لِتَلَافِي مَا رَكِبَ (فَيَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ) وَيَرْكَبُ الَّتِي مَشَى إذَا عَلِمَ مَا رَكِبَ فِيهِ، وَمَا مَشَى وَيَهْدِي لِتَفْرِقَةِ الْمَشْيِ بَدَنَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَبَقَرَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَشَاةً، وَإِنْ أَتَى بِالْأَدْنَى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَعْلَى أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا مَشَى، وَمَا رَكِبَ فَإِنَّهُ يَمْشِي الطَّرِيقَ كُلَّهُ، ابْنُ الْمَوَّازِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمَشْيَ الثَّانِيَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَا يَسْقُطُ مَا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْهَدْيِ.
(وَإِنْ عَلِمَ) بِمَعْنَى ظَنَّ (أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ) عَلَى الْمَشْيِ (قَعَدَ، وَأَهْدَى، وَقَالَ عَطَاءٌ) بْنُ أَبِي رَبَاحٍ (لَا يَرْجِعُ) مَرَّةً (ثَانِيَةً، وَإِنْ قَدَرَ) عَلَى الْمَشْيِ ثَانِيًا (وَيُجْزِئُهُ الْهَدْيُ) هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ صَرُورَةٍ، وَأَمَّا (إذَا كَانَ صَرُورَةً) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ قَطُّ إذَا حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ وَحَنِثَ أَوْ نَذَرَ (جَعَلَ ذَلِكَ) الْمَشْيَ (فِي عُمْرَةٍ) وُجُوبًا عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ نِيَّةٌ مَشَى فِيمَا نَوَى (فَإِذَا طَافَ وَسَعَى وَقَصَّرَ أَحْرَمَ) مِنْ الْحِلِّ اسْتِحْبَابًا فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ أَحْرَمَ (مِنْ مَكَّةَ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهِ (بِفَرِيضَةٍ) وَهِيَ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْمِصْرِيِّ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ لِلِاحْتِيَاطِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْهَدْيَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهِ الْهَدْيَ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الرُّجُوعِ إلَى مَكَّةَ أَوْ لَا فَهُوَ وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ رَاكِبًا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ الْإِفَاضَةَ أَوْ هُمَا فَإِنَّهُ يَنْدُبُ فِي حَقِّهِ الْهَدْيُ [قَوْلُهُ: وَيَهْدِي] وَيُؤَخِّرُ الْهَدْيَ لِعَامِ رُجُوعِهِ وَلَوْ قَدَّمَهُ فِي عَامِ الْمَشْيِ لَأَجْزَأَهُ [قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِالْأَدْنَى إلَخْ] أَيْ وَخَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ [قَوْلُهُ: ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ] كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالتَّعَقُّبُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَمَاكِنَ الرُّكُوبِ وَمَشَى الْجَمِيعَ لَا فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ يَكُونُ مَشْيُ الْجَمِيعِ عَلَيْهِ وَاجِبًا يُفِيدُ ذَلِكَ صَرِيحًا نَصُّ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ بِمَعْنَى ظَنَّ] مُقَابِلُ قَوْلِهِ قَدْ دَارَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الرُّجُوعِ وَفَسَّرَ الشَّارِحُ الْعِلْمَ بِالظَّنِّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطَ الْعِلْمَ، وَأَنَّ الظَّنَّ يَكْفِي.
تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ: إذَا قُلْنَا بِلُزُومِ الرُّجُوعِ فَإِذَا رَجَعَ فِي زَمَنٍ قَابِلٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي حَجٍّ إنْ كَانَ حِينَ نَذْرِهِ نَذَرَ حَجًّا أَوْ نَوَاهُ أَوْ فِي عُمْرَةٍ إنْ نَذَرَهَا أَوْ نَوَاهَا فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ حِينَ نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ بَلْ أَبْهَمَ وَمَشَى فِي أَحَدِهِمَا فَرَكِبَ فِيهِ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، ثَانِيًا فِي الزَّمَنِ الْقَابِلِ فَيَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِغَيْرِ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا. الثَّانِي: مَحِلُّ وُجُوبِ الرُّجُوعِ أَيْضًا عَلَى مَنْ رَكِبَ كَثِيرًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ حَيْثُ ظَنَّ حِينَ خُرُوجِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ فِي عَامَيْنِ فَخَالَفَ ظَنُّهُ كَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَهُ أَوَّلًا، أَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ خُرُوجِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ الْقُدْرَةَ حِينَ يَمِينِهِ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ بِأَنْ تَوَهَّمَ أَوْ شَكَّ أَوْ عَلِمَ الْعَجْزَ لِضَعْفٍ أَوْ كِبَرٍ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ يَمْشِي مَقْدُورَهُ وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ وَرَكِبَ مَعْجُوزَهُ، وَأَهْدَى مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ، وَقُلْنَا ظَنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ يَمِينِهِ احْتِرَازًا مِمَّنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ يَمِينِهِ أَوْ نَوَى أَنْ لَا يَمْشِيَ إلَّا مَا يُطِيقُهُ وَلَوْ شَابًّا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ وَيَمْشِي مَقْدُورَهُ وَيَرْكَبُ مَعْجُوزَهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَلَا هَدْيَ.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ عَطَاءٌ إلَخْ] هَذَا خِلَافٌ الْمَذْهَبِ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ [قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ صَرُورَةٍ] لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كُلِّهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْيِيرِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ غَيْرَ صَرُورَةٍ [قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ] أَيْ أَنَّ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي عُمْرَةٍ وُجُوبًا وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يَجْعَلُهُ فِيهَا اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا كَذَا فِي التَّحْقِيقِ، وَلَوْ أَحْرَمَ حِينَ أَتَى الْمِيقَاتَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ ثُمَّ يَأْتِي عَنْ نَذْرِهِ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ وَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا وَلَوْ أَحْرَمَ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا نَذْرًا انْصَرَفَ لِلْفَرْضِ، وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ، وَهَلْ إجْزَاؤُهُ عَنْ نَذْرِهِ فَقَطْ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَمْ يَنْذُرْ أَوْ يُعَيِّنْ فِي يَمِينِهِ حَجًّا بِأَنْ نَذَرَ عُمْرَةً أَوْ مَشْيًا مُطْلَقًا أَوْ حَلَفَ بِهِ، كَذَلِكَ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ، وَأَمَّا إنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا أَوْ عَيَّنَهُ فِي يَمِينِهِ وَنَوَى بِحَجِّهِ نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَوْ إجْزَاؤُهُ عَنْ نَذْرِهِ فَقَطْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ تَأْوِيلَانِ.
[قَوْلُهُ: أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ اسْتِحْبَابًا] أَيْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute