للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ الْوَهَّابِ أَوْ وَاجِبٌ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّيْخِ (وَتُجْزِئُهُ شَاةٌ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَعْلَى مِنْهَا، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَاحْتَرَزَ بِوَلَدِهِ مِمَّا إذَا حَلَفَ بِنَحْرِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَيَّدْنَاهُ بِالْوَاحِدِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حَلَفَ بِنَحْرِ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ فَإِنَّ الْهَدْيَ يَتَعَدَّدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَقَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لَا هَدْيَ وَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِاسْتِغْفَارُ مِنْ ذَلِكَ.

(وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ (فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْمَشْيُ) لُزُومًا (مِنْ مَوْضِعِ حَلِفِهِ) يُرِيدُ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ لَا مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ مُسْتَقِرٌّ عَلَيْهِ حَالَ حَلِفِهِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي قَوْلِهِ (فَلْيَمْشِ إنْ شَاءَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ)

ــ

[حاشية العدوي]

قَصَدَ حَقِيقَةَ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ: إنْ قَصَدَ الْهَدْيَ وَالْقُرْبَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي الْتِزَامِ الْهَدْيِ، وَسَيَأْتِي يَقُولُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ أَيْ وَلَمْ يَنْوِ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ لَا لَفْظَ بِالْهَدْيِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا أَوْ نَفْسَهُ، بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ نَفْسِي أَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَحْرُهُ أَوْ هُوَ بَدَنَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَهَذَا إذَا كَانَ فُلَانٌ حُرًّا، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ عَبْدَ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَإِنْ كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبٌ] وَهُوَ الرَّاجِحُ [قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَخْ] يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مَا إذَا فَعَلَ الْبَقَرَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَدَنَةِ [قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا إلَخْ] لَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِهُنَا؛ لِأَنَّ الشَّاةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَيُقَالُ هَذَا شَاةٌ لِلذَّكَرِ وَهَذِهِ شَاةٌ لِلْأُنْثَى وَشَاةٌ ذَكَرٌ وَشَاةٌ أُنْثَى [قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِوَلَدِهِ إلَخْ] الرَّاجِحُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِنَحْرِهِ الْأَجْنَبِيَّ، وَذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ كَمَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْهَدْيَ يَتَعَدَّدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَقِيلَ هَدْيٌ كَافٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَذَكَرَ أَنَّ الْحَقَّ التَّعَدُّدُ.

[قَوْلُهُ: حَلَفَ بِالْمَشْيِ] مَفْهُومُهُ لَوْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ الْمَسِيرَ أَوْ الذَّهَابَ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ، وَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَاشِيًا، فَإِنْ قِيلَ الْمَسِيرُ وَالذَّهَابُ كَالْمَشْيِ فَلِمَ لَزِمَ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ فِي الْمَشْيِ دُونَ غَيْرِهِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعُرْفَ اُشْتُهِرَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْمَشْيِ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ لَفْظِ نَحْوِ الْمَسِيرِ أَوْ الرُّكُوبِ، وَأَيْضًا السُّنَّةُ جَاءَتْ بِذَلِكَ [قَوْلُهُ: إلَى مَكَّةَ] أَيْ وَالْبَيْتِ أَوْ إلَى جُزْءٍ مُتَّصِلٍ بِهِ كَالْحِجْرِ وَالْمُلْتَزَمِ وَالرُّكْنِ وَالْبَابِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الصَّفَّا أَوْ الْمَرْوَةِ أَوْ عَرَفَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ أَوْ يَنْوِيَ الْحَجَّ عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى عَرَفَةَ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ.

تَنْبِيهٌ: وَمِثْلُ الْحَلِفِ النَّذْرُ. [قَوْلُهُ: مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إلَخْ] لَا يُقَالُ هَذِهِ صِيغَةُ نَذْرٍ فَكَيْفَ يُفَسَّرُ بِهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ قَرَّرُوا أَنَّ عَلَيَّ بِدُونِ اللَّهِ صِيغَةُ يَمِينٍ لَا نَذْرٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُعَلَّقَةً عَلَى شَيْءٍ مُمْتَنَعٍ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا هُنَا [قَوْلُهُ: مِنْ مَوْضِعِ حَلِفِهِ] أَيْ أَوْ مِنْ مِثْلِهِ سَوَاءٌ حَنِثَ بِهِ أَمْ لَا خِلَافًا لِخَلِيلٍ أَيْ وَالنَّاذِرُ مِنْ مَوْضِعِ نَذْرِهِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعًا] أَيْ فِي لَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ بِعَيْنِهِ لَمَّا كَانَ تَعْيِينُ الْمَوْضِعِ يَصْدُقُ بِشَخْصِهِ وَنَوْعِهِ.

وَالْمُرَادُ شَخْصُهُ احْتَاجَ لِقَوْلِهِ بِعَيْنِهِ أَيْ شَخْصِهِ وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَعْيِينِ مَوْضِعٍ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ النَّاذِرُ أَوْ الْحَالِفُ الْمَحِلَّ الَّذِي يَبْتَدِئُ الْمَشْيُ مِنْهُ وَجَرَى الْعُرْفُ بِالْمَشْيِ مِنْ مَحِلٍّ خَاصٍّ فَإِنَّهُ يَمْشِي مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِالْمَشْيِ مِنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ نِيَّةٌ فِي شَيْءٍ عَمِلَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ ذَهَبَ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ لِلْحَالِفِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لِلْحَالِفِينَ فَمِنْ مَوْضِعِ نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ أَوْ مِثْلِ حَلِفِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْمَسَافَةِ لَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>