للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَدْيًا) يَبْعَثُهُ (إلَى بَيْتِ اللَّهِ) الْحَرَامِ (أَجْزَأَهُ ثُلُثُهُ) ع يُرِيدُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ وَيُرِيدُ أَيْضًا مَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا أَمَّا إذَا سَمَّى لَزِمَهُ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ مَالِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: أَوْ صَدَقَةُ شَيْءٍ سَمَّاهُ. وَيُرِيدُ مَا لَمْ يَسْتَثْنِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا أَمَّا إذَا اسْتَثْنَى مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ وَلَوْ دِرْهَمًا، وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْت فِيهَا الذَّنْبَ وَأُجَاوِرُك وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَجْزِيك مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ» .

(وَمَنْ حَلَفَ بِنَحْرِ وَلَدِهِ) الْوَاحِدِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ نَحْرُ وَلَدِي (فَإِنْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ) الْخَلِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (أَهْدَى هَدْيًا) وَاحِدًا، وَأَعْلَاهُ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ شَاةٌ (يُذَبَّحُ بِمَكَّةَ) بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ أَوْ بِمِنًى إنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ هَلْ الْهَدْيُ الْمَذْكُورُ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ قَوْلُ

ــ

[حاشية العدوي]

فَإِنَّهُ إذَا حَنِثَ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَالِهِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ أَيْ عَدَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِنْ عَرَضٍ، وَقِيمَةِ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ ثُمَّ إنْ عَجَزَ، وَكَانَ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمِّ وَلَدِهِ.

وَكَذَا تُعْتَبَرُ أُجْرَةُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ لَا خِدْمَتُهُمَا وَلَا ذَاتُهُمَا وَالْمُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْمَوْجُودِ حِينَ يَمِينِهِ لَا مَا زَادَ بَعْدَهُ بِهِبَةٍ أَوْ نَمَاءٍ أَوْ وِلَادَةٍ فَلَوْ حَلَفَ وَمَالُهُ أَلْفٌ فَحَنِثَ، وَهُوَ أَلْفَانِ لَزِمَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَعَكْسُهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ رِفْقًا بِهِ، فَإِنْ نَقَصَ يَوْمَ الْحِنْثِ عَنْ يَوْمِ الْيَمِينِ بِنَفَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَهَلَاكٍ، وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ فِي صِيغَةِ بِرٍّ فَمَا بَقِيَ يُجْزِئُ ثُلُثُهُ فَقَطْ بَعْدَ حِسَابِ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ وَلَوْ مُؤَجَّلًا كَمَهْرِ زَوْجَتِهِ، وَقُلْنَا فِي صِيغَةِ بِرٍّ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ فَيَلْزَمُهُ ثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ نَعَمْ يَتَّفِقُ مَعَ صِيغَةِ الْبِرِّ فِي أَنَّ مَا هَلَكَ بَعْدَ الْحِنْثِ بِتَفْرِيطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ ثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ، لَكِنْ فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ بِلَا تَفْرِيطٍ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ هَذَا كُلُّهُ فِي الْيَمِينِ كَمَا قَرَّرْنَا.

وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ مَالَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا نَقَصَ بِنَفَقَتِهِ لَا بِتَلَفٍ وَلَا بِتَفْرِيطٍ فَثُلُثُ مَا بَقِيَ يَوْمَ الْإِخْرَاجِ [قَوْلُهُ: أَوْ هَدْيًا] كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِيٍّ [قَوْلُهُ: فِي يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ] مِثَالُ الْأَوَّلِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ وَمِثَالُ النَّذْرِ كَمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِي أَوْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِي [قَوْلُهُ: وَيُرِيدُ أَيْضًا مَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا] وَيُرِيدُ أَيْضًا مَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ بِالشَّخْصِ كَزَيْدٍ أَوْ بِالْوَصْفِ كَبَنِي زَيْدٍ فَيَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ حِينَ حَلَفَهُ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا سَمَّى وَيَتْرُكُ لَهُ مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ [قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا سَمَّى إلَخْ] الْفَرْقُ بَيْنَ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ وَبَيْنَ مَنْ سَمَّى يَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا سَمَّاهُ أَنَّ مَنْ سَمَّى لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ أَبْقَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا، وَلَوْ ثِيَابَ ظَهْرِهِ وَمَنْ قَالَ مَالِي وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ مَالِي يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَخَفَّفَ عَنْهُ وَاكْتَفَى فِيهِ بِثُلُثِهِ.

تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ إخْرَاجُ ثُلُثِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ وَلَوْ لِمُعَيَّنٍ لَا يُقْضَى بِهِ وَمِثْلُهُ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالْحَبْسُ إذَا كَانَتْ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ لِمُعَيَّنٍ لَقَضَى بِهَا؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ مَعْرُوفٍ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ] بَشِيرٌ وَقِيلَ رِفَاعَةُ [قَوْلُهُ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ] مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكِ فَارْتَبَطَ بِسَارِيَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى نَزَلَ {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: ١٠٢] الْآيَةَ. [قَوْلُهُ: أَهْجُرُ] بِتَقْدِيرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ [قَوْلُهُ: وَأُجَاوِرُك] فِي مَسْجِدِك أَوْ أَسْكُنُ بِبَيْتٍ بِجِوَارِك [قَوْلُهُ: صَدَقَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ] يَصْرِفُهَا فِي وُجُوهِ الْبِرِّ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ حَلَفَ بِنَحْرِ وَلَدِهِ] الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَلَدِهِ وَقَرِيبِهِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَنَفْسِهِ فِي أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ أَوْ نَوَى مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَيْ قِصَّتَهُ مَعَ وَلَدِهِ فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ لَا مَقَامَ مُصَلَّاهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، كَمَا إذَا نَوَى قَتْلَهُ، وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ ذَكَرَ أَوْ نَوَى أَمْكِنَةً مِنْ أَمْكِنَةِ النَّحْرِ كَمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ مَوْضِعًا مِنْ مَوَاضِعِهَا، وَلَيْسَتْ مُزْدَلِفَةُ مِنْهَا أَوْ تَلَفَّظَ بِالْهَدْيِ أَوْ نَوَاهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ، كَأَنْ يَقُولَ عَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>