُّفْرِ [قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا] أَيْ كَحُمُرِ الْوَحْشِ وَالضَّابِطُ كُلُّ مَا لَيْسَ بِمَشْقُوقِ الْخُفِّ وَلَا مُنْفَرِجَ الْقَائِمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّجَاجَ وَالْعَصَافِيرَ انْفَرَجَتْ قَوَائِمُهَا فَالْيَهُودُ تَأْكُلُهَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.

[قَوْلُهُ: مَشْهُورُهَا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ نَجِسٌ] أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ طَاهِرٌ] أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ وَحَكَى الْأَقْوَالَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَقَلَهُ بَهْرَامُ فِي الْوَسَطِ.

تَنْبِيهٌ:

مَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ نَابِ الْفِيلِ نَجِسًا إذَا كَانَ مَيْتَةً مِثْلُهُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْفِيلِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَحَيْثُ كَانَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْمَيْتَةِ نَجِسًا فَالْكَرَاهَةُ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَكْرَهُ الِادِّهَانَ فِي أَنْيَابِ الْفِيلِ وَالْمَشْطَ بِهَا وَالتِّجَارَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا نَابُ الْفِيلِ الْمُذَكَّى وَلَوْ بِالْعَقْرِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَالزَّيْتُ وَنَحْوُهُ الْمَوْضُوعُ فِي إنَاءِ الْعَاجِ وَنَحْوُهُ مِنْ كُلِّ عَظْمِ مَيْتَةٍ بَالٍ إنْ كَانَ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ يَقِينًا فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ فَلَا يَنْجَسُ مَا وَقَعَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُذَكًّى، وَعَزَاهُ أَبُو الْحَسَنِ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ لِبَعْضِهِمْ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ. قَالَ: لِأَنَّ عُرْوَةَ وَرَبِيعَةَ وَابْنَ شِهَابٍ أَجَازُوا أَنْ يُمَشِّطَ بِأَمْشَاطِهِ، وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ تُعَارِضُ مُقْتَضَى التَّنْجِيسِ هُوَ جُزْئِيَّةُ الْمَيْتَةِ وَمُقْتَضَى الطَّهَارَةِ وَهُوَ عَدَمُ الِاسْتِقْذَارِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَنَافَسُ فِي اتِّخَاذِهِ. وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالْفَرْقِ أَيْ فَالطَّرَفُ طَاهِرٌ وَالْأَصْلُ نَجِسٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ جَارٍ فِي الْعَظْمِ أَيْضًا.

[قَوْلُهُ: وَمَا مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ] لَا مَفْهُومَ لِمَوْتِهَا بَلْ وَلَوْ وَقَعَتْ مَيْتَةً، أَمَّا لَوْ وَقَعَتْ حَيَّةً وَأُخْرِجَتْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى جَسَدِهَا نَجَاسَةٌ، وَمِثْلُ مَوْتِ الْفَأْرَةِ فِي الطَّعَامِ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّجَاسَةِ بِهِ وَلَوْ بِمَا يُعْفَى عَنْهُ كَيَسِيرِ الدَّمِ، وَلَوْ كَانَتْ الْفَأْرَةُ يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا [قَوْلُهُ: مِنْ سَمْنٍ] وَالْمَاءُ الْمُضَافُ حُكْمُ الطَّعَامِ وَالتَّنْجِيسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي يُمْكِنُ تَحَلُّلُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ التَّغْيِيرُ [قَوْلُهُ: أَوْ وَدَكٍ إلَخْ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ. الْوَدَكُ بِفَتْحَتَيْنِ دَسَمُ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَهُوَ مَا تَحَلَّبَ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤْكَلْ] وَأَمَّا الِادِّهَانُ بِهِ فَيُبْنَى عَلَى خِلَافٍ وَهُوَ أَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُ] وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ إزَالَتُهُ أُزِيلَ وَأُكِلَ نَحْوَ السَّمْنِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ أُكِلَ مَعَ الطَّعَامِ، وَإِنْ سَاوَى الطَّعَامَ فَقَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا حُرْمَةُ أَكْلِهِ لِأَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً، وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَتُهُ طَاهِرَةً لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ تَمَيَّزَ أُكِلَ الطَّعَامُ دُونَهُ كَانَ قَدْرَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَمُتْ بِهِ فَيُؤْكَلُ فِي الْأَقْسَامِ السِّتَّةِ إنْ نَوَى ذَكَاتَهُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ شُكَّ فِي قَدْرِهِ حَالَ مَوْتِهِ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَكْلَهُ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ.

وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ: لَا دُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>