وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْإِبِلِ الثَّنِيُّ وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ.
(وَلَا يُحْسَبُ فِي السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ) مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ وَإِنَّمَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنْ فَاتَ السَّابِعُ وَلَمْ يَعُقَّ عَنْ الْمَوْلُودِ فَلَا يَعُقُّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ.
ثُمَّ بَيَّنَ الْوَقْتَ الَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ مِنْ الْيَوْمِ السَّابِعِ بِقَوْلِهِ: (وَتُذْبَحُ ضَحْوَةً) يَعْنِي عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَإِلَّا فَالنَّهَارُ مِنْ ضَحْوَةٍ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقْتٌ لِلذَّبْحِ فَلَا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا لَيْلًا وَلَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُجْزِئُ ذَبْحُهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَهَذَا أَظْهَرُ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ لَيْسَتْ مُنْضَمَّةً إلَى صَلَاةٍ فَكَانَ قِيَاسُهَا عَلَى الْهَدَايَا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الضَّحَايَا.
(وَلَا يَمَسُّ الصَّبِيَّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا) هَذَا النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ، فَسَّرَ بَعْضُهُمْ إمَاطَةَ الْأَذَى عَنْهُ بِتَرْكِ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ بِدَمِهَا تَفَاؤُلًا لِيَكُونَ شُجَاعًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ.
(وَيُؤْكَلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعَقِيقَةِ (وَيُتَصَدَّقُ) كَالْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ قَدَّمَ الصَّدَقَةَ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا قِيلَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ عَقِيقَةً حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَيْسَتْ بِعَقِيقَةٍ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعَقِيقَةِ الصَّدَقَةُ وَالصَّدَقَةُ تَكُونُ مِنْهَا طَرِيًّا وَمَطْبُوخًا وَلَا يَصْنَعُ بِهَا طَعَامًا وَيَدْعُو إلَيْهِ الْجِيرَانَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَتُكْسَرُ عِظَامُهَا) اسْتِحْبَابًا
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْهَدَايَا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ إلَخْ] فَإِنْ وُلِدَ مَعَ الْفَجْرِ حُسِبَ لِأَنَّهُ لَمْ يُولَدْ بَعْدَ الْفَجْرِ بَلْ تَقَارَنَا. [قَوْلُهُ: فَلَا يَعُقُّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي] عِبَارَةُ بَعْضٍ وَكَذَا لَا يُنْدَبُ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي سَابِعٍ ثَانٍ أَوْ ثَالِثٍ أَوْ رَابِعٍ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ كَمَا فِي تت، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ السَّابِعُ الرَّابِعُ اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ الطَّلَبِ بِهَا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا أَوْهَمَهُ شَارِحُنَا مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الطَّلَبِ بَعْدَ السَّابِعِ الثَّانِي غَيْرُ مُرَادٍ.
[قَوْلُهُ: يَعْنِي عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُذْبَحَ ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ، وَيُكْرَهُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي [قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالنَّهَارُ إلَخْ] أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ بَلْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ النَّهَارَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مِنْ ضَحْوَةٍ أَيْ طُلُوعِ الشَّمْسِ [قَوْلُهُ: وَهَذَا أَظْهَرُ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ الْمُقَدِّمَاتِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُذْبَحَ ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ وَمِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُمْنَعُ مِنْ قَبْلِ الْفَجْرِ انْتَهَى.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهَا مِنْ الْفَجْرِ وَيَسْتَمِرُّ لِلْغُرُوبِ، وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا ضَحْوَةً لِلزَّوَالِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ النَّافِلَةُ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَمَسُّ الصَّبِيَّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا] الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ [قَوْلُهُ: هَذَا النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ] لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّلَطُّخُ بِالنَّجَاسَةِ [قَوْلُهُ: لِمَا فِي الصَّحِيحِ] هَذَا لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الْكَرَاهَةِ [قَوْلُهُ: مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ] قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ: مُصَاحِبَةً لَهُ [قَوْلُهُ: فَأَهْرِيقُوا] بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ فَصُبُّوا عَنْهُ دَمًا بِشَاةٍ بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: فَسَّرَ بَعْضُهُمْ أَيْ وَفَسَّرَهُ بَعْضٌ آخَرُ بِأَزِيلُوا عَنْهُ أَذًى بِحَلْقِ رَأْسِهِ.
[قَوْلُهُ: وَيُؤْكَلُ مِنْهَا] أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤْكَلَ أَيْ يَطْعَمَ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانُ.
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَالْإِطْعَامُ فِيهَا كَهُوَ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَيْ وَلَا حَدَّ لِلْإِطْعَامِ فِيهَا بَلْ يَأْكُلُ مِنْهَا وَمِنْ الضَّحِيَّةِ مَا شَاءَ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا شَاءَ وَيُطْعِمُ مَا شَاءَ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبٌّ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ. أَقُولُ: فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا دَاعِيَ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَدَّمَ الصَّدَقَةَ إلَخْ [قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ] وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا [قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ إلَخْ] هَذَا عَلَى الضَّعِيفِ [قَوْلُهُ: فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْحَقِيقَةِ الصَّدَقَةُ] أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ قَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ مُسَاوَاتِهَا لِلضَّحِيَّةِ، وَحَيْثُ كَانَتْ مُسَاوِيَةً فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الصَّدَقَةَ بَلْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَقْصُودٌ أَعْنِي الْأَكْلَ مِنْهَا وَالْإِهْدَاءَ وَالصَّدَقَةَ [قَوْلُهُ: وَالصَّدَقَةُ تَكُونُ مِنْهَا طَرِيًّا إلَخْ] وَكَذَا الْإِهْدَاءُ يَكُونُ طَرِيًّا وَمَطْبُوخًا [قَوْلُهُ: وَلَا