للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِطَلَاقٍ قَوْلَانِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَيَسْقُطُ الْحَدُّ؛ لِوُجُودِ الْخِلَافِ.

(وَ) كَذَلِكَ (لَا) يَجُوزُ (نِكَاحُ الْمُتْعَةِ) إجْمَاعًا (وَهُوَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ) خَاصَّةً بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَبِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هُوَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ وَشُهُودٍ وَوَلِيٍّ، وَإِنَّمَا فَسَدَ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ، وَيُفْسَخُ أَبَدًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا الْحَدُّ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ كَامِلَةٌ وَلَا صَدَاقَ لَهَا، إنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَسَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَلَهَا مَا سَمَّى، لِأَنَّ فَسَادَهُ فِي عَقْدِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ.

(وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (النِّكَاحُ) بِمَعْنَى الْعَقْدِ عَلَى الْمَرْأَةِ حَالَ كَوْنِهَا (فِي الْعِدَّةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥] «وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لِلْفُرَيْعَةِ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» وَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَنْ عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ فَسَخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا عُوقِبَا، وَالشُّهُودُ إنْ عَلِمُوا وَلَهَا الْمُسَمَّى.

ــ

[حاشية العدوي]

يُفْسَخُ قَبْلُ وَبَعْدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَسَادَهُ مِنْ جِهَةِ عَقْدِهِ، الثَّانِي لِابْنِ شَعْبَانَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَا بَعْدَهُ، وَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ، الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ وَفِي فَسْخِهِ بِطَلَاقٍ قَوْلَانِ. وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا كَمَا قُرِّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَوْلُهُ لِوُجُودِ الْخِلَافِ أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ شَعْبَانَ كَمَا قُلْنَا لَا يَفْسَخُهُ مُطْلَقًا، لَا قَبْلُ، وَلَا بَعْدُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ] ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا قَرُبَ الْأَجَلُ أَوْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ عُمُرُ أَحَدِهِمَا [قَوْلُهُ: أَجَلٍ] تَصْرِيحًا وَمَا أَشْبَهَهُ كَأَنَّ أَعْلَمَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِأَنَّهُ يُفَارِقُهَا بَعْدَ سَفَرِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلِمْهَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَفْسُدُ، وَإِنْ فَهِمَتْ مِنْهُ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ] كَذَا نَقَلَ الْفَاكِهَانِيُّ، وَأَمَّا الْأَقْفَهْسِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَا كَانَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ تَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ فَقَطْ [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ] هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ [قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ أَبَدًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ] هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ، وَعَلَيْهِ فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحَ مُتْعَةٍ، وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا جَازَ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ نِكَاحُهَا.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا الْحَدَّ] ، وَلَوْ عَالِمَيْنِ بِحُرْمَةِ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الْحَدِّ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِهِ بِأَنَّهُ النِّكَاحُ لِأَجَلٍ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَتَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ رُشْدٍ وَفَسَادُهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ خَاصَّةً، وَأَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ فَالْحَدُّ فِيهِ ثَابِتٌ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَسَمَّى إلَخْ] الرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ سَمَّى لَهَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ كَمَا فِي عج.

[قَوْلُهُ: كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا] فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ رَجْعِيٍّ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْعَاقِدِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ، وَلِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ رَجْعَتُهَا قَبْلَ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي وَبَعْدَهُ فَتَدَبَّرْ، وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ، وَأَمَّا التَّأْبِيدُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ.

وَانْظُرْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَوَطِئَهَا هَلْ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ أَمْ لَا، وَلِلشُّيُوخِ فِي بَابِ الزِّنَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْغَيْرِ. اهـ[قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ] أَيْ الْمَكْتُوبُ مِنْ الْعِدَّةِ غَايَتُهُ وَسُمِّيَتْ كِتَابًا؛ لِأَنَّهَا فَرْضٌ مِنْ اللَّهِ [قَوْلُهُ: لِلْفُرَيْعَةِ] قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ فِي حَرْفِ الْفَاءِ الْفُرَيْعَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا: الْفَارِعَةُ أَنْصَارِيَّةٌ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حِينَ قُتِلَ زَوْجُهَا.

[قَوْلُهُ: فَمَنْ عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ] أَيْ مِنْ غَيْرِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا صَاحِبُ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَائِنَةً بِالثَّلَاثِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ حُدَّ مَعَ فَسْخِ نِكَاحِهِ، وَلَكِنْ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، كَالْمَنْكُوحَةِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مِنْ غَيْرِهِ [قَوْلُهُ: فُسِخَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ] ، وَلَوْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>