للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا) فَقِيلَ عَائِدٌ عَلَى جَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالرُّهْبَانِ وَالْأَحْبَارِ، وَقِيلَ عَائِدٌ عَلَى الرُّهْبَانِ، وَمَا بَعْدَهُ وَاسْتُقْرِبَ لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ، مَعَ قَوْلِهِ (وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُقْتَلُ إذَا قَاتَلَتْ) ظَاهِرُهُ كَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَيَّدَهُ ع بِقَوْلِهِ: يَعْنِي حَالَ الْقِتَالِ.

وَأَمَّا إذَا بَرَدَ الْقِتَالُ فَلَا تُقْتَلُ، وَهَذَا أَيْضًا إذَا قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ، وَأَمَّا إذَا قَاتَلَتْ بِالْحِجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تُقْتَلُ.

(وَيَجُوزُ أَمَانُ أَدْنَى الْمُسْلِمِينَ) وَهُوَ الْخَسِيسُ الَّذِي إذَا غَابَ لَا يُنْتَظَرُ، وَإِذَا حَضَرَ لَا يُسْتَشَارُ (عَلَى بَقِيَّتِهِمْ) فَأَمَانُ الشَّرِيفِ أَحْرَى بِالْجَوَازِ، وَهَذَا فِي قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ، وَأَمَّا أَهْلُ نَاحِيَةٍ أَوْ بَلَدٍ فَلَا يَعْقِدُ لَهُمْ الْأَمَانَ إلَّا السُّلْطَانُ، فَإِنْ عَقَدَهُ غَيْرُهُ نَقَضَهُ إنْ شَاءَ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَشَرْطُ الْأَمَانِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ضَرَرٌ، فَلَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً أَوْ مَنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ لَمْ يَنْعَقِدْ اهـ. .

وَيَنْعَقِدُ الْأَمَانُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ وَبِالْكِنَايَةِ وَالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ (وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ) يَجُوزُ أَمَانُهَا (وَالصَّبِيُّ) مِثْلُهَا يَجُوزُ أَمَانُهُ (إذَا عَقَلَ الْأَمَانَ) أَيْ عَلِمَ أَنَّ نَقْضَ الْأَمَانِ حَرَامٌ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ، وَالْوَفَاءَ بِهِ وَاجِبٌ يُثَابُ عَلَيْهِ (وَقِيلَ: إنْ أَجَازَ ذَلِكَ) أَيْ أَمَانَ الصَّبِيِّ (الْإِمَامُ جَازَ) ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ لَمْ يَجُزْ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَمْوَالِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَدُوِّ

ــ

[حاشية العدوي]

الرَّهْبَانِيَّةُ إنَّمَا يَفْعَلُهَا الرِّجَالُ. [قَوْلُهُ: مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ] أَمَّا النِّسَاءُ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِنَّ، وَأَمَّا الصِّبْيَانُ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُهَا وَسَيَأْتِي. [قَوْلُهُ: لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ] ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ. [قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ ابْنُ عُمَرَ إلَخْ] مِنْ كَلَامِ هَذَا الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عُلِمَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ وَهِيَ: إمَّا أَنْ تُقْتَلَ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِالسِّلَاحِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا حَالَ الْمُنَاشَبَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَمَتَى قُتِلَتْ قُتِلَتْ حَالَ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ بَعْدَهَا قُتِلَتْ بِسِلَاحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَمَتَى لَمْ تُقْتَلْ قُتِلَتْ حَالَ الْمُقَاتَلَةِ بِسِلَاحٍ لَا حَالَهَا بِدُونِهِ وَلَا بَعْدَهَا مُطْلَقًا، فَلَا تُقْتَلُ فِي ثَلَاثٍ وَتُقْتَلُ فِي خَمْسٍ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَنَّهَا إذَا قَاتَلَتْ بِسِلَاحٍ تُقْتَلُ مُطْلَقًا حَالَ الْقِتَالِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا، وَالصَّبِيُّ فِي التَّفْصِيلِ كَالْمَرْأَةِ وَلَوْ رَاهَقَ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْخَسِيسُ] الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي لَيْسَ عَدْلَ شَهَادَةٍ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَارِفًا بِمَصْلَحَةِ الْأَمَانِ وَلَوْ خَارِجًا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ. [قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ] أَيْ فِي قَوْمٍ كُفَّارٍ مَخْصُوصِينَ. [قَوْلُهُ: نَقَضَهُ إنْ شَاءَ] أَيْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ كَمَا يَنْظُرُ فِي التَّأْمِينِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ أَوْ الْجَاهِلِ، فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ، وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمَانِ الذِّمِّيِّ لِبَعْضِ الْحَرْبِيِّينَ لَا يَجُوزُ. وَاعْلَمْ أَنَّ ثَمَرَةَ الْأَمَانِ الْعَائِدَةَ عَلَى الْمُؤَمَّنِ، حُرْمَةُ قَتْلِهِ وَاسْتِرْقَاقِهِ، وَعَدَمُ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ، إنْ وَقَعَ الْأَمَانُ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْفَتْحِ فَإِنَّمَا يَسْقُطُ بِهِ الْقَتْلُ فَقَطْ، وَيَرَى الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِي غَيْرِهِ. [قَوْلُهُ: فَلَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا إلَخْ] يُقْتَلُ الْجَاسُوسُ حِينَئِذٍ، إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُ أَوْ يُسْلِمُ. [قَوْلُهُ: الطَّلِيعَةُ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ، الطَّلِيعَةُ الْقَوْمُ يُبْعَثُونَ أَمَامَ الْجَيْشِ يَتَعَرَّفُونَ طِلْعَ الْعَدُوِّ بِالْكَسْرِ، أَيْ خَبَرَهُ وَالْجَمْعُ طَلَائِعُ اهـ. فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُغَايِرٌ لِلْجَاسُوسِ.

[قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ الْأَمَانُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ إلَخْ] كَأَمَّنْتُكَ [قَوْلُهُ: وَالْإِشَارَةُ الْمُفْهِمَةُ] أَيْ يَفْهَمُ مِنْهَا الْكَافِرُ الْأَمَانَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُشِيرُ الْأَمَانَ بَلْ ضِدَّهُ، وَكَذَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْمُشِيرُ الْأَمَانَ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْأَمَانُ، وَإِنْ فَهِمَ مِنْهَا الْكَافِرُ ضِدَّ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَرْأَةُ إلَخْ] أَوْ الْعَبْدُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إنْ عَقَلَ الْأَمَانَ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ أَجَازَ ذَلِكَ] مَعْنَاهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ يَمْضِي إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونَ. إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِيهَا قُصُورٌ، مِنْ حَيْثُ إرْجَاعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِلصَّبِيِّ فَقَطْ، مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَجْعَلُ مِثْلَ الصَّبِيِّ الْمَرْأَةَ بَلْ وَالْعَبْدَ، وَلِذَلِكَ أَرْجَعَ اسْمَ الْإِشَارَةِ بَعْضُهُمْ إلَى الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ، وَأَمَّا أَمَانُ الْخَارِجِ عَنْ الْإِمَامِ الْمُسْلِمِ الْكَبِيرِ الْحُرِّ فَيَمْضِي، وَيَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا الذِّمِّيِّ وَالْخَائِفِ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>