(فَفَرْضٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ (دَفْعُهُمْ وَلَا يُسْتَأْذَنُ الْأَبَوَانِ فِي مِثْلِ هَذَا) لَفْظَةُ مِثْلِ زَائِدَةٌ أَيْ لَا يُسْتَأْذَنُ الْأَبَوَانِ فِي هَذَا، وَقِيلَ لَيْسَتْ زَائِدَةً، وَالْمَعْنَى لَا يَسْتَأْذِنُهُمَا فِي هَذَا الْجِهَادِ إذَا تَعَيَّنَ، وَلَا فِي مِثْلِهِ مِنْ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَطَلَبِ الْعِلْمِ، فِيمَا يَخُصُّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ فِي مَوْضِعِهِ مَنْ يُعَلِّمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَاعَتُهُمَا فِي تَرْكِ الْمُبَاحَاتِ وَالنَّوَافِلِ، وَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَلَا.
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَأْذَنُ الْأَبَوَانِ فِي مِثْلِ هَذَا] أَيْ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ أَبٌ، وَمَنْ لَا أَب لَهُ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا مِدْيَانًا أَوْ غَيْرَ مِدْيَانٍ، وَعَلَى هَذَا فَيُسْهَمُ لِلْعَبِيدِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْجِهَادِ؛ لِأَنَّنَا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ مِنْ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ، وَالْآنَ قَدْ خُوطِبُوا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ أَنْ يُعِينُوهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَنْ يَلِيهِمْ مَنْ يَقُومُ بِهِمْ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ أَيْضًا حَتَّى يَقُومَ بِذَلِكَ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحِلُّ كَوْنِهِ فَرْضًا عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا مِثْلَيْ عُدَّتِهِمْ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لَهُمْ الْفِرَارُ، إلَّا أَنْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَالْقُيُودُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَأْتِي هُنَا، وَلَا يُقَالُ: إنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ الْكِفَائِيِّ وَهَذَا عَيْنِيٌّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إذَا حَصَلَ الشُّرُوعُ فِي الْقِتَالِ صَارَ عَيْنًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْفِرَارِ. [قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ] أَيْ فَقَوْلُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَيْ فِي هَذَا وَمِثْلِهِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا فِي مِثْلِهِ مِنْ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ سَائِرَ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَاهُ مِنْهَا، وَلَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُهُ إيَّاهُ، وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لَهُ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ. [قَوْلُهُ: فِيمَا يَخُصُّهُ] أَيْ فِي الَّذِي يَخُصُّهُ، أَيْ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِالْخُصُوصِ، وَهُوَ الْعَيْنِيُّ [قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ الْمُبَاحَاتِ وَالنَّوَافِلِ] أَيْ لَا الْفَرَائِضِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْكِفَائِيَّ مِثْلُ النَّوَافِلِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفَرَائِضُ] أَيْ الْعَيْنِيَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute