احْتِرَازًا مِنْ الَّذِي يَنِدُّ مِنْ الْإِنْسِيِّ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِالْيَدِ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ بِالذَّبْحِ.
وَأَمَّا الصَّائِدُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: أَوَّلُهَا وَثَانِيهَا: النِّيَّةُ حَالَ الْإِرْسَالِ، وَالتَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ حَالَ الْإِرْسَالِ فَإِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا مُتَهَاوِنًا أَوْ غَيْرَ مُتَهَاوِنٍ لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ النِّسْيَانِ، ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: ٩٤] فَدَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِنَا دُونَ الْكَافِرِ، وَهَذَا فِي صَيْدِ الْبَرِّ دُونَ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ بَالِغًا احْتِرَازًا مِنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا يَصِحُّ صَيْدُهُ. قَالَهُ ك.
وَقَالَ ع: يُكْرَهُ صَيْدُهُ. خَامِسُهَا: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا.
(وَكَذَلِكَ) جَائِزٌ أَكْلُ كُلِّ (مَا أَنْفَذَتْ الْجَوَارِحُ مَقَاتِلَهُ قَبْلَ قُدْرَتِك عَلَى ذَكَاتِهِ) إذَا تَبِعْته وَلَمْ تُفَرِّطْ فِي طَلَبِهِ (وَ) أَمَّا (مَا أَدْرَكْتَهُ قَبْلَ إنْفَاذِهَا لِمَقَاتِلِهِ فَلَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِذَكَاةٍ) ع: يُرِيدُ إذَا فَرَّطَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ السِّكِّينُ وَأَخَذَ يَطْلُبُهَا مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى مَاتَ أَوْ كَانَتْ عِنْدَ غُلَامِهِ أَوْ فِي خُرْجِهِ فَمَا أَخَذَهَا حَتَّى مَاتَ، أَمَّا إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّبْعِيضِ، فَإِنْ نَوَى بِذَكَاتِهِ لَحْمَهُ فَقَطْ طَهُرَ جِلْدُهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَتَبَعَّضُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلَحْمِهِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ] أَيْ جُمْلَةً أَوْ فِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ كَكَوْنِهِ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ يُخَافُ مِنْهُ الْعَطَبُ، أَوْ كَانَ فِي جَزِيرَةٍ كَبِيرَةٍ.
تَنْبِيهٌ:
يَصِحُّ الِاصْطِيَادُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَصِيدُ حَيْثُ نَوَى الْجَمِيعَ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا نَوَى مُعَيَّنًا فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ إذَا قَتَلَهُ أَوَّلًا وَعَلِمَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ الْأَوَّلُ أَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ، وَأَمَّا لَوْ رَأَى جَمَاعَةً وَنَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا الْأَوَّلُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ الْأَوَّلَ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ] وَمُقَابِلُهُ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ الْجَهْمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا] أَيْ حَالَ الْإِرْسَالِ وَكَذَا التَّمْيِيزُ. وَانْظُرْ لَوْ تَخَلَّفَ مَا ذَكَرَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَقَبْلَ الْوُصُولِ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ] أَيْ إذَا مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا مِنْ مَقَاتِلِهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ جَرَحَ صَيْدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ فَيُؤْكَلُ بِذَبْحِهِ وَبِذَبْحِ مُسْلِمٍ أَوْلَى [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يُكْرَهُ صَيْدُهُ] الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَيْدُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يُمَيِّزُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَيْدُهُمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَذَكَاتِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
[قَوْلُهُ: قَبْلَ قُدْرَتِك عَلَى ذَكَاتِهِ] أَيْ وَلَوْ أَدْرَكَتْهُ حَيًّا حَيْثُ لَمْ تَتَرَاخَ فِي اتِّبَاعِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ قَبْلَ إنْفَاذِهَا وَلَوْ لَمْ يَتَرَاخَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، لَكِنْ يُنْدَبُ الْإِجْهَازُ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ حَيًّا بَعْدَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ مَقَاتِلِهِ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا أَدْرَكَتْهُ] أَيْ أَوْ أَدْرَكَهُ غَيْرُك مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ وَقُلْنَا ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ مَرَّ عَلَى صَيْدٍ قَبْلَ إنْفَاذِ الْجَوَارِحِ شَيْئًا مِنْ مَقَاتِلِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَذْكِيَتُهُ، فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِالصَّائِدِ [قَوْلُهُ: يُرِيدُ إلَخْ] هَذَا شَرْطٌ فِي مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بِدُونِ ذَكَاةٍ يُرِيدُ إذَا فَرَّطَ [قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ عِنْدَ غُلَامِهِ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الصَّائِدَ إذَا وَضَعَ آلَةَ الذَّبْحِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ ذَلِكَ الْغَيْرَ أَوْ يَظُنُّ أَوْ يَشُكُّ أَوْ وَضَعَ الْآلَةَ فِي خُرْجٍ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُهَا بِسُرْعَةٍ فَمَاتَ الصَّيْدُ قَبْلَ تَنَاوُلِهِ الْآلَةَ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ لِتَفْرِيطِ الصَّائِدِ، إذْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ الْآلَةَ فِي يَدِهِ أَوْ حِزَامِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَدْعِي طُولًا فِي تَنَاوُلِهَا لَا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْآلَةُ بِيَدِهِ لَمْ يُدْرِكْ ذَكَاتَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ.
وَقَوْلُنَا: وَهُوَ يَعْلَمُ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْحَامِلَ لِلْآلَةِ يَسْبِقُهُ الصَّيْدُ ثُمَّ خَالَفَ عِلْمَهُ أَوْ ظَنَّهُ وَسَبَقَهُ هُوَ وَأَدْرَكَهُ حَيًّا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَتَرَاخَى ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ اتَّبَعَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ فَيُؤْكَلُ فَالْعِبْرَةُ بِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ