للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُصْطَادُ بِهِ هُوَ شَيْئَانِ حَيَوَانٌ وَسِلَاحٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ مَا قَتَلَهُ كَلْبُك الْمُعَلَّمُ أَوْ بَازُك الْمُعَلَّمُ فَجَائِزٌ أَكْلُهُ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذَيْنِ بَلْ كُلُّ مَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ مِنْ الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ وَالطَّيْرِ فَإِنَّهُ إذَا قَتَلَ صَيْدًا جَازَ أَكْلُهُ (إذَا أَرْسَلْته عَلَيْهِ) أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ.

يُشْتَرَطُ فِي الْمُصَادِ بِهِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا وَأَنْ يَكُونَ يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ وَأَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا مِنْ يَدِ الصَّائِدِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَصِيدِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهِ. ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ أَهْلِيًّا

ــ

[حاشية العدوي]

قَسَمَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ نَقَلْنَاهَا إلَخْ] نَصُّ التَّحْقِيقِ وَقَسَمَهُ غَيْرُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ:

وَاجِبٌ وَهُوَ مَا يَصِيدُهُ لِعَيْشِهِ أَوْ عَيْشِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى عِيَالِهِ إلَّا مِنْهُ، وَحَرَامٌ وَهُوَ مَا يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ كَدُخُولِ أَرْضٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهَا أَوْ يَقْصِدُ بِهِ اللَّهْوَ، وَلَا يَقْصِدُ بِهِ الذَّكَاةَ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَمَكْرُوهٌ مِثْلُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ اللَّهْوَ وَالذَّكَاةَ، وَمَنْدُوبٌ مِثْلُ " أَنْ يَصْرِفَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فِي مَنْدُوبٍ كَالتَّوْسِعَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْعِبَادِ، وَمُبَاحٌ مِثْلُ أَنْ يَصِيدَ لِيَأْكُلَ بِثَمَنِهِ شَهْوَةً مَا أَوْ يَنْكِحَ مُنَعَّمَةً انْتَهَى.

اعْلَمْ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ فَالْكِتَابُ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ» . [قَوْلُهُ: كَلْبَك] اُنْظُرْ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ كَلْبَك هَلْ هِيَ تَمْلِيكٌ أَمْ لَا. فَنَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ وَكَذَا إذَا أَعَارَهُ أَوْ أَكْرَاهُ وَهُوَ الطَّاهِرُ، وَاخْتُلِفَ إذَا غَضِبَ هَلْ الصَّيْدُ لِرَبِّهِ أَوْ لِلصَّائِدِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ] هُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَيْرًا فَيَكْفِي فِيهِ الْإِطَاعَةُ عِنْدَ إرَادَةِ إرْسَالِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ الِانْزِجَارَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا] احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ. وَقَوْلُهُ: أَنْ يَفْقَهَ التَّعْلِيمَ أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَفْقَهَ التَّعْلِيمَ احْتِرَازًا مِنْ النَّمِرِ. فَإِنَّهُ لَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ فَلَا يُصَادُ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ.

قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ عَلِمَ بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي نَوْعِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَنِمْسٍ، وَأَوْلَى مَا يَقْبَلُهُ مِنْ كَلْبٍ وَبَازٍ وَسِنَّوْرٍ وَابْنِ عُرْسٍ وَذِئْبٍ، وَلَوْ كَانَ طَبْعُ الْمُعَلَّمِ بِالْفِعْلِ الْغَدْرَ كَدُبٍّ فَإِنَّهُ لَا يُمْسِكُ إلَّا لِنَفْسِهِ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ، وَعِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَافٍ.

[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا مِنْ يَدِ الصَّائِدِ] وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ بِأَيِّ إرْسَالٍ كَانَ مِنْ يَدِهِ أَوْ مِنْ يَدِ غُلَامِهِ أَوْ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ، فَلَوْ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ صَيْدًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ انْبَعَثَ قَبْلَ رُؤْيَةِ رَبِّهِ بِالصَّيْدِ وَلَوْ أَشَارَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَهُ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ بِقُرْبِ جَارِحِهِ أَوْ رَآهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ أَوْ أَرْسَلَهُ وَلَيْسَ بِيَدِهِ لَمْ يُؤْكَلْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ إلَّا بِالذَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا مَرَّةً وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسَمِّي النَّاوِي هُوَ الْخَادِمُ فَالْمُرْسِلُ هُوَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ النَّاوِي الْمُسَمِّي وَالْخَادِمُ هُوَ الْمُرْسِلُ. فَلَعَلَّ وَجْهَ إجْزَائِهِ كَوْنُهُ مَأْمُورًا لَهُ وَقَرِيبًا مِنْهُ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِ الْخَادِمِ لِأَنَّ النَّاوِيَ الْمُسَمِّيَ هُوَ سَيِّدُهُ فَالْإِرْسَالُ مِنْهُ حُكْمًا كَذَا فِي شَرْحِ الزَّرْقَانِيِّ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا] أَيْ أَوْ يَكُونَ فِي مَكَان مَحْصُورٍ كَغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَبْصَرَهُ أَوْ لَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا مَنْفَذٌ آخَرُ وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ مَا كَانَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا [قَوْلُهُ: ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ] وَلَوْ ظَنَّ خِلَافَهُ كَمَا لَوْ ظَنَّهُ أَرْنَبًا مَثَلًا فَأَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ ظَبْيٌ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْمُبَاحِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَيَقَّنَ إبَاحَتَهُ، فَلَوْ ظَنَّ الصَّيْدَ حَرَامًا أَوْ شَكَّ فِيهَا أَوْ تَوَهَّمَهَا فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ الْجَارِحُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ وَجَدَهُ مُبَاحًا، لِأَنَّهُ حِينَ رَمَاهُ لَمْ يُرِدْ صَيْدَهُ فَلَا يَأْكُلُهُ إلَّا أَنْ يُدْرِكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَيُذَكِّيهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ حَلَالٌ فَيُؤْكَلُ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ فَإِنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ أُكِلَ فَإِنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ أَخْذِ جِلْدِهِ فَقَطْ لَمْ يُؤْكَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>