للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحُ الْفَاسِدُ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ تَقَعْ بِهِ حُرْمَةٌ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ تَقَعُ الْحُرْمَةُ بِعَقْدِهِ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ.

وَلَمَّا شَبَّهَ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ بِالصَّحِيحِ فِي الْحُرْمَةِ وَخَشِيَ تَوَهُّمَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي كُلِّ الْوُجُوهِ رَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِأَدَاةِ الِاسْتِدْرَاكِ فَقَالَ: (وَلَكِنْ لَا تَحِلُّ بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْبِنَاءِ (الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَلَا يُحَصَّنُ بِهِ الزَّوْجَانِ) ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَمَا قَالَهُ هُنَا مُفَسِّرٌ لِمَا قَالَهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّ مَغِيبَ الْحَشَفَةِ يُحَصِّنُ الزَّوْجَيْنِ، وَيُحِلُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لِلَّذِي طَلَّقَهَا.

(وَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) عَلَى الرِّجَالِ (مِنْ النِّسَاءِ سَبْعًا بِالْقَرَابَةِ وَسَبْعًا بِالرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] جَمْعُ أُمٍّ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي وَلَدْتُك، وَإِنْ عَلَتْ فَأُمُّك الْمُبَاشِرَةُ لِلْوِلَادَةِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْك، وَكَذَا أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْجَدِّ لِلْأَبِ وَأُمُّ الْجَدِّ لِلْأُمِّ {وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] جَمْعُ بِنْتٍ، وَهِيَ كُلُّ مَنْ لَك عَلَيْهَا وِلَادَةٌ، وَإِنْ بَعُدَتْ {وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] جَمْعُ أُخْتٍ، وَهِيَ كُلُّ امْرَأَةٍ شَارَكَتْك فِي رَحِمٍ أَوْ صُلْبٍ أَوْ فِيهِمَا مَعًا {وَعَمَّاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] جَمْعُ عَمَّةٍ، وَهِيَ كُلُّ امْرَأَةٍ اجْتَمَعَتْ مَعَ أَبِيك فِي رَحِمٍ أَوْ صُلْبٍ أَوْ فِيهِمَا مَعًا {وَخَالاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] جَمْعُ خَالَةٍ، وَهِيَ كُلُّ امْرَأَةٍ اجْتَمَعَتْ مَعَ أُمِّك فِي رَحِمٍ أَوْ صُلْبٍ أَوْ فِيهِمَا مَعًا {وَبَنَاتُ الأَخِ} [النساء: ٢٣] ، وَهِيَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِأَخِيك عَلَيْهَا وِلَادَةٌ فَهِيَ بِنْتُ أَخِيك كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: ٢٣] ، وَهِيَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِأُخْتِك عَلَيْهَا وِلَادَةٌ فَهِيَ بِنْتُ أُخْتِك كَانَتْ الْأُخْتُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: الْحُرْمَةُ] بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ تَقَعُ الْحُرْمَةُ بِعَقْدِهِ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ] أَيْ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُخْتَصَرِ، أَيْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لَهُ، أَيْ بِأَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلْفَاسِدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، أَيْ فَيَكُونُ الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ كَالْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ فِي أَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَطْءِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي التَّحْقِيقِ، مِثَالُ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ نِكَاحُ الْمَحْرَمِ وَالشِّغَارِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ أُمَّهَاتُهَا، وَتَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ، وَأَبْنَائِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْأُمِّ بَنَاتُهَا، وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ إلَّا وَطْؤُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُدْرَأَ الْحَدُّ كَمَا لَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً غَيْرَ عَالِمٍ.

[قَوْلُهُ: بَعْدَ الْبِنَاءِ] أَيْ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ وَطَلُقَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ فَإِنْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ بِحَيْثُ ثَبَتَ النِّكَاحُ حَلَّتْ، وَأَمَّا لَوْ طَلُقَتْ بَعْدَ أَوَّلِ وَطْأَةٍ فَفِي حِلِّهَا تَرَدُّدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّزْعَ هَلْ هُوَ وَطْءٌ أَوْ لَا، وَإِنَّمَا حَصَلَ التَّحْرِيمُ بِالْوَطْءِ دُونَ التَّحْلِيلِ احْتِيَاطًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ [قَوْلُهُ: ثَلَاثًا] أَوْ اثْنَتَيْنِ إنْ كَانَ عَبْدًا [قَوْلُهُ: وَلَا يُحَصَّنُ بِهِ الزَّوْجَانِ] كَذَا فِيمَا بِيَدِي مِنْ نُسَخِ هَذَا الشَّارِحِ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَنُسْخَةُ التَّحْقِيقِ. وَلَا يُحَصَّنُ بِهِ الزَّوْجَانِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَفَادَ تت أَنَّ لِلْمُصَنِّفِ نُسْخَتَيْنِ النُّسْخَةُ الَّتِي فِي التَّحْقِيقِ وَنُسْخَةٌ، وَلَا يُحَصَّنُ الزَّوْجَيْنِ بِإِسْقَاطِ بِهِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ أَيْضًا [قَوْلُهُ: مُفَسِّرٌ إلَخْ] أَيْ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: وَسَبْعًا بِالرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ] أَيْ بَعْضُهُنَّ بِالرَّضَاعِ وَبَعْضُهُنَّ بِالصِّهْرِ، وَهِيَ قَرَابَاتُ الزَّوْجَةِ وَحَلِيلَةُ الْأَبِ وَحَلِيلَةُ الِابْنِ فَاَلَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ بِالرَّضَاعِ اثْنَتَانِ الْأُمَّهَاتُ وَالْأَخَوَاتُ، وَبَقِيَّةُ السَّبْعِ حَرَّمَهُ اللَّهُ بِالصِّهْرِ وَبَقِيَّةُ مَا يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ تَمَامُ السَّبْعِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السُّنَّةِ.

قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: الْمُحَرَّمُ بِالصِّهْرِ أَرْبَعٌ زَوْجَةُ الْأَبِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ وَأُمُّ الزَّوْجَةِ وَابْنَتُهَا. [قَوْلُهُ: فِي رَحِمٍ] أَيْ وَهِيَ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ فَالْمُشَارِكَةُ فِي الصُّلْبِ هِيَ الَّتِي لِلْأَبِ وَاَلَّتِي فِيهِمَا مَعًا هِيَ الشَّقِيقَةُ. [قَوْلُهُ: مَعَ أَبِيك] أَيْ أَوْ جَدِّك، وَعَمَّاتُ الْآبَاءِ، وَعَمَّاتُ الْأُمَّهَاتِ، وَعَمَّةُ الْعَمَّةِ تَحْرُمُ عَلَيْك، إنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قِبَلِهِ، وَقِبَلِ الْأُمِّ، وَأَمَّا مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَلَا تَحْرُمُ قَالَهُ تت، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ إلَخْ أَيْ الْعَمَّةُ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَمَّةِ لَا لِعَمَّةِ الْعَمَّةِ، وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إلَخْ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ أُخْتَ أَبِي مِنْ أُمِّهِ أَبُوهَا أَجْنَبِيٌّ، وَأُخْتُهُ كَذَلِكَ، فَلَيْسَتْ بِأَصْلِيٍّ، وَلَا فَرْعِيٍّ، وَلَا زَوْجَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا فَرْعِ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِي قَالَهُ عج. وَعَمَّةُ الْعَمَّةِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أُخْتُ الْجَدِّ لِأَبِيهِ، وَمِنْ قِبَلِهِمَا مَعًا أُخْتُهُ شَقِيقَةٌ [قَوْلُهُ: {وَخَالاتُكُمْ} [النساء: ٢٣]] وَخَالَةُ الْخَالَةِ تَحْرُمُ إنْ كَانَتْ الْخَالَةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ مِنْ قِبَلِهَا، وَقِبَلِ الْأَبِ، وَأَمَّا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>