الْمَيْتَةِ وَشَعْرِهَا) بَعْدَ الْجَزِّ اتِّفَاقًا عَامًّا مِنْ الْبَيْعِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ إذَا بَاعَ بَيَّنَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: شَعْرِهَا دُخُولُ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَقَوْلُهُ آخِرَ الْكِتَابِ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخِنْزِيرِ حَرَامٌ أَرَادَ بِهِ إلَّا شَعْرَهُ (وَ) كَذَلِكَ (مَا يُنْزَعُ مِنْهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ (فِي) حَالِ (الْحَيَاةِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ نُزِعَ مِنْهَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَلَمْ يُؤْلِمْهَا مِثْلَ رُءُوسِ الرِّيشِ وَرَأْسِ الْقَرْنِ وَالْوَبَرِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَذَا بَعْدَ مَوْتِهَا إلَّا اللَّبَنَ فَإِنَّهُ نَجِسٌ، وَهُوَ مِمَّا يُنْزَعُ مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ وَلَا يُؤْلِمُهَا. (وَأَحَبُّ إلَيْنَا) أَيْ الْمَالِكِيَّةِ (أَنْ يُغْسَلَ) مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوفِ وَمَا بَعْدَهُ إذَا لَمْ تُتَيَقَّنْ طَهَارَتُهُ وَلَا نَجَاسَتُهُ، أَمَّا إنْ تُيُقِّنَتْ طَهَارَتُهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ، وَأَمَّا إنْ تُيُقِّنَتْ نَجَاسَتُهُ وَجَبَ غَسْلُهُ.
(وَلَا يُنْتَفَعُ بِرِيشِهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِأَنَّ أَصْلَهُ الرَّطْبُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَأَعْلَاهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُنْتَفَعُ (بِقَرْنِهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ (وَأَظْلَافِهَا وَأَنْيَابِهَا) ظَاهِرُهُ عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْحَيَاةَ تُحِلُّهُ (وَكُرِهَ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ) وَكَذَا عَبَّرَ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ بِالذَّبْحِ بَلْ تَصِيرُ مَيْتَةً، فَالذَّكَاةُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا تُؤَثِّرُ إلَّا فِي مَكْرُوهِ الْأَكْلِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ طَرِيقَةَ الْأَكْثَرِ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بَيْعُهَا] أَيْ بَيْعُ الْجُلُودِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى ظُهُورِ السِّبَاعِ قَبْلَ ذَكَاتِهَا بِخِلَافِ جُلُودِ الْغَنَمِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا عَلَى ظُهُورِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَصِحُّ عَطْفُ بَيْعِهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ لِلسِّبَاعِ لَا لِجُلُودِهَا، وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ شِرَاؤُهَا لِجِلْدِهَا أَوْ عَظْمِهَا وَأَمَّا بَيْعُهَا لِلَحْمِهَا أَوْ لِلَحْمِهَا وَجِلْدِهَا فَمَكْرُوهٌ، وَإِذَا ذُكِّيَتْ لِجِلْدِهَا فَقَطْ فَيُؤْكَلُ لَحْمُهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَبْعِيضِ الذَّكَاةِ.
[قَوْلُهُ: بَعْدَ الْجَزِّ] سَوَاءٌ كَانَ الْجَزُّ قَبْلَ النَّتْفِ أَوْ بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْجَزِّ مَا قَابَلَ النَّتْفَ فَشَمِلَ الْحَلْقَ وَنَحْوَهُ كَالنُّورَةِ قَالَ الْحَطَّابُ: وَانْظُرْ هَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهَا حَالَ اتِّصَالِهَا بِالْمَيْتَةِ قَبْلَ جَزِّهَا بِالطَّهَارَةِ أَوْ بِالنَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ طَالَ الشَّعْرُ أَوْ رِيشُ الْقَصَبَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُصَلٍّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ بِنَجَاسَةِ الْمُتَّصِلِ فَقَطْ لَا الْمُمْتَدِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الطِّرَازِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ إذَا بَاعَ بَيَّنَ إلَخْ] وَأَمَّا مَا جُزَّ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَأَمَّا مَا جُزَّ بَعْدَ ذَكَاتِهَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ بَيَانِهِ كَمَا قَرَّرَهُ عج [قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ] وَغَيْرِهِمَا يَقُولُ بِاسْتِثْنَاءِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ [قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ إلَخْ] إنَّمَا احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِعَدَمِ صِحَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ يُنْتَفَعُ بِمَا يُنْزَعُ مِنْ الْمَيْتَةِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، فَفِيهِ وَصْفُهَا بِالْمَيْتَةِ مَعَ الْإِخْبَارِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا يُنْزَعُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ
تَنْبِيهٌ:
هَذَا التَّفْسِيرُ يُخَصِّصُ قَوْلَهُ بَعْدُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِرِيشِهَا.
[قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤْلِمْهَا] الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ فَيَكُونُ جَوَابًا لِلَوْ [قَوْلُهُ: مِثْلُ رُءُوسٍ إلَخْ] الْمُعْتَمَدُ أَنَّ رُءُوسَ الرِّيشِ مِنْ الْمَيْتَةِ نَجَسٌ وَمِثْلُهُ رُءُوسُ الْقَرْنِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَغْسِلَ مَا ذُكِرَ] وَلَوْ جُزْءًا مِنْ حَيٍّ وَالْمَنْتُوفُ مِنْ غَيْرِ الْمُذَكَّى يَجِبُ أَنْ يُجَزَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَفَعُ بِرِيشِهَا إلَخْ] ظَاهِرُهُ مُعَارِضٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَمَا يَنْزِعُ مِنْهَا الْحَيَاةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُزِيلُ الِاعْتِرَاضَ وَهُوَ تَخْصِيصُ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُؤْلِمُهَا. [قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُطْلَقًا] أَيْ بِجَمِيعِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ [قَوْلُهُ: وَأَعْلَاهُ إلَخْ] الرَّاجِحُ أَنَّ أَعْلَاهُ كَأَسْفَلِهِ فِي النَّجَاسَةِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ، فَأَحْرَى الْوَسَطُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْقَصَبَةِ وَأَمَّا الزَّغَبُ فَهُوَ طَاهِرٌ
تَنْبِيهٌ:
عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالِانْتِفَاعِ وَسَكَتَ عَنْ الطَّهَارَةِ لِفَهْمِهَا مِنْ حِلِّ الِانْتِفَاعِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَعُكِسَ مَعَ الْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ فَسُلِبَ الِانْتِفَاعُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُنْتَفَعُ بِرِيشِهَا لِفَهْمِ نَجَاسَتِهَا مِنْ حُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا.
[ظَاهِرُهُ عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ] أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ] أَيْ بِالطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ